تكلمت في المقال السابق عن معنى كلمة "لغة" و"لسان" و"لهجة"، ومحاولة تحديد معانيها، كمقدمة أساسية لمحاولة تحديد نوع العلاقة التي تجمع "أو ربما تفرّق" بين اللغة العربية المعيارية (أو "الفصحى" حسب اللفظ الشائع)، وما نتكلمه - أو على الأقل نفهمه - في مصر اليوم، والذي يختلف المتخصصون في اللغة كثيرًا في تسميته.
لعل أهم ما يطلق على ما نتكلمه اليوم في مصر هو ما يلي:
1- اللغة الدارجة المصرية Egyptian colloquial language
2- اللهجة المصرية Egyptian dialect
3- اللغة المصرية الحديثة Modern Egyptian Language
4- العربية المصرية Egyptian Arabic
5- عربية القاهرة Cairene Arabic
التسميتان الأوليان هما الأكثر تداولًا بين الباحثين العرب عمومًا، لأنهما تؤكدان كون ما نتكلمه الآن في مصر هو فرع عن اللغة العربية المعيارية، لكنه دون الأصل في المستوى والشأن، وربما كانت الحياة أفضل لو لم نتكلمه من الأصل.
التسميتان التاليتان أكثر انتشارًا بين المتخصصين في الدراسات العربية في الغرب، كونهما أكثر حيادية ولا تتعاملان مع هذا "الشيء"، الذي نتكلمه في مصر بدونية واحتقار.
أما التسمية الأخيرة فرغم كونها أقل انتشارًا من سابقتيها إلا أنها أكثر دقة (وسنعود لهذا فيما بعد)، وكذا هي اختيار أحد أهم دارسيها؛ ألا وهو مانفريد ڤويديتش (Manfred Woidich)، صاحب أهم مرجع في دراسة هذا "الشيء": "العربية القاهرية: قواعد"Woidich, Manfred (2006). Das Kairenisch-Arabische, Eine Grammatik. Wiesbaden: Harrassowitz.
على المستوى الشخصي، وفي المجال البحث الأكاديمي، فأنا أستخدم مصطلح "العربية المصرية (Egyptian Arabic)"، وإن كنت لا أنكر ميلي أيضًا لمصطلح "اللغة المصرية الحديثة (Modern Egyptian Language)" دون خلطه بما كان يتكلمه قدماء المصريين، حيث إن العلاقة بينهما ليست عضوية، وإن كان بالطبع ثمة تأثير وتأثر بينهما.
أما خارج النطاق الأكاديمي فأنا أحبذ استخدام مصطلح آخر للإشارة لهذا "الشيء" الذي نتكلمه في مصر اليوم، ألا وهو "لغة مصري"، وسوف أشرح في المقال القادم أسبابي بالتفصيل.وللحديث بقية.. إن كان في العمر بقية..