فى العمر «أطفال».. وفى الهم «عواجيز»
صورة أرشيفية
أعمارهم صغيرة لا تتناسب مع حياتهم التى تمتلئ عن آخرها بالهموم وتثقلها المسئوليات الكبيرة التى أوكلت إليهم «قضاء وقدر» دون اختيار منهم، وبلا توقع مسبق، فجأة وجدوا أنفسهم مضطرين للعمل، وفجأة وجدوا أنفسهم مضطرين لتحمل مسئولية الآخرين، وفجأة وجدوا أنفسهم فى أدوار أخرى لا تمت بصلة لأدوار من هم فى مثل مرحلتهم العمرية التى توصف بأنها مرحلة «طفولة»، لكن طفولتهم لا دليل عليها إلا السن فقط، بينما يؤكد كل شىء آخر فى حياتهم عكس ذلك.
«الوطن» ترصد حكايات الطفولة الضائعة بين «العمل المبكر» و«مسئوليات الأسرة»
مهن شاقة يقومون بها، بين «بهدلة» ورش ميكانيكا السيارات و«خطورة» العمل مع نار اللحام والحديد و«الأذى» النفسى والجسدى نتيجة العمل فى جمع القمامة والمخلفات وإجهاد «اللف فى الشوارع» لساعات طويلة، كل ذلك ليس إلا النصف الأول من المعاناة، فيما يبدو النصف الآخر أكثر وطأة وأشد ألماً، أحدهم يعول أمه وشقيقيه، وآخر مسئول عن أشقائه الصغار الذين يكبرهم سناً، وثالث لم يكن الأكبر لكن المسئولية لم تختلف بحكم أنه «الأخ الوحيد» لثلاث فتيات حتى لو كانت هناك اثنتان منهن تكبران عنه سناً، أما رابعهم فوجد نفسه مضطراً لمغادرة مدرسته دون أن يعود لها مجدداً بناءً على طلب والده لمساعدته فى محل إعداد الفطائر الجاهزة، استيقظ ذات يوم للذهاب إلى العمل وليس إلى طابور الصباح، «ثمن الفطيرة أكثر جدوى من فائدة الحصة المدرسية»، هكذا تكون حسابات الأهل أحياناً، أو بالأدق هى حسابات الحياة حين تضيق على أهلها، ويصبح «الجنيه» أهم من أى شىء، مهما انخفضت قيمته.
نماذج ليست فريدة من نوعها، فملايين آخرون يقفون فى نفس خانة «الطفولة الضائعة»، لا يعرفون ماذا يخبئ لهم الزمن، ولا يكترثون كثيراً بمثل هذه الأسئلة والافتراضات المستقبلية، هم أبناء اللحظة التى يعايشونها، لم يختاروا ماضيهم، وعلى الأرجح لن يكون لهم حق التصويت على المستقبل.