لم يعد غريباً على أذنيك أن تسمع أصوات همهمات بين المواطنين أو حتى المسئولين عن وجود خيانة أو اختراق لجهاز الشرطة، عقب كل عملية إرهابية تستهدف أرواح ضباطنا وجنودنا، يبدأ الأمر هادئاً ويتحول رويداً رويداً إلى سؤال صاخب: من أين علم الإرهابيون بخط سير قوة الكمين أو الدورية الأمنية؟ من سرّب هذه المعلومات؟ من ضحى بدماء إخوانه وأصدقائه؟!
تنتشر الأسئلة وتتوه الإجابات، تعلو نبرتها بحدة عقب استشهاد أفراد من الشرطة، وتخفت حينما يمر على الحادث أيام وأيام، ينساها الجميع إلا جهة واحدة فقط، تعمل فى صمت، تراقب فى هدوء، تسعى لاصطياد المقصر والمخطئ قبل الخائن، وترفع راية التطهير، هذه الجهة هى قطاع التفتيش فى وزارة الداخلية.
متابعة جهود قطاع التفتيش تؤكد لك أن إرادة قوية للتطهير موجودة داخل أروقة وزارة الداخلية ربما تكون حركتها أبطأ مما تريد أو مما ينبغى ولكنها موجودة، بدليل أننا نجد لشكاوى المواطنين صدى، ونجد الوزارة بنفسها تكشف بشجاعة عن المخطئ والمتورط من ضباطها فى قضية عصابة الدكش، وتحقق وتعلن عن وجود تحفظات لأربعة ضباط يشتبه تورطهم فى خيانة زملائهم الشهداء فى حادث حلوان.
كعادته انفرد زميلنا سامى عبدالراضى وزملاؤنا فى «الوطن» بتفاصيل متابعات وزارة الداخلية لقضية الضباط الأربعة المختفين، وما يدور حولهم من شكوك فى تورطهم بالإرشاد والتعاون مع الإرهابيين الذين اغتالوا أفراد دورية حلوان الأمنية قبل أيام.
معلومات «الداخلية» قالت بشفافية واضحة إنهم انقطعوا عن العمل من 29 أبريل الماضى، ووفقاً لقطاع الأمن الوطنى تم نشر صورهم والإبلاغ الفورى عند التعرف على أحدهم، وذكر أسماء الضباط رباعية وتواريخ ميلادهم وسنة تخرجهم.
السابق من كلام كما يعنى أن فى «الداخلية» يداً تعمل للتطهير، يقول أيضاً إننا ما زلنا نعانى مما زرعه الإخوان من خونة داخل مؤسسات وبعض المصالح الحكومية فى الدولة المصرية بهدف السيطرة عليها لخدمة التنظيم الإخوانى لا الوطن، وإن الخلاص من هذه البذور الفاسدة والخائنة التى زرعها الإخوان فى «الداخلية» أو غيرها، يستدعى أن يتوقف النشطاء وأهل المعارضة وكل من له خصومة شخصية مع وزارة الداخلية، أن يتوقف عن الشماتة فى الوزارة والجهاز الأمنى، لأن الشماتة فى دماء ضباطنا وجنودنا خيانة، هذا وقت الإحساس بالمسئولية المشتركة لمواجهة تغلغل الإرهاب بين صفوفنا، وفى هذا النقطة تحديداً يتحول شكر قطاع التفتيش فى وزارة الداخلية إلى واجب، نشكرهم لأنهم يقومون بأصعب المهام، يتابعون الآن 4 ضباط وغيرهم مشتبه فى أنهم يبيعون دماء زملائهم للمتطرفين، ومن قبلهم كشفوا ببسالة وشجاعة عن أكثر من 15 ضابطاً ولواء وأمين شرطة يتعاونون مع عصابة الدكش فى القليوبية، بخلاف ما يكشفونه بشكل دورى من سلبيات أو تجاوزات من قبَل أفراد «الداخلية».
هذا القطاع له دور مهم فى إعادة وضع الجهاز الأمنى على مساره الصحيح، يستدعى الدعم والتشجيع، فهو كما الشمعة المضيئة وسط أداء مرتبك، لأن أولى خطوات تصحيح المسار هى تطهير البيت من الداخل، وإن كانت الإرادة موجودة الآن لفعل ذلك ولكنها تختفى خلف بعض من التقصير والتجاوز، فأعتقد أن إظهارها للناس فى هذا التوقيت أصبح واجباً على وزير الداخلية وقيادات الوزارة حتى يجدوا الدعم والمساندة فى تلك الخطوة المهمة.