التلاعب فى سوق الدواء: المصانع وشركات التوزيع والصيدليات تستفيد.. و«مش مهم» المواطن
المواطن هو الخاسر الوحيد بعد رفع الأسعار
أثار قرار وزير الصحة بزيادة أسعار أصناف الدواء الأقل من 30 جنيهاً حالة من الجدل داخل الشارع المصرى من ناحية، وبين شركات إنتاج الدواء والصيادلة من ناحية أخرى، مع عدم إلزام القرار الحكومى الأخير شركات الإنتاج والتوزيع بتطبيق الزيادة بعد يوم صدور القرار، على أن تتم الزيادة على الأدوية المنتجة بعد صدور القرار فقط، وليست المنتجة بتواريخ قديمة، وهو ما استفادت منه بالطبع شركات الأدوية وشركات التوزيع، لأنها تحتفظ بملايين العبوات فى مخازنها منذ فترة بجانب الصيدليات التى كانت تحتفظ أيضاً بمئات العبوات من الأصناف المختلفة، التى شملها قرار الزيادة، وبالتالى فإن الخاسر الوحيد هو المواطن البسيط، الذى يقع الآن فريسة سهلة للشركات التجارية التى تتلاعب فى سوق الدواء دون أدنى رقابة.
نقيب «الصيادلة»: تنفيذ قرار الحكومة يحافظ على حق المريض.. والتسعير على العلبة وليس الشريط
النقيب العام لصيادلة مصر، الدكتور محيى الدين عبيد، يقول: «طلبنا كان تحريك الأسعار كما جاء فى قرار رئيس مجلس الوزراء ووزير الصحة، من جنيه حتى 30 جنيهاً كحد أدنى 2 جنيه وحد أقصى 20%، لتكون بـ6 جنيهات فقط، لكن لا يوجد حساب بالشريط أو الأمبول، حق المريض هو تنفيذ قرار رئيس الوزراء وليس الالتفاف عليه، حق الصيادلة 25% على جميع الأدوية التى زاد سعرها، والتى لم يزد طبقاً لقرار 499 وأى شركة لا تطبق القرار علينا أن نقاطعها».
ويضيف «عبيد» على صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعى، «فيس بوك»: «قرار التسعير صدر من رئيس الوزراء على العلبة ولن نسمح بالزيادة على الشرائط، الريفو ارتفع من 0.75 إلى 2.75 جنيه، وبروفين أكياس ارتفع من 25 جنيهاً إلى 65 جنيهاً، فايركتا ارتفع من 18 إلى 30، لا بد من إعادة النظر فى القرار فوراً، أين زيادة نسبة الـ20% كحد أقصى؟».
ويقول الصيدلى جرجس عزمى: «تصرفات شركات الأدوية الأخيرة أفسدت قرار وزير الصحة وتحايلت عليه لتحقيق مكاسب كبيرة، حكاية التسعيرة على الشريط والأمبول مسألة غير جيدة، وإحنا مش عارفين نشتغل، وكمان إحنا اللى فى الوش مع الزبون، يعنى الواحد ممكن على آخر الزمن يطلع حرامى لأنه باع بسعر غلط، الموضوع ده عايز حل سريع وينزل كتيب بالأسعار من النقابة والصيادلة يصوروه».
«عوض»: شركات التوزيع لديها ملايين العبوات القديمة وتبيعها الآن بالسعر الجديد.. و«المريض بيدفع الفاتورة»
وأضاف: «من المتوقع أن نقوم بالتصعيد ضد شركات الأدوية فى الجمعية العمومية الطارئة المقبلة، والتهديد بغلق الصيدليات وعدم سداد المطالبات، وسنطالب بنسخة تسعير لجميع الأصناف، وتكون مختومة بخاتم الوزارة والنقابة، وتحريك وزارة الصحة التفتيش الصيدلى لمتابعة التطبيق، وتحريك دعاوى قضائية ضد غرفة صناعة الدواء لاتهامها بالنصب على الصيادلة والمواطنين والتلاعب بأسعار الأدوية».
ويقول الدكتور محيى إبراهيم، صيدلى: «القرار صحيح ١٠٠٪، لكن المشكلة فى التطبيق، لذا وجب علينا أن نوضح تفصيلياً جميع الحالات التى يشملها القرار، بمعنى أن يتم تطبيق القرار على العبوات المنتجة من الشركات لآخر تشغيلة أو التشغيلات خلال العام الماضى، إزاى دواء يتداول منذ خمس سنوات بالعلبة ويتم كتابة الكمية فى الفواتير التجارية بالعلبة واحتساب الوحدات فى جميع التعاملات التجارية بالعلبة وحالياً أصبحت العبوة شريط؟ ده طبعاً لتحقيق الربح على حساب المريض، هذا جشع واستغلال للمريض بشكل غير طبيعى من قبل شركات الأدوية، والحل هو مقاطعة الشركات التى تصر على المحاسبة بنظام الشريط أو الأمبول مع توجيه الصيادلة للمرضى بالبدائل الأخرى الجيدة».
ويقول الدكتور جابر عوض، صيدلى بمحافظة البحيرة: «قبل توضيح الأزمة الحالية علينا أولاً معرفة نظام تحديد سعر الدواء فى مصر، كان التسعير يتم وفقاً لاجتماع بين مسئول التسعير بوزارة الصحة ومسئول الشركة بعد الاطلاع على تكلفة إنتاج، والسعر المقترح قبل أن يتم إصدار التسعيرة النهائية لتكون جبرية وغير قابلة لمبدأ العرض والطلب، لكن هذه الطريقة كانت تتم قبل 25 سنة، وهذا يعنى أنه توجد أصناف كثيرة لم يتغير سعرها منذ ذلك التاريخ، رغم اختلاف سعر صرف الجنيه أمام الدولار، وكان وقتها الدولار يساوى 3 جنيهات ونصف الجنيه فقط، إذاً كانت هناك ضرورة ملحة لزيادة الأسعار بعد خسارة الشركات المنتجة وخاصة الحكومية منها، ورغم أنها كانت تحاول تعويض الخسارة عن طريق إنتاج أدوية رخيصة الثمن لكنها كثيرة الاستهلاك فإن دخول بعض الشركات التجارية المنافسة زاد من خسارتها».
يضيف: «كان عدد شركات الأدوية قبل عام 2000، حوالى 13 شركة فقط، لكن الآن يصل عددها إلى 75 شركة، بجانب الاختراع الجديد الذى ظهر مؤخراً وهو المكاتب العلمية، وهى تقوم بالحصول على ترخيص بإنتاج عقار معين وتصنعه بإحدى الشركات، وبالتالى أعباؤها قليلة مقارنة بالشركات، وقد زادت مؤخراً، وفى السنوات الأخيرة قامت الحكومة برفع سعر الأدوية على مراحل قليلة، 20 صنفاً كل مرة، حتى قامت بعمل زيادة عامة تلبية للاحتياجات السوقية ورفعت كل الأدوية التى يقل سعرها عن 30 جنيهاً، وحدثت الزيادة وكان المستفيد الأول منها شركات الأدوية وشركات التوزيع والصيدلى، والخاسر الوحيد هو المواطن البسيط، لأن تنفيذ القرار تم بشكل سريع وتم على الأدوية التى مر على تاريخ إنتاجها أكثر من عام، والتى يحتفظ بعدد كبير منها شركات التوزيع، تخيل لو أن شركة واحدة كان لديها 10 ملايين عبوة وأن الزيادة 20% ستربح هذه الشركات 2 مليون جنيه دفعة واحدة كحد أدنى، والمريض بيدفع الفاتورة». ويتابع «عوض»: «كان يجب أن تقرر الحكومة تطبيق الزيادة على المنتجات الجديدة فقط وليست القديمة، لأنها لن تنتجه بالسعر القديم وهو ما أحدث حالة التخبط لدى قطاع الدواء فى مصر، خاصة أن 75% من الأدوية سيشملها القرار، لأن أعدادها تزيد على 7 آلاف صنف، والأزمة الحالية سببها أن شركات الأدوية تريد أن تتعامل مع الصيدليات بنظام الشريط والأمبول، مع أنها تتعامل بنظام العبوة فى المرتجعات، رغم أنه لا يوجد مبرر لرفع سعر الأشرطة طالما أن القرار شمل سعر العبوات، لكن السبب الرئيسى فى هذا اللغط هو القرار الملحق بقرار وزارة الصحة الأول الذى صدر فى 19 مايو الحالى، والذى سمح للشركات بالتعامل بهذا النظام الغريب».