«الكرم».. قرية الطيبين تحاصر «الأزمة»
جانب من الأحداث التى شهدتها قرية «الكرم» «صورة أرشيفية»
قرية «الكرم» التى شهدت الأحداث المؤسفة بسبب شائعة علاقة غير شرعية بين ربة منزل مسلمة وشاب مسيحى، اندلعت بها نيران الفتنة التى أحرقت 3 منازل للأقباط على يد مجموعة من الشباب الغاضب من أقارب زوج ربة المنزل.. القرية تبعد عن مركز «أبوقرقاص» بمحافظة المنيا لمسافة 7 كيلومترات جنوب المحافظة، وتبعد عن مقر المحافظة بـ22 كيلومتراً، وتعداد سكانها لا يتجاوز 7 آلاف نسمة، ونسبة المسيحيين بها تتراوح بين 10 و15%.
«الوطن» توجّهت فى رحلة استغرقت 5 ساعات تقريباً من القاهرة، إلى القرية التى تقع غرب نهر النيل من مركز أبوقرقاص، للسير باتجاه القرية، تبدأ رحلة الذهاب من طريق «مصر - أسيوط الزراعى»، وهو طريق مرصوف بالأسفلت فى اتجاه واحد للقادم من القرية والمتجه إليها، وعلى جانبى الطريق توجد الأراضى الزراعية، بعد السير لمدة 14 دقيقة بدأنا نسأل عن القرية، وكان دليلنا للوصول إليها المزارعون، وفى وسط الطريق الذى يتجاوز طوله 7 كيلومترات ينتهى الطريق المرصوف بالأسفلت، ويبدأ الطريق غير الممهد للسير بأى سيارة، ولا توجد أعمدة إنارة.
القرية يحدُّها من الاتجاه الشرقى جبل، ومن الاتجاه الغربى مصرف «ترعة» لرى الأراضى الزراعية، ومن الجنوب «عزبة أبومخلوف» ومن الاتجاه الشمالى أراضٍ زراعية.
فى مدخل القرية طريق يُسمى «الجسر»، وهو الطريق العمومى، ولا تتجاوز مساحته 20 متراً عرضاً، وعلى جانبيه مبانى القرية متنوعة التكوين بين طابق وطابقين، ومساحاتها تتراوح من 60 متراً إلى 200 متر.. تابعنا فى سؤالنا عن أماكن المنازل المحترقة، فوجهنا الأهالى إلى ناحية الاتجاه الشرقى فى اتجاه الجبل، وأول منزل شاهدناه محترقاً هو منزل السيدة العجوز «سعاد» ضحية الفتنة، التى أثيرت ضجة حولها، بسبب تجريدها من ملابسها. المنزل على مساحة 200 متر، مقام على طابقين، به 3 أبواب، والشارع به 10 أمتار، ما تبقى منه من حطام وحريق ودراجة نارية محترقة، المنزل المواجه له هو منزل المتهم «مجدى» ونجله «محمد» (مقبوض عليهما)، وتعيش داخله والدة «مجدى»، التى قامت بحماية «الست سعاد» وسترتها داخل منزلها بملابسها.
تسير عدة أمتار بالقرب من ارتكاز قوات الأمن التى تجاوز عددها 100 ضابط ومجند، من المباحث والأمن المركزى والدفاع المدنى، تحت رئاسة اللواء أحمد الأزهرى، نائب مدير أمن المنيا لقطاع الجنوب، والنقيب محمد ماهر، رئيس مباحث مركز أبوقرقاص، تصادف المنزل الخاص بالشاب الذى تردّد أنه على علاقة مع ربة المنزل المسلمة، ويُدعى «أشرف دانيال»، والمنزل مكون من طابقين ومحترق نصف محتوياته، ودراجة بخارية أمامه، والأهالى يجلسون أمام أبواب منازلهم يترقّبون الغرباء من رجال الشرطة، والقرية لا يوجد بها كنائس، وبين كل 4 منازل للمسلمين منزل أو 2 للمسيحيين، تقسيمها عشوائى، جلست ربات المنازل المسيحيات والمسلمات بجوار بعضهن، الكل يبرئ الآخر، وتحوّلت القرية إلى ثكنة عسكرية، ورحل أصحاب المنازل المحترقة عنها، يعيشون فى منازل أقاربهم أو جيرانهم.
قال الأهالى لـ«الوطن» إن تسمية القرية بـ«الكرم» راجع إلى طيبة أهلها وكرمهم، ولم يسبق أن حدث شجار أو خلاف بينهم، حيث كانت الفتنة الأخيرة هى المرة الأولى التى يحدث فيها ذلك بين أقباط ومسلمين، بعد أن كان الكل يعيشون سواسية.
من ناحية أخرى، كثفت أجهزة البحث الجنائى فى المنيا جهودها لضبط المتهمين.
وفجرت المصادر مفاجأة، بتأكيدها أن «زوج ربة المنزل المسلمة، ليس مطلوباً فى الواقعة، ولا يزال موجوداً فى القرية، فهو مطلوب للإدلاء بأقواله فى المحضر المحرر ضده من جانب زوجته، وتتهمه بالتشهير بها، وادعاء ارتباطها بعلاقة مع صديقه المسيحى أشرف عبده».
وخلال تحقيقات نيابة أبوقرقاص فى الواقعة، أمس الأول، أنكر المتهمون الخمسة جميع الاتهامات المنسوبة إليهم من أصحاب المنازل المحترقة، كما أكدوا عدم صحة اتهام السيدة سعاد لهم بتجريدها من ملابسها، والاعتداء عليها بالضرب، مشيرين إلى أنهم خرجوا من منازلهم على الصراخ فى الشارع، فشاهدوا تجمعاً لعشرات المواطنين أمام منازل الأقباط.
ومن جهته، نفى عمدة قرية الكرم، عمر راغب، تعرض السيدة للتجريد من ملابسها أو تعريتها أو سحلها أو زفها فى الشوارع، مؤكداً: «هذا الكلام شائعات مغرضة، ومن المستحيل أن تحدث فى القرية، وأتحدى أن يثبت أى شخص ذلك، فما حدث هو أن ملابسها تمزقت بفعل الخناق والشد والجذب».
وطالبت السيدة عنايات أحمد، 65 سنة، التى استضافت جارتها المسيحية سعاد فى منزلها، بالإفراج عن نجلها وحفيدها اللذين تم القبض عليهما خلال الأحداث الأخيرة، منذ أسبوع، مؤكدة «ابنى مجدى أنقذ سعاد، وأحضرها إلى بيتى لأسترها»، وأضافت أن حفيدها محمد شارك مع والده فى إخماد الحريق الذى أشعله صبية «صِيع»، على حد قولها، ورغم ذلك تم القبض عليهما.