إذا قامت مذبحة فى حلب استهدفت البعث العلوى السورى، قالوا فى دمشق إن تحالف كامب ديفيد هو المسئول، وإذا قامت الحرائق المدمرة فى أنحاء سوريا احتجاجاً على ديكتاتورية البعث قالوا إن تحالف كامب ديفيد هو المسئول، وإذا سقط عشرات القتلى بجرائم اغتيالات مستمرة من كل الأطراف المتصارعة فى سوريا، قالوا إن تحالف كامب ديفيد هو المسئول، كل حدث يصيب هذه النظم الورقية التى تحكم بالحديد والنار، يجب أن ينسب إلى مصر، وإلى قرارات مصر من أجل السلام، بقى أن يقولوا إن مصر هى المسئولة لو أصيب حافظ الأسد بالزكام، هذا الأسلوب الديماجوجى لن يوقف حل القضية، كما لن يفلح فى حماية هذه الأنظمة الديكتاتورية التى تحكم بالحديد والنار، وتضع كل أخطائها وجرائمها وفشلها على شماعة النظام فى مصر، وهل مصر هى المسئولة عن فشل مشروعات الوحدة بين العراق وسوريا، وقد أطلقوا حملات الدعاية لهذه الوحدة التى ستحل محل الجبهة المصرية فى السودان، والتى ستحقق المعجزات من أجل القضية العربية، وقلنا حينئذ إن هذا تهريج، وإن هذه الوحدة لن تتحقق لسبب بسيط، وهو أن كلاً من البعثيين فى البعث السورى والبعث العراقى يخفى خنجراً للآخر، وأنهما يتنافسان على الزعامة والسلطة، وأثبتت الأيام صدق كل ما قلناه ولم يتحقق إلا الشعارات الكاذبة الجوفاء، فهل مصر هى المسئولة عن هذا الفشل؟ وقلنا إن أى تحالف مزعوم بين المنظمات الفلسطينية والملك حسين هو أكذوبة إعلامية لن تتحقق، لأن الملك يريد أن يحكم الضفة الغربية، ولأن المنظمات تريد الإطاحة بعرش حسين، ولأن الملك حسين اكتشف مؤامرة فلسطينية لاغتياله فى طائرة، وأذيع أخيراً أن حكومة الأردن رفضت إعطاء تأشيرات الدخول للفلسطينيين، فهل مصر مسئولة عن هذا الفشل؟ وقلنا إن العراق له أطماعه فى الخليج التى تعرفها دول الخليج، وأن الصدام متوقع بين إيران والعراق حول هذه الأطماع، وأن أمن الخليج سيواجه أزمة كبرى، ودول الخليج بعيدة عن مصر، لكنهم حرضوا إيران على أن تقطع علاقتها بمصر دون سبب أو مبرر مقبول، وارتفعت أصوات النفاق الكاذب لثورة إيران، ثم تتابعت الأحداث لتؤكد أن ما قلناه هو الحقيقة، وتحذر من الصراع بين العراق وإيران، ولا تزال دول الخليج حائرة فى البحث عن ضوابط أمنها، فهل مصر هى المسئولة عن هذا الوضع المؤلم الجديد؟ إن استمرار الدول العربية فى الخط المعادى لمصر، لن يجدى فى حل مشكلة أو قضية، بل هو سيعقد كل المشكلات والقضايا، وأن أى محاولة صناعية لهز الروابط الوثيقة بين مصر والدول العربية المعتدلة ودول الخليج، لن يؤدى إلى نتيجة، فما الحل؟ لا بد من وقفة عاقلة، لا بد من عودة للحق والعقل، والحق والعقل يقولان إن طريق السلام هو الطريق الأوحد، وأن كل الإمكانيات العربية يجب أن تتكتل لدعم طريق السلام، ويجب أن تنسق أدوارها حتى يتحقق الانسحاب الإسرائيلى الكامل من الأراضى المحتلة، وحتى يتقرر حق المصير للشعب الفلسطينى، وحتى تحل مشكلة القدس، هذا هو الوضع، وهذا هو السبيل، أما الاستمرار فى الانقياد وراء تهريج وأطماع هذه الحكومات فى بغداد ودمشق وطرابلس، فهو استمرار فى الطريق المسدود.
الأخبار
الخميس 2 أغسطس 1979