الشيخ المراغى فى 1945: أطالب رئيس الوزراء أحمد ماهر بحل «الإخوان»
مصطفى المراغى
ملابسات مطالبة الإمام الأكبر بحل الجماعة:
كانت علاقة الشيخ المراغى بحسن البنا علاقة وطيدة، بالنظر إلى أن البنا أسس جماعة دعوية غرضها الوحيد الدعوة للفضائل والتربية، ولذلك حدث تجاوب بين المراغى والبنا فى سنة 1935، فعندما ذهب البنا ومعه عدد من الإخوان، وقابلوا الشيخ المراغى، وسلموه رسائل متعلقة بإصلاح التعليم الدينى، كما بعث مرشد الإخوان برسالة إلى شيخ الأزهر مصطفى المراغى يدعوه لمقاومة «بوائق الإلحاد الإباحية الجامحة وتقوية سلطان الدين فى النفوس»، وعندما توفى رشيد رضا ووقع الاختيار على البنا لرئاسة مجلة «المنار»، سعد شيخ الأزهر مصطفى المراغى بذلك، وأشادت جريدة الإخوان بما قاله.
لكن ظهر للشيخ المراغى الوجه الحقيقى لجماعة الإخوان، وتبين له أن الأمر لا يعدو عن كونه وسائل مختلفة غرضها تحويل الجماعة إلى مرجعية بديلة من غير أن تكون مؤهلة لهذا الأمر، فأباحت لنفسها الفتوى فى الدين. ومن هنا طالب الإمام المراغى بحلّ الجماعة، وهو بذلك أول عالم دين ورمز مصرى يطالب الحكومة بكل وضوح بحلّ جماعة الإخوان.
فمع توالى إصدار الجماعة لفتاوى على يد مرشدها للرد على ما يجول فى خاطر الجماهير طوّر الإخوان فى فكرة هذه الفتاوى، وأسسوا ما عُرف بـ«قسم الفتوى» وله لائحته الخاصة به، وكان هذا القسم الذى أنشأته الجماعة عام 1945م هو مرجعية الإخوان فى الفتوى، ولم يكن اتصاله بالأزهر أمراً ملزماً، وإن حدث يكون فى بعض المسائل الخلافية، وبذلك صار لجماعة الإخوان مرجعية خاصة بها وبجماهيرها فى الإفتاء، بعد أن كان قلم الإفتاء الشرعى لكل المصريين هو دار الإفتاء المصرية، وهيئات الأزهر الشريف.
هذا، وقد جاء فى مواد لائحة قسم الفتوى ما يلى: مادة (1): تمحيص المسائل الفقهية التى تُعرض على مكتب الإرشاد العام، وبيان الرأى الإسلامى الصحيح، وهى بذلك قلم الإفتاء الشرعى للإخوان، ومن مهمتها النظر فى الدساتير والقوانين الوضعية، ومدى انطباقها أو مخالفتها للإسلام.
مادة (2): وبناء على هذه المادة الأولى تُقسم لجان القسم الشرعى إلى:
أ- لجنة الإفتاء، ومهمتها: الإفتاء فيما يُعرض على المركز العام من استفتاءات شرعية، ويحسن أن تتصل هذه اللجنة دائماً بلجنة الفتاوى بالأزهر فى الموضوعات التى يكثر فيها الاختلاف.
ب- لجنة الدراسات الفقهية، ومهمتها: إعادة النظر فى أصول الفقه الإسلامى، وأطوار التشريع، وأمهات العقائد، والعبادات، والسنن، والمبتدعات.
ج- لجنة الدراسات الشرعية، ومهمتها: دراسة المعاملات الطارئة، وتمحيص الآراء الجديدة، واستنباط أحكامها الإسلامية بحسب القواعد الشرعية كنظام المصارف، وأعمال البورصة، والتأمين على الحياة وصندوق التوفير، والأسهم والسندات.
د- لجنة الدراسات الدستورية، ومهمتها: دراسة تاريخ النظريات السياسية، ونظم الحكم العالمية، وبيان رأى الإسلام فيها، هذا ولمكتب الإرشاد تغيير أو تعديل هذه اللائحة فى أى وقت.
رأى الإمام المراغى، شيخ الأزهر، أن جماعة الإخوان تريد خلق مرجعية موازية للأزهر دون أن تكون مؤهلة للأمر لا من بعيد أو قريب، حيث صار للجماعة قلم إفتاء خاص بها، وعلى أثر ذلك كان الاقتراح الذى تقدم به فى 1945م إلى أحمد ماهر، رئيس الوزراء، يطالبه بحلّ جماعة الإخوان والجماعات المماثلة، لأنها أباحت لنفسها حق إصدار الفتوى ونشرها على الناس، لكنه توفى فى نفس العام قبل أن يتحقق طلبه. وقد أبرزت مجلة «الإخوان المسلمون» مطالبة شيخ الأزهر الإمام المراغى بحلّ الجماعة فكتبت تحت عنوان «أربع محاولات لحل جماعة الإخوان»، تقول: «والمرة الثالثة لحل جماعة الإخوان كانت فى وزارة أحمد ماهر باشا، وكان الحل هذه المرة بناء على طلب الشيخ المراغى الذى طالب بحل جميع الهيئات الدينية ومن بينها جمعية الإخوان المسلمين، لأن هذه الهيئات أباحت لنفسها استصدار الفتوى ونشرها على الناس كل بما يتفق وأغراضها، لكن الإمام المراغى مات قبل أن ينفذ رغبته.
من كتاب موقف الأزهر وعلمائه من جماعة الإخوان