بطل «فبراير الأسود»: تنبأت بالهجوم على أقسام الشرطة فى «هى فوضى»
من جديد رفع ميدان التحرير لافتة «كامل العدد»، وفتح الميدان حضنه لكل المصريين باختلاف انتماءاتهم وأفكارهم وأهدافهم، وفى الوقت نفسه فتحت دور العرض أبوابها للجمهور بأفلام جديدة يراهن صناعها على رسم حالة من السعادة على وجوه أناس أرهقها التفكير فى «بكرة» والانشغال بألغاز السياسة.
فى مقدمة الفنانين المغامرين بالعرض فى الذكرى الثانية للثورة يأتى الفنان خالد صالح، الذى يعرض له الآن فيلم «فبراير الأسود»، الذى يرصد من خلاله المقدمات والأسباب التى أدت إلى اشتعال الثورة. ويؤكد خالد صالح أن الفنان لا يسكن الهامش فى الحياة السياسية، لأنه يعبر عن أفكاره وآرائه من خلال الأعمال الفنية، ويعترف بأنه كان متفائلا بالمستقبل، لكنه فوجئ بواقع صادم ورافض للفن، الأمر الذى جعلهم فى خانة الدفاع عن النفس طوال الوقت رغم عدم وجود ذنب يستحقون العقاب عليه.
* بداية، ألا تتفق معى فى أن عرض فيلم «فبراير الأسود» فى هذا التوقيت الملتهب سياسياً يعد مغامرة محفوفة بالمخاطر؟
- بكل تأكيد مغامرة، ولكن أى إنسان وطنى مطالب بالعمل والاجتهاد، ونحن نعمل فى ظروف صعبة، والعزوف عن الشغل يهدد صناعة السينما، لذا أنا أحب كل فنان ومنتج يغامر بالعمل فى ظل الظروف السياسية الصعبة. وعلى كل حال أقدم فى فيلمى الجديد فكرة جيدة، أتمنى أن تنال رضا الجمهور والنقاد.[Image_2]
* «فبراير الأسود» هو التعاون الأول بينك وبين المخرج محمد أمين، فكيف ترى هذه التجربة؟
- محمد أمين مخرج ومؤلف العمل، وأنا لأول مرة يجمع بينى وبينه عمل واحد، وأتمنى أن ينجح، ولا أبالغ إذا قلت إننى سعيد بالعمل معه، لأنه يمتلك رؤية خاصة فى أعماله. وفيلم «فبراير الأسود» يدور حول مقدمات الثورة، من خلال دكتور علم اجتماع متفائل جدا ومقبل على الحياة، وتحدث ظروف سيئة وغير متوقعة فى إجازة نصف العام التى كان ينتظرها هو وزوجته وأولاده، والأحداث ليست لها علاقة بتنحى الرئيس السابق.
* فى رأيك إلى أى مدى يؤثر الفن فى الواقع السياسى؟
- بالتأكيد الفن يؤثر، وهناك أعمال فنية كثيرة ناقشت الفساد الذى كان موجودا أيام مبارك، وهناك أعمال تكلمت عن عدم رؤية الآخر، والاستهانة بالمعارضة، وصعوبة الحصول على قوت المواطن المصرى، والقمع والديكتاتورية، فالفن قبل الثورة رصد نقاط الخلل فى المجتمع، وبالتالى كان له أثر كبير فى اشتعال ثورة يناير.
* تردد أنك تشعر بالندم على فيلم «هى فوضى»، لأنه ساهم فى تشويه رجال الشرطة؟
- إطلاقاً، أنا غير «ندمان» على فيلم «هى فوضى»، ومؤمن دائما أن دور الفن هو أن يوعى الناس، وأيضا يخفف عنهم، وممكن جدا تدخلى فيلم « artistic»، ولا يوجد داخل محتواه المضمون الجيد وتستمتعى جدا، وتوجد فى السينما المصرية أفلام مثل «عمارة يعقوبيان»، وهو فيلم تكلم عن الفساد، وأيضا فيلم «تيتو» ناقش فساد رجال الشرطة وفساد رجال الأعمال. وتوجد نماذج كثيرة الفن يعمل عليها «سبوت»، مثلا توجيه المشاهد والمواطن المصرى إلى أن هناك مشاكل وقصوراً وفساداً فى كذا، وأيضا تسليط الضوء على الإيجابيات الموجودة فى المجتمع، فهذا هو دور الفن.
* ما وجه الشبه بين سيناريو فيلم «هى فوضى»، وحوادث اقتحام أقسام الشرطة التى حدثت فى الواقع؟
- الفترة التى قدم فيها فيلم «هى فوضى» الشرطة كانت تتوغل بشكل غير مقبول إطلاقاً، وليست قيادات الشرطة التى أقصدها، لأن الشارع المصرى كان يتعرض لأمين الشرطة بالتحديد، وكان أمين الشرطة يمتلك صلاحيات أكثر من اللواء، ويقال إنك إذا كنت تريد أن تنجز أى شىء فى مصلحة حكومية، اذهب للصغير وليس الكبير! فكان فى تلك الفترة أمين الشرطة رمزاً للتسلط والسيطرة والعنف وعدم الوعى، والفيلم تنبأ بما حدث فى الواقع، لذا يحسب للمؤلف ناصر عبدالرحمن رؤيته الجيدة للعلاقة بين الشرطة والشعب. وبالمناسبة، كلما تذكرت مأساة الشرطة يوم 28 أضحك وأتوقع أن تظهر خبايا كثيرة خلال الفترة المقبلة، وأنا أعتقد أن هناك أشخاصا استغلوا فترة الارتباك.
* الفنان دائماً على هامش الحياة السياسية، متى سيتغير هذا المفهوم ويتغير رأى المجتمع فى الفنان؟
- الفنان لا يسكن الهامش فى الحياة السياسية، فهو يمارس السياسة فناً من خلال أعماله، وتوجد أعمال درامية كثيرة تنتقد الواقع، وليس دور الفنان أن يتكلم أو يمارس السياسة، ولكن الفن موجود فى السياسة، وليس دور الفنان أن يكون عضواً فى البرلمان، وأنا شخصيا لو عرض علىّ أن أكون نائبا فى البرلمان أو وزيرا سأرفض بشدة.
* ما رأيك فى أسلوب التيار الإسلامى السياسى، وتبريرهم لأى قرار تحت بند «الشريعة الإسلامية»؟
- طبعاً هذا أسلوب خاطئ، وكلنا خطاءون، فقد تربيت على الشريعة وتزوجت على الشريعة، وعلاقتنا فى الوطن يجب أن تكون علاقة أخلاق وليست ديناً لأن ذلك سوف يقسم المجتمع.
* كيف تتوقع شكل السينما فى زمن «الإخوان»؟[Quote_1]
- أصبحت السينما الآن أكثر تدهورا ومهددة بالانقراض، وأنا على طول الخط أدافع عن الفن وبالتحديد الفن المحترم، ولكنى الآن أدافع عن الفن بكامله، كنت متفائلاً جدا بعد الثورة مثل الجميع، وكنت أتوقع أن يزدهر الفن وكل المجالات، ولكن نحن للأسف «اتغدر بينا.. خدنا على قفانا» ودخلنا طاحونة ودوامة وأصبحنا ندافع فقط عن وجودنا.
* تردد أن جماعة «الإخوان» سوف تخوض تجربة الإنتاج السينمائى، فهل توافق على العمل معهم؟
- لن أوافق، ولا أريد منهم شيئاً، فأنا لا أفهمهم، والله أعلم بنية الإخوان المسلمين، فالمسلم من سلم الناس من لسانه ويده، ونحن لم نسلم من لسانهم ولا أيديهم، وأنا خائف على أولادى وزوجتى وكل الناس، لأنهم للأسف ليست لديهم حدود واضحة.
* ما النصيحة التى قدمها لك يوسف شاهين ودائماً تتذكرها؟
- أثناء عودتنا من مهرجان «فينسيا» الدولى، ونحن على متن طائرة الرجوع، وكان نائما، وعندما استيقظ وأنا جالس معه قال لى: «خد بالك من الورد اللى عندك»، فقلت له: مين الورد؟ فقال لى: «أولادك، لأنهم كانوا معى فى رحلة مهرجان (فينسيا)»، والنصيحة الأخرى الخاصة بعملى ممثلاً قال لى: «حافظ على مقوماتك وأدواتك، ويجب أن تكون مستعدا للتمثيل فى أى لحظة»، وكان يقول لى: «انت أطيب ممثل اشتغل معايا».
* هل كنت ممثلاً مطيعاً مع يوسف شاهين فقط؟
- بالعكس، أنا مطيع مع أى مخرج أوافق أن أعمل معه، حتى لو كان أول عمل يخرجه، لأن أى مخرج له رؤية مختلفة للممثل، وأنا محتاج أن أغير من عباءتى فى كل عمل فنى.
* البعض يرى أنك تتعمد الابتعاد عن خالد يوسف بالذات، لتثبت أنك قادر على النجاح دونه؟
- أنا نجحت كثيراً مع خالد يوسف فى معظم الأعمال التى قدمتها معه، وخالد يوسف من الأصدقاء المقربين والمهمين بالنسبة لى، ومن الفنانين الذين أحب العمل معهم، وهو قادر على تشغيلى بطريقة ممتازة، وقد يختلف الكثيرون مع دماغ خالد يوسف الفنية، ولكن لا يختلف أحد على فنية خالد يوسف بصرف النظر عن موضوعاته الجريئة والمواجِهة، وتوجد لحظات مهمة جدا بينى وبين خالد يوسف، وأنا لا أحاول الابتعاد عن خالد يوسف، فآخر عمل بيننا كان «كف القمر»، وقريبا جدا سوف توجد أعمال تجمع بينى وبينه، وأنا أرحب دائما بالعمل معه.
* هل ترى أن فيلم «كف القمر» لم يأخذ حقه بسبب عرضه عقب الثورة؟
- الحقيقة أنه ظُلم جدا بسبب عرضه فى تلك الظروف، إنما عندما عرض على إحدى القنوات الفضائية منذ فترة قليلة وشاهدته بتمعن ورأيت «قمر» الأم التى تبحث عن أولادها، خفت أن تكون نهاية مصر مثل نهاية قمر «الفيلم»، وأن نجتمع معا على أشلاء الأم «مصر»، ولا بد أن نستفيد من فيلم «كف القمر» وننظر بتمعن لنهايته ونعى الدرس، وأن نسعى بعضنا لبعض، وأن يكون مقصدنا جميعا مقصداً وحيداً وهو أن تقف مصر على قدميها.[Quote_2]
* ما سيناريو الخروج من الأزمة التى تمر بها مصر حالياً؟
- حُسن المقصد وتوحيده، وألا نتفق على أهداف ومقاصدنا مختلفة، فنرى أن كثيرا من الناس كانت تريد عزل النائب العام عبدالمجيد محمود من منصبه، ولكن مقصد تيار الإسلام السياسى كان تصفية حسابات قديمة، وليس من أجل الفساد بشكل عام.
* هل ترى أن مقصدهم فقط تصفية حسابات مع النائب عبدالمجيد محمود أو أنهم لا بد أن يتمكنوا من هذا الكرسى؟
- والله إحنا فى فترة تمكين من كل مؤسسات الدولة والنقابات والرقابة والاتحادات والمحليات، ولكن المقاومة مقاومة اجتماعية والمجتمع كله سوف يواجه.
* ما رأيك فى التشكيل الوزارى الجديد، وبقاء الدكتور هشام قنديل رئيساً للحكومة الجديدة؟
- ما ليش فيه، مش مهم الحكومة خالص، مفيش حاجة ماشية، لا كان عندى رغبة فى تشكيل جديد، ولا عندى رغبة أن أعرف من هم الوزراء الجدد، كل شىء أصبح مكرراً، وأصبح يشبه التباديل والتوافيق فى مادة الرياضيات.
* تأييدك للدكتور مرسى فى الانتخابات كان اقتناعاً به كشخص أم انحيازاً لأفكار الثورة؟
- أنا فعلا كنت من مؤيدى الرئيس مرسى، لكن رغبةً فى تفادى الفريق أحمد شفيق، وكلنا كنا إيد واحدة لكى تنجح الثورة، بس حنعمل إيه؟ نصيبنا كده! وكلنا بقينا فى مركب واحد من مؤيدين ومعارضين، ولو صح التعبير أقول إن احنا حتى لم نستطع أن نركب المركب، إحنا كلنا نزلنا البحر، وربنا يستر!
* فى مثل هذا التوقيت من كل عام كانت الاستوديوهات فى حركة دائمة، وإلى الآن لم تظهر بادرة أمل لوجود مسلسلات تعرض فى رمضان المقبل.
- المناخ الفنى مرتبك، ولا أحد يعلم إلى أين نحن ذاهبون، فالعام الماضى قدمنا أعمالاً درامية كثيرة بعد الثورة، وكان من المفروض أن هذا العام يكون أكثر استقراراً ووضوحاً، للأسف أصبحنا فى وضع سيئ جداً.
* ما رأيك فى قرار بعض المنتجين المصريين عدم تقديم أعمال درامية فى موسم رمضان المقبل بسبب الأوضاع الحالية؟
- كل صاحب رأس مال لازم ينظر للأمام خطوة أو خطوتين، ولا بد أن يكون رأس المال عاقلاً ورشيداً، ولا بد أن يعلم ماذا بعد، وحرام ينتج مسلسلاً وبعد شهر يصدر قرار بغلق القنوات الفضائية، خصوصا أنه إلى الآن يوجد منتجون من العام الماضى لم يحصلوا على بقية مستحقاتهم، وحتى الآن لا نعلم نحن إلى أى طريق ذاهبون! ولكن أؤكد أن هناك أعمالاً سينمائية تنتج حالياً، فالمخرج
الرائع داود عبدالسيد يحضر لفيلم «رسايل الحب»، بطولة منة شلبى وعمرو يوسف، وفى السينما حالياً «على جثتى» و«الحفلة»، وفيلمى «فبراير الأسود»، ولكن الأعمال لن تكون مثل العام الماضى لا فى عددها ولا جودتها.
* هل الأعمال التى سوف تنتج هذا العام وسيبدأ تصويرها أول فبراير المقبل ستكون أعمالاً جيدة ولّا «سلق بيض»؟
- الجمهور لن يسمح لنا أن نقدم لهم أعمالاً غير جيدة، والفنانون يعون هذه الملحوظة جيدا.
* حدثنا عن التعاون بينك وبين خالد الصاوى فى فيلم «الحرامى والعبيط»، وشكل وأجواء التصوير؟
- خالد الصاوى صديقى منذ 30 عاما، وكنا أصدقاء دراسة فى كلية الحقوق، وهو مؤسس فرقة «الحركة»، ومثلت فى أول فيلم قصير من إخراجه «الحب» وهو مسرحية من 3 فصول، وأخرج لى ثلاث مسرحيات أثناء الجامعة، وهو مخرج مسرحى ممتاز، وكذلك مؤلف مسرحى ممتاز، وأنا متعود عليه ومستمتع جدا بالعمل معه، وأتمنى من الله أن يستمتع الجمهور بفيلمنا معاً «الحرامى والعبيط».
* ما رأيك فى غزو الدراما التركية وانجذاب شركات الإعلانات إليها؟
- بصراحة البنات جميلة، والرجال على درجة عالية من الوسامة، والموضوعات والرومانسيات الدقيقة، والبيوت المصرية هى السبب فى انتشارها، وقد شاهدت مشهداً واحداً من مسلسل «العشق الممنوع» استمر لمدة 10 دقائق وأصبت بالملل من المط والتطويل، ولكن هدوء المزاج والحالة المستقرة نحن مفتقدون لهذا الإيقاع، فانجذبنا لهذه الأجواء، وأنا أعتقد أن 60% من نجاح الأعمال التركية يعود إلى الدبلجة السورية.