تواصل البحث عن مفقودين في موقع الهجوم الإرهابي ببغداد
صورة أرشيفية
وصلت زينب مصطفى باكية إلى موقع الاعتداء الدامي في بغداد حاملة صورة زوجها لتطلب من المسعفين والمتطوعين التعرف عليه، قائلة: "انقطعت الاتصالات بيننا ليلا" بعد أن توجَّه مع طفلينا إلى السوق لشراء ثياب العيد.
وقُتل 75 شخصا على الأقل في الاعتداء الانتحاري الذي تبناه تنظيم "داعش" في حي الكرادة المكتظ ببغداد قبل فجر الأحد، في أعنف هجوم يضرب العاصمة خلال العام الحالي.
وأجهز التفجير على ثلاثة مجمعات كبيرة أبرزها مجمع "الليث" المعروف، إلى جانب مجموعة كبيرة من المحال التجارية.
وحاصرت النيران العشرات داخل المحال التجارية ونجا بعضهم وقُتل آخرون، بحسب مصادر أمنية، نظرا لصعوبة الوصول إليهم.
وتضم المجمعات الثلاثة طوابق تحت الأرض غمرتها مياه الإطفاء الحارة، فيما لا يزال الدخان يتصاعد منها.
وتقول زينب: "خرج زوجي الساعة الثامنة مساء أمس، وكان هذا آخر اتصال بيننا، أخذ الطفلين مصطفى (4 أعوام) وعلي (7 أعوام) لشراء ملابس عيد الفطر".
وأضافت وهي شبه منهارة من البكاء: "لقد بحثنا في كل مكان، أفراد عائلتي يبحثون عنهم، وأصيبوا بالإحباط والانهيار".
من جهته، قال أحد عناصر الدفاع المدني لـ"فرانس برس" إن "قوائم الضحايا التي رايتها تضم عائلات كاملة، الأب وأبنائه، الأم وبناتها، عائلات كاملة أبيدت في هذا التفجير".
وأضاف أثناء محاولته النزول إلى طابق تحت الأرض توجد فيه محال تجارية "نحتاج إلى عدة أيام كي نستطيع استعادة جثث الضحايا، إنها مهمة صعبة".
ورغم حرارة المياه في هذا الطابق نزل عدد من الشبان الذين فقدوا ذويهم للبحث عنهم غير آبهين بخطر الدخان والنيران التي لا تزال مشتعلة.
وقال فاضل سالم (21 عاما) "تركت اثنين من إخوتي في المحل هما الآن مفقودان"، وأضاف "أعتقد أنهما لا يزالان داخل المحل هناك لكنني لا أستطيع أن أرى شيئا نظرا لكثافة الدخان".
وفي أحد المحال التي انهارت سقوفه الثانوية تجمَّع خمسة أشخاص معهم مجارف للحفر بحثنا عن أصدقائهم.
ويقول سامي كاظم، وهو موزع إنترنت على المحال التجارية، ويسكن قرب مجمع الليث: "كنت بصحبتهم فأنا أعرفهم جميعا، كلهم أصدقائي، أزودهم بخدمة الإنترنت".
وأضاف كاظم: "قبل الانفجار بلحظات تناولت عصيرا عند صديقي مصطفى بائع العصير، على جانب الطريق الذي يبعد عن التفجير ثلاثة أمتار، ذهبت إلى المنزل لأنام، وبعدها وقع الانفجار".
وتابع: "بعد الانفجار لم يكن هناك إلا النيران، كل شيء يحترق ولم أستطع رؤية مصطفى لأن مكانه بات شعلة من اللهب"، وتابع "كاظم"، وهو يبحث مع فرق الدفاع المدني وسط الركام عن بقايا أصدقائه: "لا أستطيع الدخول إلى المنزل".
وفي هذه الأثناء، عثر عناصر الدفاع المدني على جثة بين الركام تجمع حولها من فقدوا أحدا، لكنهم سرعان ما شعروا بالإحباط إذ لم تتبقَ أي معالم تدل على صاحبها، وقال أحدهم: "لا يمكن معرفة لمن تعود هذه الجثة، لقد اختفت سماتهم لا بد من إجراء فحص (دي إن إيه)".
وعلقت مستشفى الطوارئ ورقة بمجموعة من الأسماء بينهم ضحايا كُتب أمامهم "مجهول الهوية" بسبب احتراق أوراقهم الثبوتية واختفاء معالمهم.
وبدأ أقارب الضحايا تعليق لافتات سوداء على المحال التجارية التي توفي أصحابها، فيما نجا العديد من المجمعات بأعجوبة، وقال صاحب محل تجاري يدعى ساري محمد، لـ"فرانس برس"، إن "ثلاثة أشخاص اختبأوا داخل براد في الطابق الأول، وبعد أن أخمدت النيران، خرجوا أحياء"، وأضاف: "لقد قفز العديد من أسطح المباني رغم ارتفاعها، وكُسرت أقدام بعضهم، كما تعرض آخرون للرضوض".
وأغلقت قوات الأمن الطريق بشكل كامل، فيما يواصل عمال التنظيف رفع الأنقاض، واكتفت قوات الأمن بالمراقبة من بعيد، خصوصا بعد تعرض موكب رئيس الوزراء حيدر العباد للرشق بالحجارة من قبل مجموعة من الغاضبين.