وزير القوى العاملة الأسبق: اتحادات رجال الأعمال «ركبت المناقشات» وفرضت ما تريده
كمال أبوعيطة، وزير القوى العاملة الأسبق
قال كمال أبوعيطة، وزير القوى العاملة الأسبق، رئيس «الاتحاد المصرى للنقابات المستقلة»، إن قانون الخدمة المدنية سيُفسد الجهاز الإدارى وسيُجبر العاملين على «الثورة الجبانة» بالتهرب من العمل، مشيراً إلى أنه «يكرس الظلم» بين العاملين بالدولة، ويشجعهم على الفساد، حسب تعبيره.
«أبوعيطة»: يكرس الظلم بين العاملين ويشجعهم على الفساد.. ويدفعهم إلى «الثورة الجبانة»
وأضاف «أبوعيطة» لـ«الوطن» أن العلاوة هى كارثة هذا القانون وأن أجر الموظف سيتناقص بنسبة 20% سنوياً، معتبراً أن واضعى القانون يريدون «مرمغة الميرى فى التراب حتى لا يبحث عنه أحد».. وإلى نص الحوار:
■ ما أبرز اعتراضاتك على «قانون الخدمة المدنية» بعد التعديل؟
- لقد خلا القانون، بعد تعديلاته الأخيرة، من أى حلول للمشاكل المتفاقمة التى يعانيها الخاضعون له، وأهمها سوء توزيع قوة العمل، حيث تعانى بعض الأماكن من عجز شديد فى العمالة كالشهر العقارى مثلاً، بينما تكتظ أماكن أخرى بعاملين أكثر من احتياجات العمل، ولم يقدم القانون أى حل لمشكلة التفاوت الرهيب فى الأجور بين العاملين، حيث يتقاضى العاملون بالمحليات أقل أجور، بينما يتقاضى غيرهم فى مواقع أخرى مبالغ باهظة على الرغم من تساوى المراكز القانونية للجميع أمام قانون واحد. وأى قانون، فى التحليل الأخير، هو بمثابة قواعد عامة آمرة، ولكن هذا القانون للأسف لا هو عام ولا آمر، حيث يكرس التفاوت فى الأجور، كما أسلفت، ولا يحارب الفساد فى الجهاز الإدارى للدولة، وأتحدى أن يتحدث أحد عن أنه يعالج الفساد، خاصة أنه ليس به مادة واحدة تهدف لمحاربة الفاسدين، وخلوّ القانون من أى مواد لمواجهة الفساد يُعد بالتالى تكريساً له.
نسبة العلاوة فى القانون الجديد «كارثة».. وأجر العامل سيتناقص 20% سنوياً.. ولن تُجدى معه هذه «العلاوة الهزيلة»
■ وما رأيكم فى رفع العلاوة السنوية لـ7% من الأجر الأساسى؟
- العلاوة هى كارثة هذا القانون، فمعدلات التضخم فى مصر، وفقاً للبيانات الرسمية 13%، ومع استمرار الخطط الفاشلة للحكومات المتعاقبة والإصرار على عدم تشغيل مصانع القطاع العام وعملها بربع طاقتها فإن معدلات التضخم مرشحة للارتفاع، بينما تقرر الحكومة أن تكون العلاوة السنوية بزيادة 7% فقط على جزء من الأجر وليس كل الأجر، وهذا يعنى أن أجر الموظف سيتناقص سنوياً بما لا يقل عن 20%، وسيتآكل هذا الأجر نهائياً بعد 5 سنوات، فالتضخم سيبتلع الأجر، ولن تتصدى له هذه «العلاوة الهزيلة».
■ الحكومة تقول إن القانون يأتى لإصلاح الجهاز الإدارى.
- هذا خطأ، فبالعكس، القانون سيُفسد الجهاز الإدارى للدولة، وسيجبر العاملين على العودة لأحد خيارين، إما «الثورة الجبانة» التى كانت موجودة من قبل تحت شعار «على قد فلوسهم» حيث يتهرب الموظفون من العمل لعدم رضاهم عن المقابل المادى، أو «الثورة النبيلة» حيث تصاعد الغضب والسعى لتغيير الأوضاع كلياً، وستكون الأوضاع غاية فى السوء، وسيزداد «فتح الأدراج» والانحراف والفساد لاستكمال بقية الأجر الذى خصمته الحكومة من الموظف، فهذا القانون يصلح لأى بلد «اسكندنافى» وليس لمصر.
■ ما الهدف إذن من القانون.. ولماذا تصر الحكومة عليه؟
- القانون جاء لـ«تسمين» القطاع الخاص ورفع قيمة العمل به أو على الأقل مساواة العمل الخاص بالقطاع العام، وقتل مقولة «إن فاتك الميرى اتمرّغ فى ترابه»، فقد حاربت وأنا فى الوزارة ومن بعدى آخرون لتحسين ظروف العمل فى القطاع الخاص وإيجاد علاقات عمل آمنة ومستقرة، لتشجيع الناس على العمل الخاص ووقف تزاحم الناس على طابور العمل الحكومى، لكن واضعى القانون سلكوا طريقاً آخر شعاره «مرّغ الميرى فى التراب حتى لا يبحث عنه أحد»، فهم يسيرون بمنطق «المساواة فى الظلم عدل»، وحتى لا يكون أحد أفضل من الآخر، فقد ساوى القانون بين الجميع فى الظلم، سواء «ميرى أو خاص».
■ الحكومة تقول إن «اتحاد عمال مصر» كان ممثل العمال فى مناقشات القانون.
- لا يوجد فى مصر اتحاد عمال، وفقاً لأحكام القضاء، فالاتحاد غير موجود، وإنما الموجود لجنة إدارية ممثلة من عدد من الزملاء لإدارة شئون الاتحاد لحين تنظيم انتخابات جديدة، وآخر انتخابات كانت عام 2006 وكانت مزورة، وهناك أحكام بإلغائها، وهذا ما تستغله الحكومة لكى تمرر القوانين على هواها، والدور المقبل سيكون على «قانون العمل» الذى سيشهد جدلاً كبيراً لأنه أسوأ من قانون 12، فقد ركبت اتحادات رجال الأعمال المناقشات، وفرضت ما تريده من خلال سياسة «لىّ الذراع» والتهديد بالانسحاب من المفاوضات حول القانون، وأدى غياب التمثيل العمالى فى مناقشات جميع القوانين العمالية للتأثير على التشريعات.
■ ولماذا ترفض الحكومة إشراك العمال فى القوانين المتعلقة بهم؟
-الحكومة الحالية تسير فى الطريق الذى عدنا منه وهو «سكة اللى روح مايرجعش»، فهم لا يراعون سوى رجال الأعمال، وقد غاب عنهم أن الاقتصاد لا يُبنى برأس المال وحده، فهناك قوى الإنتاج التى يستبعدونها الآن من أى حوار أو مشاركة فى قوانين تخصهم وتتعلق بهم، فهناك حالة إهمال وعدم تقدير للقوى العاملة واضحة.
شعار واضعى القانون «مرّغ الميرى فى التراب حتى لا يبحث عنه أحد».. ويسيرون بمنطق «المساواة فى الظلم عدل»
■ هم يقولون إن «الخدمة المدنية» جاء لمعالجة الترهل الإدارى بالدولة.
- هل ستستغنى الحكومة عن مليون و200 ألف رجل شرطة، أو 2 مليون من موظفى ومعلمى «التربية والتعليم» أو 2 مليون من «الصحة»؟ هذا كلام غير منطقى.
■ وما البديل؟
- اقترحت على الحكومة ضرورة تهيئة الخاضعين للقانون 47، بالتدريب وإعادة انتخاب القيادات التى أتت عبر الفساد والرشاوى والهدايا وتدخل الأجهزة الأمنية، فلا بد من فتح باب المسابقات لكل إدارات الجهاز الإدارى بالدولة، وإجراء تدريب جاد، والتحرك لمواجهة الفساد، وعقد محاكمات للفاسدين، وليس الأمر أن تأتى «فجأة» بقانون من بلاد «الواق الواق» وتطالب بتنفيذه.
■ وماذا عن استثناء 2 مليون موظف من القانون الجديد؟
- باب الخراب فى أى قانون يُفتح بالاستثناءات، فهو يفتح باب الشعور بالدونية والازدراء، ولا بد من وقف أى استثناءات حتى يحترم الناس القانون، ولا يصير مثل قانون المرور الذى يُعد الأصل فيه هو تيسير المرور، ولكنه بات أداة لجمع الأموال عبر المخالفات، وتعطيل المرور نفسه، فالاستثناءات تدعو إلى عدم الاحترام من قبَل من سيُطبق عليهم القانون.
■ إلى متى ستستمر المعركة ضد قانون الخدمة المدنية؟
- مجرد إقرار القانون ليس سبباً لتطبيقه، فلن يقبل أحد من العاملين تطبيقه مهما حدث، والقانون سيؤدى لإفساد الجهاز الإدارى، وأنا واثق أن النواب الذين رفعوا أيديهم من قبل لرفض القانون سيرفضونه للمرة الثانية، أو على الأقل لن يقبلوا بتمرير أى ظلم من خلال هذا القانون.
■ وماذا تقول لنواب البرلمان الذين سيناقشون القانون بعد العيد؟
- أقول لهم: أعلم أنكم وطنيون ومنحازون لشعبكم، وهذا ما ظهر فى التصويت الأول على القانون، وأذكّركم بأن ولاءكم للشعب، وأنكم لستم كالمسئولين الذين يتبعون الأجهزة التى جاءت بهم للمناصب، فقد جاء بكم الشعب وعليكم مراعاة مصالحه، ولتكونوا على ثقة أن مستوى الوعى فى مصر زاد بعد ثورتين، والناس ليسوا ساذجين.
■لكن الحكومة أكدت أكثر من مرة وقف العمل بالقانون بعد رفضه.
- الواقع أن القانون رغم رفض البرلمان له ما زال سارياً حتى الآن، والقرارات تصدر حتى يومنا هذا استناداً للقانون 18، وبند الأجور بالميزانية العامة وُضع استناداً للقانون أيضاً، ونحن نطالب البرلمان بالتعامل مع هذا الموقف، فهو مجموعة منتخبة ولها كل الاحترام، بعد أن اختارها الشعب وليس الأجهزة كالمسئولين الحاليين، ولا بد للنواب من موقف تجاه تصرف الحكومة وإلا «مايزعلوش لما الناس تتريق عليهم».
■ وماذا تقول للحكومة بشأن «الخدمة المدنية»؟
- أقول للحكومة: افرضوا ما تشاءون من رغبات أصحاب العمل ورأس المال علينا، وليساعدكم «المخبرون» الذين تعتمدون عليهم والذين يزينون لكم هذا الخطأ، ولكن «دولة المخبرين» لن تعيش وستواجهون غضباً عارماً من غير المقتنعين بالقانون الذين سيثورون ضدكم ثورة نبيلة أو حتى «ثورة جبانة» بالتهرب من العمل لعدم القدرة على المطالبة بحقوقهم.
■ هل ناقشت أحداً من مسئولى الحكومة حول القانون؟
- جلست مع بعض أعضاء الحكومة ووضحت لهم كل مثالب القانون، وذكّرتهم برفض العقلاء أيام «مبارك» مناقشة نفس القانون تفادياً لثورة العاملين بالدولة، ولكن للأسف المسئولين الحاليين ليسوا فى عقل مسئولى نظام «مبارك» فهم مجرد مساعدين وحاملى حقائب، ويغيب عنهم العقل، وهم يعتمدون على شعبية الرئيس عبدالفتاح السيسى كفرصة ذهبية لإنجاز ما لم يستطيعوا إنجازه أيام «مبارك».
■ وما الذى ستفعله النقابات المستقلة على الأرض لمنع تمرير القانون؟
- سننظم لقاءات مع جميع النواب لنشرح لهم الموقف ومدى خطورته، وسيستمر المعارضون للقانون فى تتبع النواب فى الدوائر وفى المجلس، لحثهم على التصويت ضده.