«الوطن» تواصل نشر تفاصيل أكبر استطلاع رأى عن انتخابات الرئاسة (2)
فى استطلاع للرأى أجراه «بيت الحكمة للدراسات الاستراتيجية» خلال الفترة من 21 حتى 25 أبريل على عينة من 2368 من 17 محافظة، تبين أن تفاوت المصريين فى توجهاتهم السياسية لا ينفصل عن تفاوتهم فى مصادر المعلومات التى يثقون بها، وليس بعيداً عن التصنيف التقليدى لعلماء الاجتماع بشأن «مؤسسات التنشئة الاجتماعية»، أى تلك المؤسسات التى تشكل توجهات الأفراد تجاه المجتمع والدولة والعالم، فكان واضحاً أن المصريين يتفاوتون فى مصادر معلوماتهم الأولى بالثقة.
وحين سألنا أفراد العينة عن أكثر مصدر معلومات سيستعينون به فى تحديد المرشح الذى سينتخبونه، جاءت الإجابات متفاوتة، مع ميل واضح لأبناء المحافظات الحضرية، (القاهرة، والجيزة، والإسكندرية، وبورسعيد، والإسماعيلية، والسويس) لاعتبار أن التليفزيون هو المصدر الأهم للمعلومات التى سيستعينون بها فى اتخاذ قرار التصويت.
وتقل هذه النسبة بوضوح فى محافظات الصعيد ومحافظات وجه بحرى، التى لم يبد فيها المشاركون فى الاستطلاع نفس الدرجة من الثقة فى أجهزة الاتصال الجماهيرى (التليفزيون والصحف). حيث يعتبرونها أجهزة تسلية أكثر منها أجهزة بناء موقف، لأنهم ببساطة يشعرون أن الكثير ممن يظهرون فى برامج التليفزيون يدافعون عن مصالحهم وليس مصلحة الوطن، المشاركون تجاه الصحف، حيث تبدو كأنها أداة ضعيفة التأثير للغاية فى الصعيد وفى محافظات الوجه البحرى. وكمتوسط عام، فإن التليفزيون مع الصحف ينحصر تأثيرهما فى حدود 25 بالمائة من المشاركين فى الاستطلاع.
إذن ما مصادر معلومات وأفكار أغلبية الشعب؟
الشعب المصرى يغلب عليه المصادر التقليدية التى يثق بها كمصدر للمعلومات والأفكار، وتحديداً دور العبادة بنسبة كبيرة فى محافظات الصعيد والوجه البحرى وبنسبة أقل (لكنها لم تزل عالية) فى المحافظات الحضرية. ولكن الأسرة والقبيلة وعلاقات النسب تظل ثانى أهم مصدر معلومات للمشاركين فى الاستطلاع، ويأتى وراءها مباشرة جماعات الأصدقاء والأقران. هذا التفاوت فى مصادر الثقة والمعلومات يمكن أن يفسر، ولو جزئياً، لماذا تبدو الفجوة واضحة بين من يواظبون على قراءة الصحف ومتابعة برامج التليفزيون (التى هى عادة المجال الطبيعى لنقاشات النخبة الليبرالية أكثر من النخبة المحافظة دينياً)، وبين من يثقون أكثر فيما يقال لهم فى دور العبادة ومن الأقارب والأصدقاء.
ويبقى أخيراً أن نسبة (هى الأقل عدداً) اعتبرت أن مقابلة المرشحين والاحتكاك المباشر معهم، إن أمكن، يكون أفضل من المعلومات غير المباشرة من المصادر المختلفة. والحقيقة أن استطلاعات الرأى فى المجتمعات الأكثر تقدماً فى طريق الديمقراطية، تكشف أن هذا المصدر الأخير عادة هو الأول عندهم. ومن هنا شاع فى هذه الديمقراطيات عبارة: «بقدر عدد مرات مصافحة المرشح للناخبين، بقدر عدد الأصوات التى سيحصل عليها».