المرء عدو ما يجهل.. ومن يحترف العيش فى الظلام يكره النور.. تلك هى الأزمة.. أزمة الإخوان برئيسهم وحكومتهم مع «الإعلام».. معركة تنظيم «سرى» ضد نشاط «علنى».. حرب شرسة لإطفاء الأنوار.. وفى الظلام افعل ما شئت!
هذا ليس كلاماً مرسلاً.. فثمة مليون دليل على رغبة «الإخوان ومرسى» فى تكبيل الإعلام المصرى وتقييد حق المواطن فى المعرفة.. غير أننا لا بد أن ننطلق من «جهل» الإخوان الشديد بدور الإعلام فى المجتمعات السوية.. إذ تتوقف الرؤية الإخوانية للإعلام عند مساحة الإرشاد والتوجيه وصب المواطن فى «قالب» واحد.. تماماً مثلما يحدث مع أعضاء «الجماعة»: السمع والطاعة العمياء.. لا نقاش.. لا اختلاف مع «المرشد» وقيادات «التنظيم».. فكيف يفهم «الإخوانى» قيمة الاختلاف، وفضيلة تعدد وجهات النظر.. فقد غرسوا بداخله منذ الصغر أن الاختلاف مع «الجماعة» خروج من الملة، وعداوة للدين الإسلامى!
الجهل هنا مقصود ومطلوب للسيطرة على «الغوغاء» من وجهة نظر «التنظيم».. فأنت لا ينبغى أن تعرف أكثر مما يمنحه لك القائد من معرفة.. لذا بات طبيعياً أن تنشأ خصومة أبدية بين «الجماعة» و«الإعلام».. فالأولى تستمد قوتها وسيطرتها من «مسخ» الفرد والمجتمع لمصلحة المشروع الخاص.. والثانى -الإعلام- يستند فى وجوده ودوره ورسالته إلى فضيلة إبداء الرأى، واختلاف وجهات النظر، وحق المواطن فى المعرفة.. فكيف يتعايش «تنظيم سرى توجيهى» مع «نشاط علنى» يفتح نوافذ الحرية للجميع؟!
يغضب «الإخوان» دائماً من الإعلام؛ لأنه قائم على الكشف والرقابة ومحاربة «السرية».. ويفشل الإعلام دائماً فى فهم نسيج «الخلية الإخوانية» التى تجرى مجرى الدم فى العروق.. فكيف يلتقيان؟!
.. وحتى نفهم جيداً آليات ومنطلقات كل طرف فى هذه المعركة.. علينا أن نأخذ واقعة «حمادة صابر - مسحول الاتحادية» نموذجاً.. الجريمة وقعت أمام قصر الرئاسة وسط اشتباكات عنيفة بين الأمن والمتظاهرين.. ونجحت كاميرا قناة «الحياة» فى رصدها لحظة بلحظة.. تخيل حضرتك أن كاميرا «الحياة» لم تكن هناك.. وقتها كان «حمادة» سيصبح ضحية بلا ثمن.. رجل سحلوه وعجنوه ضرباً وجردوه من ملابسه فى الظلام.. ضاعت القضية.. وأفلت الجانى، الذى سيكررها بالطبع فى كل مرة.. وقس على ذلك واقعة تجريد «الإخوان» للمواطن مينا فيليب من ملابسه أمام «الاتحادية» والاعتداء عليه، التى رصدتها كاميرا «الوطن»، لو لم تكن «الوطن» هناك، لضاعت الواقعة، ولكان «الإخوان» فعلوها بعد ذلك مليون مرة مع المتظاهرين، طالما «الظلام» سيد الموقف!
هل عرفتم الآن لماذا حاصروا مدينة الإنتاج الإعلامى واعتدوا على الصحفيين والإعلاميين؟!.. كان الهدف طبعاً تأديب المحطات الفضائية و«إظلامها» حتى لا تكشف عن واقعة «المسحول» وجرائم قتل المتظاهرين فى الشوارع.. هل عرفتم لماذا وضعوا فى الدستور مواد مكبلة ومدمرة لحرية الإعلام؟!.. قطعاً حتى يكرروا ما فعلوه مع «مينا وحمادة وكريستى والجندى وشهداء القناة والاتحادية والتحرير» فى «الظلام»!
هذه هى الأزمة.. وتلك هى المعركة.. فمن اعتاد «الظلام» وتغذى عليه، يصاب بالعمى إذا تسرب من النافذة شعاع نور.. ومن تربى فى «تنظيم سرى» يرى كل من يؤمن بالشفافية عدواً يجب تصفيته إن لم يسكت طوعاً أو يدخل الحظيرة رغماً..!
شاهدوا فيديو «مينا فيليب» ومشاهد سحل «حمادة صابر» وصور «قتل المتظاهرين» لتعرفوا لماذا يحارب الإخوان ومرسى وحكومتهما الإعلام المصرى!