افتح الصندوق
لن أكتب الافتتاحية هذا الأسبوع، قررت أن أتخلى عنها لرسالة رأيت أنها تستحق أن توضع فى صدر الصفحة، أدهشنى أن يكتب السيد عبدالرحمن محمد حسن من الإبراهيمية بالإسكندرية، عن والدة زوجته فى ذكرى وفاتها الثالثة، فى مجتمع قد لا يعترف فيه الأبناء بفضل الآباء، فما بالنا بفضل والدة الزوجة، إليكم الرسالة كما كتبها صاحبها.
«أم زوجتى. يا حبيبتى. يا أمى التى لم تلدنى. مرت ثلاث سنوات على رحيلك يا غالية. رحيلك الذى كان بمثابة خاتمة رحلة طويلة من الآلام والمعاناة مع مرض خبيث أنعم الله تعالى به عليك ليجتبيك ويطهرك من ذنوب وصغائر ربما تكون قد علقت بك فى مشوار حياتك.
ما زلت أذكر أخريات أيامك يا حبيبتى، وقد اشتدت عليك وطأة الآلام والمعاناة، فابتهلت إلى الله تعالى سائلاً لك الرحمة والراحة. ولكننى فى غمرة أحزانى وانفطار قلبى من أجل آلامك نسيت أن أسأله سبحانه وتعالى الراحة لنفسى بعد رحيلك. فاختارك الله تعالى إلى أكرم جوار جزاءً موفوراً على صبرك واحتسابك وامتثالك لقضائه سبحانه وتعالى، وبقيت أنا وحدى يا حبيبتى أجتر آلامى وأسترجع ذكريات الحب والتضحية والوفاء الجميل الذى عشته فى ظلالك.
مرت ثلاث سنوات يا حبيبتى وأنت لا تبرحين ذاكرتى ولو للحظة واحدة، وأظن أن كل سنوات الدهر لن تنسينى إياك يا أحن قلب صادفته فى مشوار حياتى، وهل أستطيع أن أنسى ليلتك الأخيرة فى هذه الدنيا، يوم أصررت أن تخرجى من المستشفى إلى بيتى. ليلتها ظللت ماكثاً إلى جوارك أتملى فى وجهك السمح وكأننى أملأ عينىَّ منه وهو يقطر عذوبة وطيبة وحنانا. ثم رحلتِ لأتجرع مرارة اليتم يا أمى التى لم تلدنى، لتكون المحصلة فى نهاية المطاف هى: أنت فى جنة وأنا فى محنة».