استغلال «أصول الدولة».. الطريق الأخير للخروج من «المأزق»
رئيس الوزراء خلال اجتماعه بلجنة حصر الأموال «صورة أرشيفية»
ربما كان استخدام أصول الدولة غير المستغلة الطريق الأخير أمام الحكومة، للخروج من العثرات الاقتصادية، وهو ما شدّد عليه المهندس شريف إسماعيل، رئيس مجلس الوزراء، فى اجتماع دورى للجنة حصر الأصول، فى مايو الماضى، منوهاً بأهميتها فى المرحلة المقبلة، لدفع عجلة الاستثمار، لكن الاتجاه الحكومى نحو فتح ملف حصر الأصول غير المستغلة، بدأ قبل ذلك بفترة طويلة.
لجنة الحصر تتلقى قائمة من كل وزارة بـ«الأصول غير المستغلة».. ومفاضلة بين العروض الفنية والمالية.. ومصدر بـ«الاستثمار» 170 مليار جنيه إجمالى الأصول غير المستغلة
البداية كانت فى نوفمبر 2014، فى عهد حكومة المهندس إبراهيم محلب، حينما صرّح هانى قدرى، وزير المالية حينها، بأن هيئة الخدمات الحكومية التابعة لوزارة المالية بدأت حصر العقارات والأراضى المملوكة للوزارات والمحافظات، تمهيداً للتصرّف فى غير المستغل منها، وتوجيه الحصيلة إلى الخزانة العامة للدولة، وتوقع تحقيق 130 مليار جنيه حصيلة مبدئية من إعادة الاستغلال، مؤكداً أن الدولة لن تبيع أصولها، وإنما ستعمل على إعادة استغلالها، سواء بالتأجير أو بحق الانتفاع. وبالفعل، شكلت وزارة المالية لجنة مشتركة لحصر وتقييم أراضى اتحاد الإذاعة والتليفزيون غير المستغلة، مع إعداد مذكرة بنتائج عملها، تقدم لوزير المالية لرفعها إلى رئيس مجلس الوزراء، من أجل إصلاح الهياكل المالية للاتحاد وعلاج مشكلاته، بحيث يعتمد على موارده الذاتية فى تمويل خدماته المقدّمة.
مصدر حكومى شرح لـ«الوطن»، أسباب لجوء حكومات ما بعد 30 يونيو إلى خطوات فعلية لفكرة استغلال أصول الدولة، مؤكداً أن التوجّه نحو إعادة استغلال الأصول أو العقارات غير المستغلة للدولة يساعد على عبور عثرة الاقتصاد، مشيراً إلى أن حصر العقارات والأراضى المملوكة للدولة وبيع غير المستغل، سواء البيع بشكل نهائى أو بحق الانتفاع يُحقق استفادة من الأصول المعطلة. وأكد أن الكثير من الجهات الحكومية لديها أراضٍ وعقارات بمواقع مميزة ولا تحقق أدنى استفادة منها، إضافة إلى تعرّضها للتعدى عليها من قِبل واضعى اليد، وهو ما تم التنسيق فيه مع لجنة استرداد أراضى الدولة المنهوبة منذ بداية عملها حتى الآن من أجل استرداد الأراضى، والعمل على إعادة استغلالها بشكل رسمى من قبل الدولة.
المصدر توقع من رحلة الدولة نحو استغلال الأصول، أن تقوم بتحصيل 170 مليار جنيه حصيلة مبدئية من إعادة الاستغلال، على أن يتم توجيه هذا المبلغ إلى الخزانة العامة للمساهمة فى سد عجز الموازنة. وشرح المصدر آلية حصر أصول الدولة، قائلاً: «بمجرد صدور قرار تشكيل اللجنة بشكل رسمى فى أكتوبر 2015، برئاسة رئيس الوزراء وعضوية كل من وزراء التخطيط والمالية والاستثمار والتنمية المحلية، بدأ وقتها الحصر وشمل جميع الأصول التابعة للوزارات وشركات وهيئات قطاع الأعمال العام، إضافة إلى أصول ماسبيرو فى جميع المحافظات، تمهيداً للتصرف فى غير المستغل منها، وتوجيه الحصيلة إلى الخزانة العامة للدولة، لإعادة استغلالها بالشكل الأمثل»، لافتاً إلى أن حصيلة إعادة الاستغلال سيتم ضخّها فى الصندوق الاستثمارى السيادى «أملاك مصر»، الذى يمول من الخزانة العامة للدولة.
فى 10 يوليو الماضى، شدّد رئيس الوزراء فى اجتماع اللجنة على ضرورة الإسراع فى الانتهاء من الحصر الشامل لأصول الدولة غير المستغلة، مع إصدار قرار تشكيل لجنة للتقييم والمفاضلة بين العروض المالية والفنية المقدّمة لاستغلال الأصول، كما وجّه بعقد اجتماع آخر يوم 24 يوليو المقبل لاستكمال نظر بقية الأصول واتخاذ إجراءات بشأنها.
وعن كيفية اجتماعات لجنة حصر الأصول، يقول المصدر الحكومى: «قبل موعد كل اجتماع، تُرسل كل وزارة قائمة بالأصول التى حصرتها، وقيمة ما حصرته، وخطوات عملها، سواء فى استعادة الأصل إذا كان تم التعدى عليه، أو إذا كان غير مستغل، ويتم إدراج خطة الاستغلال الأمثل»، واستشهد المصدر بالاجتماع الأخير للجنة فى 10 يوليو، حيث شهد عرض وزير الإسكان مصطفى مدبولى التصور النهائى لكراسة الشروط، متضمّناً العروض المالية والفنية الخاصة بعدد من قطع الأراضى المميّزة بالقاهرة والإسكندرية، تمهيداً لطرحها على المستثمرين بمزايدة علنية، على أن يتضمّن العرض المالى إما الشراء بالكامل، متضمناً شروط السداد، أو الشراكة والنسب المقترحة للحكومة.
وأبرز الأصول غير المستغلة التى اتخذت الحكومة قراراً بشأنها، كان مبنى المجمع الثقافى ببورسعيد (دار أوبرا بورسعيد)، حيث تقرّر طرحها على الشركات المتخصّصة فى الاستثمار السياحى لاستغلالها سياحياً، بالإضافة إلى محلات الممشى السياحى الجديد بالأقصر بالمنطقة المحصورة بين كل من مسجد السيد يوسف والمتحف المصرى، ويضم 86 محلاً تجارياً، وتقرر الطرح بنظام حق الانتفاع أو الإيجار لمدة قصيرة لا تتجاوز 5 سنوات، و42 محلاً بمنطقة محلات معبد الكرنك، تم بناؤها كتعويض للمحلات السياحية، التى تمت إزالتها أثناء عملية تطوير ساحة معبد الكرنك، ولم يتم تأجيرها منذ ذلك الحين، وتقرّر الطرح بحق الانتفاع لمدة 5 سنوات.
وعن أهمية الصندوق الاستثمارى السيادى «أملاك مصر» فى عملية استغلال أصول الدولة، يجيب مصدر بوزارة الاستثمار لـ«الوطن»، قائلاً: «فكرة إحياء رأس المال ضرورة ملحة فى الوقت الحالى لإنعاش الاقتصاد المصرى، سواء كان رأس المال هذا متمثلاً فى أصول الدولة غير المستغلة، التى تشير بعض الإحصائيات إلى تخطيها 170 مليار جنيه، أو كان متمثلاً فى ملكيات عقارية عرفية تمثل نحو 70% من الأصول العقارية، التى حال تقنينها وتسجيلها، يمكن تحريكها بالبيع والشراء».
وتابع المصدر: «مجرد الانتهاء من إجراءات تأسيس الصندوق السيادى لاستغلال تلك الأصول وتفعيله خلال العام المالى الجديد، سيُصبح لمصر مكانة مهمة على خارطة الاستثمار فى مجال الصناديق السيادية العالمية، التى تتوزّع على 35 دولة، أكبرها صناديق النرويج والإمارات والسعودية والصين».