(١) مع مرور الأيام، بدأ يتكشف لى أن ثمة بؤرة داخل مكتب الإرشاد قد تكونت؛ شملت محمود عزت، جمعة أمين، محمد مرسى، محمد بديع، ومحمود حسين، وانضم إليهم محيى حامد وسعد الكتاتنى عام ٢٠٠٨.. هذه البؤرة كانت تجتمع بصفة دورية خارج المكتب، وتتفق على ما يطرح فيه، وبالتالى القرار الذى يتم اتخاذه(!) وفى ١٤ ديسمبر ٢٠٠٦، تم إلقاء القبض على المهندس خيرت الشاطر الذى كان يشرف هو ومحمود عزت وجمعة أمين على موقعى «إخوان أون لاين» و«إخوان ويب»، فأسندت عملية الإشراف إلى الدكتور محمد مرسى، الذى أحكم قبضته على الموقعين.. كان المفترض أن يتم الارتقاء بهما بحيث يكونان نافذتين جيدتين يطل منهما الرأى العام (الداخلى والخارجى) على الجماعة، إلا أن إمكانات الرجل المتواضعة ونظرته الضيقة والمحدودة عن الإعلام ودوره حالت دون ذلك، حيث بدا موقع «إخوان أون لاين» كما لو كان نشرة داخلية للإخوان فى مصر والعالم العربى.. لقد عجز الدكتور «مرسى» عن تطوير الموقع بحيث يكون منبراً يتسع لمناقشة كافة الآراء والأفكار المطروحة على الساحة؛ سياسياً، واقتصادياً، واجتماعياً، وثقافياً.. أو لتناول قضايا تسهم فى تطوير عمل الحركة الإسلامية على المستوى المحلى والإقليمى والدولى.. أو لدراسة قضايا اجتماعية لها خطورتها على المجتمع المصرى، كالمخدرات، وأطفال الشوارع، والعشوائيات، والثأر، وغيرها.. أو لدراسة العلاقة بين الثروة (الممثلة فى رجال المال والأعمال) والسلطة، أو مستقبل العلاقة بين الأقباط والحركة الإسلامية، وهكذا.. للأسف، لم يقم الدكتور مرسى بوضع استراتيجية لعمل المواقع المختلفة على مستوى المحافظات، كما فشل فى التنسيق بينها.. وعلى الرغم من وجود هذه المواقع، إلا أن المرشد «عاكف» كان يشكو مر الشكوى من عدم وجود مكتب إعلامى يمكن أن يمثل همزة وصل جيدة بين مكتب الإرشاد والرأى العام.. لذا، تمت الموافقة على اقتراح بإنشاء هذا المكتب، إلا أنه عندما طرحت بعض الأسماء، وقع الاختيار -كالعادة- على مجموعة من أهل الثقة، لكن من ذوى القدرات المحدودة إعلامياً(!) ومن المضحك أنه عندما اقترحنا تحديد مشرف للمكتب الإعلامى من قبل مكتب الإرشاد، سارع سعد الحسينى (عضو المكتب) باقتراح اسم الدكتور مرسى ليكون مشرفاً، حتى تكتمل دائرة الفشل(!) ولما رفض مكتب الإرشاد ذلك، ما كان من المرشد «عاكف» إلا أن قال: سوف أكون أنا شخصياً مسئولاً عن هذا المكتب، ليضع بذلك نهايته، فلا المرشد له رؤية إعلامية، ولا هو متفرغ -ولو نفسياً- لإدارته.. وفعلاً فشل المكتب الإعلامى من قبل أن يبدأ..
(٢) منذ أن أصبح الدكتور مرسى عضواً بمكتب الإرشاد، بدت عليه مظاهر الزهو والكبر والغرور، خاصة بعد توليه مسئولية الإشراف على كل من القسم السياسى، وموقعى «إخوان أون لاين» و«إخوان ويب».. وقد ساعد على ذلك الدعم القوى الذى يلقاه من محمود عزت وجمعة أمين.. وفى أحد الأيام، وقع الدكتور مرسى بلسانه أمامى بأنه أصبح يتولى أيضاً مسئولية الاتصال بإخوان الخارج، وهى المسئولية التى كان يقوم بها «الشاطر» قبل إلقاء القبض عليه.. ولما استفسرت منه عن كيفية حدوث ذلك، قال: إن المرشد «عاكف» استدعاه -بناء على توصية محمود عزت- إلى منزله بالتجمع الخامس وكلفه بذلك.. ولما أعلنت اعتراضى على هذا الأسلوب الذى يسلب مكتب الإرشاد اختصاصاته، وأنى سوف أتحدث مع المرشد فى هذا الأمر، قال «مرسى»: اعمل معروف.. أرجوك، سوف يسبب لى ذلك حرجاً بالغاً(!) وهكذا كان يتم توزيع المسئوليات، الواحدة تلو الأخرى، حتى تتم السيطرة الكاملة على مكتب الإرشاد، توطئة للسيطرة على الجماعة كلها.
(٣) وفى أحد أيام مايو/يونيو عام ٢٠٠٩، علمت «قدراً» أنه تولى مسئولية إخوان القاهرة الكبرى (هكذا)، خلفاً للدكتور عزت، وأنه انتقل من الزقازيق إلى القاهرة، وقد تم استئجار شقة له فى التجمع الخامس بإيجار قدره ٣ آلاف جنيه، وهى الشقة التى ظل بها حتى بعد وصوله إلى قصر الاتحادية(!)
هكذا كانت تدار الأمور، وهكذا كان الدكتور مرسى.. يتولى مسئوليات دون علم مكتب الإرشاد.. وطالما أنه حاز ثقة «عزت»، فلا أهمية بعد ذلك لمؤسسات الجماعة.. فى تلك الأثناء، كان الدكتور «مرسى» يمر من أمام غرفة مكتبى فى مقر المركز العام بالروضة، فلا يلقى السلام.. وقد عاتبته فى ذلك، فقال: إنه لم يأخذ باله.. ولما تكرر منه هذا السلوك، عاتبته (متسائلاً): هل هى مقاطعة؟ فأجاب قائلاً: أستغفر الله.. أستغفر الله.. وفى لقاء بينى وبين المرشد «عاكف»، أخبرته بما كان من أمر مرسى، فكان رده عجيباً، إذ قال: «غريبة.. مع أن المأمون الهضيبى كنت أرى فيه حرصاً على أن يكون مرشداً».. تساءلت بينى وبين نفسى: ما علاقة ذلك بسلوك الدكتور مرسى؟ ولماذا استدعى الرجل هذه القصة بعد مرور أكثر من عام ونصف عليها، بغض النظر عن صحتها من عدمها؟ هل قصد بذلك أن الأخير يتصرف وكأنه المرشد المقبل؟ لا أدرى..
(٤) فى آخر سبتمبر ٢٠٠٩، عندما وقعت الأزمة بين المرشد «عاكف» ومكتب الإرشاد بشأن تصعيد عصام العريان، كان الدكتور مرسى حريصاً -مع غيره- على عدم تصعيد الرجل، رغم أحقيته فى ذلك.. وعندما كتب «العريان» مقالاً فى صحيفة «الدستور»، يناقش فيه تطوير أداء الجماعة، طالب مرسى -مع الآخرين- بمحاكمته.. كنت آنذاك مسئولاً عن رئاسة جلسات مكتب الإرشاد.. قلت (معترضاً): إذا كنتم تريدون محاكمته، فلابد من تشكيل لجنة قانونية محايدة.. تمثلون أنتم أصحاب الدعوى، ويمثل «العريان» أمامها متهماً.. أسقط فى أيديهم، وتراجعوا قائلين: لا نريد محاكمة، بل مناقشة لما طرحه فى مقاله.. قلت: إذن، لا بأس وسأكون معكم.. وقد حضرت المناقشة فعلاً، وحضر محمود عزت، ومحمود غزلان، ومحيى حامد، ومحمد مرسى، كما حضر عصام العريان.. كانت مساءلة لا مناقشة، لكنها لم تتمخض عن شىء.. ومن المؤسف أنهم أرسلوا للمكاتب الإدارية يدعون -كذباً- أنهم حاكموا عصام العريان، وأنه صدر قرار بإدانته(!).. نفس الشىء كاد يحدث مع الدكتور محمد البلتاجى الذى كتب مقالاً فى صحيفة «المصرى اليوم» يقول فيه إنه على الجماعة ترك العمل السياسى مدة ١٢ عاماً، لكنى لم أوافق، وعضدنى المرشد «عاكف» فى ذلك.. لقد كان «العريان» و«البلتاجى» شخصين أليفين، لقيا عنتاً شديداً على يد هذه المجموعة، فما الذى جعلهما يتحولان كل هذا التحول؟ لذلك قصة سوف يأتى أوانها.