من هو الشهيد؟
إنه من شهد أن شريعة الله ودين الله ومنهج الله أغلى من حياته فقدم روحه زكية طاهرة فى سبيل الله.
كذلك كان محمد محرز.
إن الكلمات لتقف حائرة عاجزة حين يكون المطلوب منها أن تتحدث عن شهيد، أى كلام الدنيا يصلح لهذه المهمة الثقيلة؟
لا أتحدث اليوم عن محمد لأنسب شخصى الضعيف إلى بطل من الأبطال وإن كان الانتساب لهم والقرب منهم شرفا يستحق أن يفخر الإنسان به إن أراد الفخر، ولا أتحدث عنه لأداء واجب العزاء لأمه وأبيه وزوجته وإخوته فإن الشهداء يهنأ أهلهم بهم ولا يعزون فقد تكفّل الله بعزائهم وربط على قلوبهم حتى استصغرت نفسى لما رأيت من صبرهم وثباتهم، ولكنى أكتب الآن عن محمد محرز لأن الكثير من أزمات الأمة اليوم ربما يكون حلها فى فهم منهج محمد رحمه الله فى التفكير فيها فهو فى ظنى فهم ربانى محمدى أصيل.
فى البداية نعلم جميعا أن الله تعالى يقول فى سورة الأنبياء: «إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ» ويقول تعالى فى سورة المؤمنون: «وَإِنَّ هَٰذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ».
هذه هى الحقيقة الأولى التى آمن بها محمد محرز رحمه الله، فالاعتداء على غزة كالاعتداء على ليبيا كالاعتداء على سوريا كالاعتداء على مصر، وإن معارك الحق فى كل هذه الميادين هى معركة واحدة بين معسكر الحق ومعسكر الباطل، وقد ذهب محمد محرز إلى هذه الجبهات جميعا فكان فى أحداث محمد محمود بطلا من أبطالها، وعند الحرب على غزة كان هناك، وفى ثورة ليبيا كان هناك، ولذلك كان من المنطقى فى ثورة سوريا أن يكون هناك بطلا مقاتلا مدافعا عن الدماء والأعراض والضعفاء المساكين، متمثلا فى كل ذلك قول النعمان بن بشير عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (ترى المؤمنينَ فى تراحُمِهم، وتوادِّهم، وتعاطُفِهم، كمثلِ الجسدِ الواحد، إذا اشتَكى منه عضو، تداعى لَه سائرُ جسدِه بالسَّهرِ والحمَّى) رواه البخارى واللفظ لغيره.
أما الحقيقة الثانية فهى أن الطريق الأول لإنهاء الصراعات والفتن بين المسلمين هو الجهاد فى سبيل الله، وأن الأمة التى تترك الجهاد مصيرها الذل لا محالة كما قال رسول الله: (ما ترك قوم الجهاد إلاّ ذُلّوا)، وأن صفات المؤمنين الصالحين أنهم أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين يجاهدون فى سبيل الله ولا يخافون لومة لائم، وإذا كانت العزة على المؤمنين فستكون النتيجة هى الذلة على الكافرين وأن الأمم التى تبتلى بداء الوهن ينتهى أمرها ويضيع، وقد سأل الصحابةُ النبىَّ صلى الله عليه وسلم عن الوهن ما هو؟ فقال حب الدنيا وكراهية الموت.
هذا هو الداء القاتل الذى أصيبت الأمة به وقد خرج محمد محرز ورفاقه من المجاهدين ليثبتوا أن هذا الداء وإن انتشر لكنه لم يصب الجميع، وأنه من المسلمين اليوم من أحبوا لقاء الله فأحب الله لقاءهم، وما ذلك إلا عمل منهم بقول الله تعالى: «إِنَّ اللّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِى سَبِيلِ اللّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْداً عَلَيْهِ حَقًّا فِى التَّوْرَاةِ وَالإِنجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللّهِ فَاسْتَبْشِرُواْ بِبَيْعِكُمُ الَّذِى بَايَعْتُم بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ».