الأزهريون ينقسمون حول منع نشر أخبار المشيخة على «فيس بوك»
صورة أرشيفية
أثار قرار الأزهر بمنع جميع العاملين به من نشر أية أخبار أو معلومات أو صور تتعلق بجميع المؤسسات التابعة للأزهر على الإنترنت وصفحات التواصل الاجتماعى مثل «فيس بوك»، ردود فعل بين أبناء المؤسسة، بين مؤيد ومعارض. فى الجبهة المعارضة، اعتبر الدكتور أحمد كريمة، أستاذ الشريعة الإسلامية بكلية الدراسات الإسلامية والعربية، أن قرار «المشيخة» السالف يشير إلى أنها تتبع سياسة تكميم الأفواه، وتحارب الإصلاحيين الذين ينتقدونها للمطالبة بالتطوير، وتحرج النظام الحالى بتكريس الاستبداد داخل الأزهر، مؤكداً أن منع جميع العاملين من وسائل التواصل الاجتماعى أمر فضفاض ومرفوض جملة وتفصيلاً، وأنه سيتخذ ضده إجراءات قانونية وحقوقية. وفى المقابل، دافعت الدكتورة آمنة نصير، النائبة بالبرلمان وعميدة كلية الدراسات الإسلامية بجامعة الأزهر السابقة، عن قرار الأزهر، معتبرة أن منع حديث العاملين به على مواقع التواصل الاجتماعى حول ما يخص المؤسسة مقبول نظراً لما نعيشه من سيولة فى الحديث عن الأزهر، مشيرة إلى أن الأزهر يعيش خلال السنتين الأخيرتين حالة من التجريح فى مؤسساته لم يشهدها خلال تاريخه كله، وأن القرار ليس لتكميم الأفواه ولكن لمنع اندفاعات بعض العاملين الذين يجرّحون بالمؤسسة.
«آمنة»: نعيش حالة سيولة فى الحديث عن الأزهر
قالت الدكتورة آمنة نصير، النائبة وعميدة كلية الدراسات الإسلامية جامعة الأزهر السابقة، إن قرار الأزهر منع حديث العاملين به على مواقع التواصل الاجتماعى حول ما يخص المؤسسة، مقبول، نظراً لما نعيشه من سيولة فى الحديث عن الأزهر.. وإلى نص الحوار:
■ كيف رأيتِ قرار مشيخة الأزهر منع جميع العاملين به من الحديث عن شئون المؤسسة على مواقع التواصل؟
- نحن نعيش حالة من السيولة فى الحديث عن الأزهر، والكلام حول المؤسسة غالباً غير دقيق أو منضبط، وللمشيخة الحق فى منع العاملين بها من الحديث عن شئون المؤسسة لضبط الأمر، فهناك حالة «سفسطة» وعدم دقة أصبحت وباءً على مستوى البلد كله، وهو ما دعا المسئولين إلى اتخاذ مثل ذلك القرار، فلم يعد هناك إدراك لأمانة الكلمة أو دقتها وحكمتها، وأحسب أن هذه الضوابط غير متوافرة فى جميع مؤسسات الدولة فى تلك المرحلة.
عضو «النواب»: الهدف وقف «التجريح» لا «تكميم الأفواه»
■ البعض يرى القرار تكميماً للأفواه؟
- لا أظن أن القرار يُراد به تكميم الأفواه، فكل القضايا الفكرية والسياسية فى أىّ عصر وأىّ زمان يتم تناولها بطرح الآراء وقدح الأفكار وانتقاء الصالح من الطالح. وأرى أن الهدف منه منع التجريح، لأن الكلام له أصول وضوابط، سواء فى حالة المنع أو حالة الإباحة، وإذا وجد من يتكلم بلغة رشيدة رصينة ويعرف أمانة الكلمة وأمانة الحقيقة، فهذا إضافة إلى المؤسسات الأزهرية، ولا شك أنه مرحّب به ويمكنه التكلم، أما التجريح فمرفوض.
■ هل هناك بالفعل بعض العاملين والإداريين الذين يجرحون بالأزهر؟
- لا شك، هناك بعض العاملين الذين يسارعون ويندفعون فى طرح تصريحات غير قويمة أو دقيقة، وهو ما استفز المؤسسة، أما إذا وجد الخبر الصادق والرأى القويم والفكر المنضبط، فلا مانع بلا شك، وكنت أتمنى أن تستدعى المؤسسة من يضيقون بهم ويوضحون لهم الأمور، ليفهموا ويزول الشعور السلبى بين الطرفين، وتأكيد أنه إذا وجد المتكلم الذى يرقى لأمانة الكلمة ومسئوليتها فلا بأس به، لكن المؤسسة فعلاً تعانى من الموظفين، وقد عانيت أنا شخصياً أثناء عمادتى لكلية الدراسات الإسلامية بالإسكندرية.
■ وكيف عانيت من العاملين بالكلية؟
- واجهت عدة مشكلات مماثلة مع موظفى الأزهر عندما كنت عميدة لـ10 سنوات، لا سيما من الموظفين الذين يحسبون أنهم عالمون ببواطن الأمور، ويطلقون تصريحات غير جيدة. وقتها كنت أُحضر مثل هذا الموظف إلى مكتبى وأناقشه على انفراد، وأوضح وأشرح له سبب القرار الذى ساءه واعترض عليه أو شعر بظلم منه، وأستمر معه حتى يفهم ويلوم نفسه، وكنت أتفاعل مع من يأتينى منهم، متسائلاً فقط، أو من يشكونى إلى الجامعة. وإحدى الموظفات شكتنى إلى الجامعة مدعية أننى أظلمها، وقد استدعيتها وظللت معها لأفهمها أسباب القرارات، حتى اعتذرت لى وقبّلت رأسى حينما فهمت، وكنت أتمنى أن تكون هذه هى السياسة.
«كريمة»: «المشيخة» لا تريد إلا منافقين يمدحون بكذب
قال الدكتور أحمد كريمة، أستاذ الشريعة الإسلامية بكلية الدراسات الإسلامية والعربية، إن الأزهر يتبع «سياسة تكميم الأفواه» ويحارب مجموعة من الإصلاحيين الذين يطالبون بتطويره، معتبراً أنه يُحرج النظام الحالى بتكريس الاستبداد داخله.. وإلى نص الحوار:
■ كيف ترى قرار الأزهر بمنع جميع العاملين به من الحديث عن المؤسسة فى وسائل التواصل الاجتماعى؟
- «منع جميع العاملين» جملة فضفاضة، وتشمل الجميع بلا شك، ومنهم الأساتذة، وإن كانوا جادين فى القرار فليمنعوا الدكتور عباس شومان، وكيل الأزهر، فهو عامل بالأزهر، وقد حوّل صفحته الشخصية على موقع التواصل الاجتماعى «فيس بوك» إلى التهديد والوعيد والحديث وكأنه الأزهر، ونحن نطالبه بالالتزام بالقرار أولاً، والتوقُّف عن إصدار القرارات على صفحته.
أستاذ الشريعة: قرار «الأزهر» مخالف للشريعة الإسلامية والدستور
■ هل القرار يتعلق فى نظرك بالموظفين فقط أم يشمل الأساتذة؟
- موظفو الأزهر مساكين وغلابة، والقرار مقصود به فى الأساس الأساتذة الإصلاحيون والناقدون لإخفاق المؤسسة فى التحديث وتطوير الخطاب الدينى.
■ هل تم إبلاغك بمنع حديث أساتذة جامعة الأزهر فى الإعلام؟
- لا يجرؤ أحد على إبلاغى بقرارات كتلك، لعلمهم أننى لست من النوع الذى يتلقى التعليمات من أحد، لكن تناثر الحديث عن قرب صدور قرار كهذا.
■ هل مِن تحرُّك معين تجاه قرار المنع هذا؟
- القرار مرفوض شكلاً وموضوعاً، وسنعترض عليه بخطوات قضائية وحقوقية، وسنُقيم دعوى قضائية أمام مجلس الدولة، ونُطالب جميع المنظمات الحقوقية بالداخل والخارج بالتدخُّل فى الأمر، وسنقاوم محاولة تكريس الاستبداد، فالمشيخة تريد إحراج الحكومة والنظام السياسى الحالى وخلق أزمة، والفكر يواجَه بالفكر وليس بقرارات عشوائية عقابية تخالف الشريعة والدستور.
■ وكيف يخالف «المنع» الشريعة والدستور؟
- الشريعة أكدت إبداء الرأى، وعدم احتكار أحد للحق، والأزهر بمثل هذه القرارات يهين الدستور، ولن أسكت إذا تم تفعيل قرارات تكميم الأفواه تلك، وقد تم تحويلى إلى التحقيق 3 مرات بسبب الإعلام، وأثق بأن التحقيق الرابع فى الطريق، لكن مهما يكن لن نسكت، فنحن لسنا عبيداً فى عزبة حتى يُطبّق علينا قرارات كتلك.
■ ما دوافع القرار فى نظرك؟
- المشيخة منذ فترة تريد تكميم أفواه مجموعة من الأزهريين ممن لديهم غيرة على رسالة الأزهر، ولديهم رؤى إصلاحية، وهذا أمر مسىء، ولم يحدث فى عهد أى شيخ أزهر سابق، فقد كان الداعية عبدالحميد كشك يوجّه اللوم اللاذع إلى شيوخ الأزهر، ولم نسمع عن اعتراض أحد منهم أو محاولة منعهم له أو تقديم شكوى فى حقه، لكننا الآن نعيش فى عهد استبدادى وديكتاتورى، والمشيخة لا تريد إلا منافقين يمدحون بكذب وزيف.