أوباما يبدأ رئاسته بالاعتذار وينهيها بسجل عنيف في مكافحة الإرهاب
بدأ أوباما -الحائز على جائزة نوبل في السلام- فترة رئاسته بالاعتذار للعالم عن أساليب التحقيق الخشنة التى سمح بها بوش في معسكر جوانتانامو، واضعا على مكتبه الآن ورق "كوتشينة" يحمل أسماء وبيانات "الإرهابيين المطلوبين" حول العالم، ويصر أن يختار بنفسه -كل ثلاثاء عندما يجتمع مع فريق مكافحة الإرهاب- الشخص الذي ستستهدفه الطائرات الأمريكية، وعندما تتاح فرصة نادرة للتنفيذ ويكون الهدف محاطا بأسرته أو بأبرياء آخرين، تتصل أجهزة المخابرات بالرئيس ليقرر بنفسه هل يطلقون النار أما ينتظرون فرصة أخرى.
اتصلت صحيفة نيويورك تايمز -التى أفردت مؤخرا تقريرا مطولا عن سياسات أوباما- بأكثر من 30 شخصية من كبار مساعديه الحاليين والسابقين، وكان هناك شبه إجماع على أن ما يفعله أوباما غير مسبوق في تاريخ الرؤساء الأمريكان؛ إذ لم يسبق لأحد منهم أن رأس بنفسه "فرقة" الاغتيالات التى تديرها المخابرات الأمريكية، بل إن بعض أعضاء الكونجرس بات يعتقد أن أوباما -في سعيه ليثبت أنه رئيس قوي وقادر على قيادة أمريكا لفترة أخرى- لا يستهدف اعتقال أعداء أمريكا بل قتلهم دون محاكمة، وقد عبر سفيره في باكستان "كاميرون مونير" عن دهشته من هذه السياسة، قائلا: "لم أكن أعلم أن وظيفتي قتل الناس".
سجل أوباما العنيف في ملف مكافحة الإرهاب أصاب خصومه من المحافظين قبل أنصاره من الليبراليين بالحيرة، فأوباما -الذى قتل 14 في اليمن و6 في باكستان منذ أبريل الماضي فقط، ويضع على مكتبه قائمة بـ15 مطلوبا في اليمن وحدها- هو الرئيس الحالم المثالي الذى بدأ رئاسته مصرا على إعادة القيم الأخلاقية النبيلة للسياسة، وهو الذى بدأ عهده مصمما على تحسين علاقة أمريكا -التى شوهها بوش- بالعالم الإسلامي، فإذا به -حسب تحقيق نيويورك تايمز- يستبدل معتقل جوانتانامو بطائرات اغتيال، وهى طائرات آلية بدون طيار غير قادرة على تمييز أهدافها بوضوح، واستخدم مهاراته كأستاذ في القانون للتحايل على القانون الدولى وتصعيد الحملة الشرسة على أعضاء القاعدة، وبدلا من أن يمد يده للعالم الاسلامي كثف هجماته على أراضيهم.
التحول في شخصية أوباما -كما يقول تشارلز كراوثامر المحلل السياسي فى مقال بواشنطن بوست- هدفه الأساسي إبراز صورته كرئيس قوي لأمريكا، خصوصا وأنه عجز بالفعل عن اتخاذ موقف فعال لوقف مذابح سوريا وتلاعبت به إيران في مفاوضات الملف النووي، ولم يستطع إقناع الرئيس الروسي بوتين بالتعاون معه في ملفي سوريا وإيران، وقد ركز "كراوثامر على الإشارات المتكررة في تصريحات أوباما التى تؤكد أنه صاحب القرار في كل شيء، واستخدام تعبيرات مثل "لقد قررت..." و"أصدرت أوامري...." و"بأوامر مني..." و"بصفتي القائد الأعلى...".