"يوم الطالب المصري" يطالب بالقصاص لشهداء الجامعات في 1946 و2013
21 فبراير 1946.. أرقام تُقرأ دون أن يعي الكثيرون أنها لم تكن مجرد انتفاضة مصرية لرفض الاحتلال الإنجليزي، أو ردًا على العنف المستخدم ضد الطلاب العُزَّل على كوبري عباس، بل عَنَتْ رفض البطش في كل مراحله؛ سواء من الاحتلال الخارجي أو الداخلي. وكما يسعى طلاب اليوم للقصاص لزملائهم، سعى طلاب الأمس للقصاص لطلاب جامعة القاهرة، دون أن يسترد أي منهم حق شهدائه.
في صباح التاسع من فبراير، أعلن طلاب الجامعات رفضهم لوجود الإنجليز وطالبوا برفع إنجلترا يدها عن مصر، وخرج طلاب جامعة القاهرة متجهين إلى كوبري عباس ومنه إلى قصر عابدين حتى تصل مطالبهم إلى الملك، وبمجرد أن خطت أقدامهم على كوبري عباس حتى قوبلوا بالعنف من الإنجليز، وطُلب منهم التراجع، وكان نهر النيل هو مثواهم الأخير بعد أن فتح الاحتلال الكوبري عليهم بعد رفضهم التراجع عن موقفهم.
"يوم الجلاء 21 فبراير" هو يوم القصاص، الذي دعت إليه اللجنة الوطنية للطلبة والعمال، التي ضمت عناصر من الوفديين والشيوعيين وغيرهم من القوى الوطنية الديمقراطية وقتها، وأصدرت ميثاقًا يحمل مطالبهم، التي تصدرها جلاء الاحتلال الإنجليزي عن مصر والسودان، إلى جانب دعوتها إلى تنظيم إضراب عام يجتاح البلاد، واتخذت اللجنة شارات معدنية طُلِيَتْ بالمينا، عليها عبارات تدعو للجلاء ووحدة وادي النيل، مع بعض الرسوم التي ترمز للكفاح الوطني، لتعبر عن مطالبها بأسلوب دعائي جديد، وكان المصريون رجالًا ونساءً يعلقون تلك الشارات الصغيرة على صدورهم.
إضراب عام ومظاهرات حاشدة تطوف شوارع القاهرة. كان هذا هو مشهد صباح الخميس 21 فبراير، حيث طافت المظاهرة شوارع وسط القاهرة دون أن تتعرض لها قوات البوليس، بناءً على تعليمات رئيس الوزراء إسماعيل صدقي باشا، لكن ما أن وصلت إلى ميدان الإسماعيلية (التحرير) حيث ثكنات الجيش البريطاني حتى اقتحمت السيارات العسكرية البريطانية المظاهرة، فدهست مَن دهست وأطلق الجنود النار على مَن أطلقوا، فأحرق الطلاب المتظاهرون أحد المعسكرات البريطانية، وامتدت الثورة الطلابية إلى أسيوط جنوبًا والإسكندرية شمالًا، وسقط في الأحداث 28 شهيدًا و432 جريحًا، وانتقلت الأنباء إلى عدة دول عربية؛ منها سوريا والسودان والأردن ولبنان، التي أعلنت بدورها إضرابًا عامًا تضامنًا مع طلاب مصر. ورغم أن المظاهرات لم تسفر عن إنهاء الاحتلال، لكنها أرغمت بريطانيا على سحب قواتها من المدن المصرية عدا منطقة القناة، وبدأ الانسحاب في الرابع من يوليو بالجلاء عن القلعة وتسليمها للجيش المصري.
ربما يُطلّق على شهر فبراير قريبًا "شهر الإضرابات"، حيث دعا طلاب جامعة القاهرة إلى إضراب عام عن الدراسة في الحادي عشر من فبراير 2012؛ اعتراضًا على وجود المجلس العسكري حينها، وطالبوا بتسليم السلطة إلى رئيس مدني منتخب بطريقة حرة ونزيهة، وسرعة القصاص للشهداء وكل مَن ثبت تورطه في قتل شهداء الثورة، بالإضافة إلى السرعة في محاكمة رؤوس النظام السابق، وتطهير أركان الدولة وأجهزتها من الفلول، كما أعلنوا استمرار الإضراب حتى يُسَلِّمَ المجلس العسكري السلطة للمدنيين، وكالعادة لم تنفذ المطالب وقت إعلانها، لكن المجلس العسكري خرج من السلطة في 30 يونيو 2012.
وسيشهد 21 فبراير من العام الحالي مسيرات من أمام جامعة القاهرة إحياءً لذكرى يوم الطالب المصري. وكعادتهم في ابتكار الأساليب الدعائية، ينظم طلاب حركة شباب 6 أبريل "مظاهرة إلكترونية" في اليوم ذاته للمطالبة بالقصاص للشهداء، ترفع مطالب ثورة 25 يناير من جديد، وتنادي بحق شهداء الجامعة الذين سقطوا منذ اندلاع الثورة حتى وقتنا هذا.