«أنا لست حائط مبكى للإسلاميين لأدندن بمظلومياتهم وما يتعرضون له من أذى وبطش، وأتغنى بصمودهم وبطولاتهم.. كما أننى لست صاحب مصلحة موالياً للسلطات أنفذ أجندات أجهزة أمنية أسعى لتشويههم والافتراء عليهم.. وإنما وظيفتى أن أنقدها بعمق، أن أصارح تلك الحركة والمجتمع من حولها بعيوبها ومميزاتها، فلا أنزلق إلى التغاضى عن خطاياها تعاطفاً معها.. ولا أنجر إلى تشويهها والافتراء عليها انتقاماً منها».
تلك كلمات المرحوم حسام تمام، بدأت بها بعد أن مرت الذكرى الثالثة لفض اعتصام «رابعة» مروراً صعباً جداً على نفسية الإخوان، فعلى الأرض لم يتحرك المصريون قيد أنملة، ولم يستجيبوا لدعوات قنوات الإخوان، بل يمكن القول بأن أزمة النادى الأهلى استحوذت على اهتمام الناس أكثر من ذكرى «رابعة»، جاءت الذكرى الثالثة لفض اعتصام «رابعة» بشهادات أوقفت ادعاء المظلومية وأكدت تآكل الشرعية.
أمامنا عدة شهادات مهمة لا بد أن تكون فى الاعتبار:
١- شهادة الدكتور حسن الشافعى، عضو جماعة كبار العلماء الذى يعتبره الإخوان أكثر الموالين لهم، حيث ذكر أن اعتصام «رابعة» كان به سفهاء يتحملون مسئولية الدماء، وأن الإخوان ضمت من بينها عناصر إجرامية (انظر كتاب «شهادة أزهرى معاصر» للدكتور حسن الشافعى).
٢- شهادة الدكتور نصر فريد واصل، المفتى السابق للجمهورية: الإخوان دعونى للتفاوض قبل فض «رابعة»، واشترطت عليهم التبرؤ من الدماء، لكنهم لم يردوا.
٣- شهادة أحمد المغير الذى أخبر فيها أنه رأى بعينيه سلاحاً فى «رابعة» يكفى لمقاومة قوات فض الاعتصام، وهى الشهادة التى هزت أوساط الإخوان، وأحدثت كسراً بينهم لا يمكن أن يعالج مرة أخرى.
٤- شهادة حمزة زوبع، أحد قيادات الإخوان، من أننا نحن قيادات الإخوان كنا نعرف استحالة عودة «مرسى»، ولكن كان الاعتصام بغرض الضغط على الدولة.
٥- شهادة دعاة السلفية؛ محمد حسان وجمال المراكبى وعبدالله شاكر -وقد كانوا من أكثر الدعاة تقرباً لمرسى والإخوان- حيث ذكروا شهادتهم فى فيديو منشور على موقع اليوتيوب، وخلاصتها أن الدولة بادرت بقبول الوساطة والحل السلمى للاعتصام ولكن الإخوان هم الذين رفضوا.
إذا أضفنا إلى ما مضى عدداً من الحقائق فى صورة أسئلة يتبين لنا أننا كنا أمام اعتصام مسلح يريد هدم الدولة، وأن جماعة الإخوان تتحمل المسئولية الأكبر فى الدماء. شارة «رابعة» صارت تعنى الخيانة والفوضى، حيث قدموا الشباب للشرعية والاستشهاد ثم هربوا بعيداً عن الشرعية والاستشهاد! أعظم بها من خيانة عندما يفرون هاربين بدلاً من الموت فى أماكنهم كما وعدوا، وكما قال الدكتور أحمد عمر هاشم: «فروا تاركين الأطفال والنساء». الأربعة أصابع رمز الخيانة وعلامة الفوضى؛ لأن الذين ماتوا بذلوا دماءهم لشعار عودة «مرسى»، فكان أول شعار وقعت فيها الخيانة، إذ تخلى زملاؤهم وقياداتهم عن الشعار وأبدلوه بشعار «عودة الشرعية»، ثم شعار ثالث مطاط اسمه «ضد الانقلاب»، واستمرت الخيانة حين أُنفقت الملايين لدعم المسيرات ونشر الإعلانات فى الصحف الغربية لتشويه الجيش بدلاً من إنفاقها للمصابين وأسر الشهداء. ثم لا يغُرَّنَّك قولهم إنهم قدموا دماء «بنت البلتاجى» و«ابن بديع»، فهذا تلفيق وكذب بواح، فبنت البلتاجى -عليها سحائب الرحمة- ماتت فى «رابعة»؛ لأنها رفضت نداء الهروب، وهو النداء الذى لبَّاه قيادات الإخوان وأبناؤهم، وأما ابن بديع -عليه سحائب الرحمة- فقد توفى بعيداً عن «رابعة». وتواصل مسلسلُ الخيانة حين أصروا على جعل أتباعهم وقوداً لمعركة هزلية عبثية اسمها «عودة الشرعية» تحت شعارات فوضوية من نوعية: «طوفان بشرى»، «زلزال ملائكى»، «فيضان من أرواح الشهداء»، «كلنا مشروع شهيد»، «30/8 سيعود مرسى»، كذبوا ولم يعد، «6 أكتوبر سندحر الانقلاب»، كذبوا ولم يدحروه. ظن الشباب أن قياداتهم حين وعدت بعودة «مرسى» كانت تملك القدرة وتدرك الواقع على ما تقول، فوقعوا أسرى أوهام قيادات فقدت اتزانها ورشدها، ولو علموا هروب قياداتهم وتبرير زملائهم لهذا الهروب وتلك الخيانة، لما بذلوا دماءهم، لكن أراد الله ألا يعلموا هروبهم أو علموا لكنهم صدقوا تبرير الخونة من زملائهم للهروب، ليكونوا فى ركب الأنبياء والشهداء والصالحين، ولتكون قياداتهم والمبرِّرون من زملائهم فى ركب الخونة والهاربين والكاذبين والفوضويين والمخادعين.