عبارة لطيفة وطريفة جاءت على لسان الفنان الراحل «عبدالمنعم مدبولى» فى مسرحية «هالو شلبى»، زلف بها لسان بطلها «عنبر» عندما وضع فى مأزق لم يعرف كيف يخرج منه؟ فمنذ شهور كان «عنبر» يعيش هو وفرقته المسرحية فى إحدى «اللوكاندات» ولم يكن معه ثمن الإقامة فدأب على التهرب من صاحبها حتى لا يدفع «الأجرة». فعل «عنبر» ذلك لأنه كان يريد التجهيز لمسرحية يحلم بتقديمها للناس، وما بين مطاردات صاحب اللوكاندة والهروب منه وقف الأستاذ «عنبر» ذات يوم و«هرش» رأسه، وقال هذه العبارة: «مقدرش أمشى ومقدرش أستنى»، ليعبر بها عن حالة فريدة من نوعها يمكن أن يعيشها أى إنسان لا يستطيع أن يترك المكان أو الموقف الذى يقبع وفى الوقت نفسه لا يستطيع أن يبقى فيه. تعرف تحل هذا اللغز؟!
قبل أيام من موعد تسليم السلطة (30 يونيو الحالى) يقف المجلس العسكرى الآن هذا الموقف «المدبوليزم»، فهو لا يستطيع أن يمشى الآن دون أن يؤمّن أوضاعه ويحمى ميزاته وامتيازاته ويصون مكتسباته ويحمى أعضاءه من أى نوع من المساءلة. فمؤكد أن أعضاءه لم ينسوا أن الشعب كان يطالب أيام ثورة يناير بتنحى «المخلوع»، وما إن أعلن ذلك حتى بدأ الشارع يطالب بمحاكمته وأولاده وعصابته، وبعد الحكم الذى قضى به المستشار أحمد رفعت خرج الشعب معبراً عن غضبه ورفضه له، ومن الوارد جداً أن يعيد الشعب هذا الفيلم كاملاً بعد 30 يونيو. فكيف «يمشى» المجلس وهو يعلم ذلك وهناك ثقة لدى أعضائه بأن السيناريو سوف يعاد من أول وجديد بمجرد رحيله؟
ورغم ذلك فإن المجلس ليس بمكنته أن «يستنى»، وكل أحلامه فى أن يأتى بشفيق أو أن يفتعل أزمات أو يعتمد على «إخوانه» إياهم ليست سوى أوهام تغتال العقل الذى يسكنه «طول الأمل». كيف يمكن أن يبقى المجلس والهتافات المطالبة برحيله لم تسكت منذ شهور وقد علت فى الشوارع الآن حتى غطت على أى صوت؟ فلا صوت يعلو فى الشارع الآن فوق صوت رحيل الحكم العسكرى، وليس فقط رحيل «المجلس». كيف يمكن أن يخرج «العسكر» من هذا المأزق؟
هناك مخرج بسيط جداً، فالشخص الذى يقف هذا الموقف الذى لا يستطيع أن «يمشى» منه أو «يستنى» فيه عليه فقط أن يغرق فى التوهان والسرحان فى حل حتى يأتيه من يطبق عليه بكلتا يديه ويأخذه إلى حيث يجب أن يكون، تماماً مثلما فعل «مدكور بيه» صاحب اللوكاندة فى مسرحية «هالو شلبى» عندما «قفش» الأستاذ «عنبر» أثناء انتحاله شخصية «لورد إنجليزى»، رغم أن الأخير كان يصرخ له ويقول أنا مش «عنبر» انا اسمى «أنبر»!.