بدأت أشعر في الفترة الأخيرة أن هناك بعض المسؤولين الحكوميين يجلسون مع أنفسهم ليلا في المنزل أو في فندق سميراميس – كل حسب إمكانياته ومعارفه– لـ"يتكتكون" ويخططون للقضاء علي كرامة المواطن المصري بل تحديدا المواطن الفقير، ولا أدري كيف يصمت الرئيس عن هؤلاء أو يتركهم يعبثون بالفقراء هكذا دون رادع، ولا أريد لأحد أن يقول لي "هو كل حاجة هيعملها الرئيس..."؟، لا أنا لست مع إلقاء التهم ضد رئيس الدولة أو مع إلقاء كل المسؤوليات عليه، لا هي مهمته ولا مهمة رئيس أي دولة في الدنيا بل هناك منظومة تتكون من حكومة وبرلمان وجهات رقابية ومواطن، ولكن الرئيس عبد الفتاح السيسي عندما أنقذنا من مخطط الجماعة الارهابية للنيل من مصر واغراقها في بحور الظلام، أتي به الفقير قبل الغني، سانده الضعيف قبل القوي، وثق فيه الجائع قبل الشبعان، قال إنها فترة صعبة فقالوا له "وماله نعديها سوا"، قال "الإرهاب سيأخذ وقتا كي نقضي عليه"، قالوا "نفدي مصر بأرواحنا"، قال "انتخبوني" فهرعوا إلى الصناديق يعطونه أصواتهم، لذا وجب على المواطن الصبر وعلى الرئيس حماية كرامة المواطن".
كرامة المواطن أصبحت مثل "الكورة الشراب" في أرجل بعض المسؤولين الحكوميين الذين تتمخض عقولهم الفذة بقرارات ليس من شأنها الا أن تزيد الفجوة بين كل طبقات المجتمع، وأنا هنا لا أتحدث عن طبقة فقيرة وغنية ومتوسط ففي الحقيقة الحالة الاقتصادية التي تمر بها مصر في الفترة الأخيرة جعلت الشعب المصري "6 طبقات وأستك"، فالمتوسطة تتأرجح الآن بين الوسطى والأقل "حبة "، والغنية تتأرجح بين المتوسط والأعلى "حتة"، أما الفقير فلم يعد يتأرجح بل سقط مغشيا عليه من هول الضغوط المادية، فهل تكتف الحكومة بأن تتركه مغشيا عليه هكذا، لا بل تتلذذ في إعداد مخططات إهانة كرامته، وكأنها تقول له "أنت والعدم سواء"، فوزير التموين المقال أو المستقيل، أغلق باب غرفته في سميراميس وأعطي حقيبته لـ "البيل مان"، وسلم المفتاح لـ "الريسبشن"، وانطلق به السائق في سيارته الفارهة ليصل به الي مجلس النواب ليخرج علينا بتصريح جهنمي: "هنبيع كسر الرز للمواطنين وهيكون سعره أقل طبعا عشان المواطن الفقير"، كسر الرز؟ هل هذا هو ما يستحق أن يأكله المواطن الفقير من وجهة نظرك يا سيادة الوزير السابق، والمخزي أنني لم أسمع أو أقرأ أن أحدا في البرلمان استوقفه وقال له " كسر إيه اللي إنت جاي تقول عليه"؟ لم يقاطعه أحد ليقول له أن الفقير مبيشوفش اللحمة وإنه لما بيشتري الفراخ بييشتريها "هياكل"، علي الأقل سيبوله الرز.
ومؤخرا أكدت مصادر أن الشركة المصرية لإدارة وتشغيل مترو الأنفاق قررت زيادة سعر تذكرة المترو لركاب أول عربيتين بكل قطار، وأن السعر سيتراوح بين 3 إلى 5 جنيهات وأنه من المنتظر أن يكونا مكيفتين، بينما سيتم الإبقاء على سعر التذكرة القديم لبقية العربات، يعني الحكومة قررت أن يكون في عربيات في المترو للفقير وعربيات للفقير أوي، هل هكذا تنظرون إلى الفقراء؟ هل هذا ما يستحقونه؟ أن يأكلوا رز مكسر ويمنعوا من ركوب العربات المكيفة في المترو؟، لن ننتظر الإجابة من مسؤول حكومي ولا حتي من عضو في مجلس نواب، بل سننتظرها من الرئيس الذي يرفض أن ينطق كلمة "مناطق عشوائية" في كل حواراته ويصفها بـ "المناطق الأكثر خطورة"، احتراما منه للمواطن الفقير وخوفا علي مشاعره، ولعله يرد قريبا.