يُمْنَى.. نص القصيدة
لطفى سالمان
ربما الحب أصعب المشاعر على التعريف.
أحدهم وصفه ذات مرة، فقال: الحب يأتى عاصفاً كالسيل، يضرب فى الأعماق.
الذين يحبون بلا أمل وينتظرون بلا أمل ويعشقون دون هدف، يحبون بإخلاص. محبتهم أشبه بحروب البيلتزكريج الألمانية. خاطفة ومروعة. رأيت أحدهم ذات ليلة، وبدا أن وجهه بقى فى ماء دابق لفترة طويلة، وهُيِّئ للدباغة، فعرفت أنه أحب.
أهل الحب صحيح مساكين.
تعرفين يا يمنى: لا يوجد ما هو سرمدى، على وجه الأرض، إلّا الحب. أصدق لحظاته، تلك التى تسبق الاعتراف. الشوق فيها حاضر والحنين فيها زائد، واللهفة للقاء تسبق التفكير فى أى شىء. وكنتُ أنا من هؤلاء، حتى بدأت حياتنا، التى تحررت فيها من كهنوت كهفى الأفلاطونى. حياة وجدت فيها كل شىء: مستقبلى وضميرى. لغتى واستعاراتى وكناياتى وتشبيهاتى ومجازى. سرمديتى وخلودى، وأبيات شعر رهبان البندكت المتبتلين، الذين عاشوا فى العصور الوسطى، المكتوبة على جدران روما القديمة، تحارب نباتات الزينة، بينما تزحف على الجدران، كزحف العروق فى سنوات المشيب.
وجدتك يا يمنى. وجدت نفسى قرب نفسى.
■ ■ ■
يا ابتسامة عمرى.. عاش العمر يحلى بابتسامة.
لم أكن أعرف أنك من ذلك النوع التوتاليتارى. لم تتركى لى شيئاً.
آه أنا عشقت.. وشُفت غيرى كتير عشق.. عمرى ما شُفت الحب، إلّا فى هواك.
وكنتُ أعلم أن غزو قلبك أصعب من سقوط مدنٍ. أصعب من أن يملأه الحنين أو أن يتلهف لأجلى، لكننى كنت أحبك. كنت غريباً ووحيداً. لم أكن أنا الذى أعرفه، ولما التقيتك التقيت نفسى، قرب نفسى مجدداً.
تعرفين: ما العلاقة بينك وبين اللغة؟
أنت اللغة، وصالك همزات وصلها وفقدان قطعها. أنت الكنايات والاستعارات. أنت المجاز وجرس اللغة الموسيقى. أنت كل شىء فى اللغة: أساطيرها القديمة وحروفها المنتقاة. حروفها اللازمة لبقاء قلبى.
الحنين، ذلك الذى عرفته منذ أن عرفتك. الحنين، أصعب أنواع الحب وأكثره حرقة. يقولون: الحنين نقيض الحياة. الموت المنتقى بعناية.