قانونيون: تعميم «التصالح» لاستعادة الأموال
مؤتمر صحفى سابق عن التصالح فى قضايا المال العام «صورة أرشيفية»
طالب خبراء وأساتذة قانون دولى بتعميم مبدأ التصالح مع المتهمين لاستعادة الأموال المهربة بالخارج، مثلما حدث مع رجل الأعمال حسين سالم، وانتقدوا عدم فهم القائمين على لجنة استرداد الأموال لقواعد القانون الدولى فى شأن المطالبة برد الأموال المهربة للخارج، التى تقدر بحسب مصادر قضائية بمليار و800 مليون دولار، فيما أكد آخرون أن غياب الإرادة السياسية هو السبب وراء عدم استعادة هذه الأموال.
وقال الدكتور نبيل حلمى، أستاذ القانون الدولى، وعميد حقوق جامعة الزقازيق الأسبق، إن استرداد الأموال المهربة يتطلب أن تكون هناك معرفة بحجم هذه الأموال أولاً، وأنها أموال تم الحصول عليها بطرق غير مشروعة، وهناك إثباتات وأدلة على ذلك.
«النمر» ينتقد عدم فهم القائمين على عملية الاسترداد قواعد القانون الدولى.. و«علتم»: لا بد من توافر الإرادة السياسية
مضيفاً أن هناك 3 طرق لإخفاء هذه الأموال، أولها البنوك «أوف شور» وهى البنوك التى تقع خارج الحدود الإقليمية لأى دولة ويتم إيداع الأموال بها دون معرفة صاحبها، ومن خلال رقم حساب سرى يتم بموجبه إمكانية الإيداع أو السحب من خلال بصمة الصوت للشخص الذى أودع هذه الأموال أو توقيعه الشخصى، ويشترط ألا تقل عن 100 مليون دولار، ومن ثم فلا يمكن الوصول إليها.
وتابع: «هذه البنوك عادة توجد فى دول أمريكا الجنوبية، التى استغلتها للإنفاق على اقتصادها والنهوض به».
أما الطريقة الثانية لإخفاء وتهريب الأموال، فهى أن يتم إيداعها فى بعض الشركات التى تقوم ببيع وشراء العقارات، وتكثر هذه الشركات فى بريطانيا، وبالتالى يكون من الصعب أيضاً الوصول إلى هذه الأموال.
وعن الطريقة الثالثة، قال حلمى: هى أن يتم إيداع هذه الأموال فى بنوك سويسرا، وهذه الأموال تودع فى حسابات سرية، واتخذت سويسرا فى الفترة الأخيرة اتجاهاً بإمكانية الكشف عن هذه الحسابات بشرط أن يكون معروفاً مصدرها، وثابت أنه تم تهريبها بطريقة غير مشروعة، وأن يكون هذا الإثبات بحكم قضائى بات أى استنفد جميع طرق الطعن، وفى هذه الحالة فإن استعادة هذه الأموال يستغرق وقتاً قد يصل إلى 15 سنة، ولا تعود الأموال إلا بعد موافقة الجهات القضائية السويسرية على إعادتها، وفى الغالب لا توافق تلك الجهات على ردها نظراً لضخامة الأموال ما يجعلها تفضل الاحتفاظ بها لنفسها.
ورأى الدكتور نبيل حلمى أن الطريقة الأفضل لرد هذه الأموال هى أن نأخذ دولة جنوب أفريقيا كمثال لنا، حيث قام مانديلا بعد الخروج من السجن بإقرار مبدأ المصالحة، وطالب الحكومة بالأخذ بمبدأ التصالح وإجراء مفاوضات جادة مع المتهمين للتصالح معهم وإعادة الأموال المهربة، بشرط ألا يكون الشخص الذى سيتم التصالح معه ارتكب جريمة من جرائم الدم.
من جانبه، قال الدكتور أبوالعلا النمر، رئيس قسم القانون الدولى، ووكيل كلية الحقوق بجامعة عين شمس، إن هناك أكثر من سبب لعدم قدرة مصر على استعادة أموالها المهربة، أولها عدم معرفة المسئولين بأحكام القانون الدولى التى تنظم المعاهدات والعلاقات الدولية بخصوص الأموال المهربة، إضافة لعدم توافر الخبرة والمصداقية وتوافر القرار الإدارى الصادق. وشدد على ضرورة وجود أساس قانونى يلزم الدولة برد الأموال غير القانون المصرى، وقال: حينما نطالب سويسرا فلا بد أن يكون القانون السويسرى يلزم البنك أو الجهة الموجودة بها الأموال المهربة، برد هذه الأموال.
وأكد أن الكارثة أن اللجان التى تم تشكيلها لاسترداد الأموال المهربة لا تفهم قواعد القانون الدولى فى شأن استرداد الأموال، موضحاً أن المسألة تحتاج إلى تحرى الدقة فى اختيار من يمثل مصر ليتحمل مسئولية المطالبة برد الأموال المهربة، وقال إن الدول الأوروبية ترفض رد الأموال المهربة لمصر، حتى ولو صدر حكم قضائى بات، نظراً لأن هناك قنوات وإجراءات تدخل فى إطار الإتيكيت الدولى، التى تحتاج إلى أشخاص مسئولين ذوى صفة قانونية ولديهم المستندات القانونية لمخاطبة الجهات المسئولة فى الخارج.
وقال الدكتور حازم علتم، أستاذ القانون الدولى بجامعة عين شمس، إن مشكلة استرداد الأموال تتوقف على وجود الإرادة والقرار السياسى، وليس الإجراءات القانونية المعقدة، مضيفاً: «لو توافر القرار السياسى والإرادة السياسية لاستعادة الأموال المهربة لتمت إعادتها».