«60 سنة على قديمه»: لا تشريعات تتغير ولا خدمة تتطور
مواطنون على أبواب المجالس الطبية المتخصصة للحصول على قرار بالعلاج
رحلة طويلة بين التشريعات استمرت لأكثر من 60 عاماً، بدأت مع دستور 1956 وهو أول دستور مصرى ينص صراحة على دور الدولة فى كفالة الرعاية الصحية للمصريين جميعاً، حيث أقرت المادة 56 منه على أن «الرعاية الصحية حق للمصريين جميعاً، تكفله الدولة بإنشاء مختلف أنواع المستشفيات والمؤسسات الصحية، والتوسع فيها تدريجياً»، ومع إعمال دستور 1956 أصبحت الدولة متكفلة بتوفير الرعاية الصحية لكافة مواطنيها، دون أن تقتصر هذه الرعاية على فئة دون الأخرى.
الخدمة بدأت مع دستور 56 وفى انتظار مشروع «السيسى» الجديد.. وقانونى: أطالب البرلمان بسرعة إقرار القانون لأنه نقلة كبيرة تنتظرها مصر.. والمواد القديمة لا تتماشى مع المستجدات
الاتجاه الجديد كان تعبيراً عن التوجه الاجتماعى للدولة بعد ثورة 23 يوليو، وبعد الدستور الجديد بـ4 سنوات صدر القرار الجمهورى رقم 1754 لسنة 1959 الخاص بتنظيم شروط علاج العاملين بالدولة على نفقتها فى الخارج إذا كانت حالاتهم الصحية تستلزم ذلك ولا يمكن رعايتها داخل حدود الوطن، ويعد هذا القرار أول قرار جمهورى منظم للعلاج على نفقة الدولة، إلا أن هذا القرار الجمهورى نفسه نص على تقرير إعانة مالية للموظفين الذين يصابون بجروح أو بأمراض، ليست ناتجة عن قيامهم بتأدية أعمال وظائفهم، وذلك لمساعدتهم فى نفقات العلاج سواء كان علاجهم هذا فى الداخل أو فى الخارج، على أن تقدر اللجنة الطبية قيمة ما يتكلفه العلاج فى الخارج أو الداخل.
ومع التغييرات السياسية والاقتصادية، بدأت الدولة فى سنٍ عديد من التشريعات التى تكفل للمواطنين الرعاية الصحية من خلال التأمين الاجتماعى، فجاء دستور 1964 ليلزم الدولة بكفالة خدمات التأمين الاجتماعى، حيث نصت المادة 20 منه، على أن «تكفل الدولة خدمات التأمين الاجتماعى، وللمصريين الحق فى المعونة فى حالة الشيخوخة، وفى حالة المرض أو العجز عن العمل، أو البطالة»، وإعمالاً لأحكام المادة صدر القانون رقم 63 لسنة 1964 الخاص باستصدار قانون التأمينات الاجتماعية، وقد نص هذا القانون على تطبيق التأمين الصحى على العاملين فى القطاعين العام والخاص الخاضعين لنظام التأمين الاجتماعى، ثم أعقبه صدور القانون رقم 75 لسنة 1964 بشأن التأمين الصحى للعاملين فى الحكومة والهيئات والمؤسسات العامة، ومن ثم صدر قرار رئيس الجمهورية رقم 1209 لسنة 1964 بشأن إنشاء «الهيئة العامة للتأمين الصحى» وفروعها، للعاملين فى الحكومة ووحدات الإدارة المحلية والمؤسسات والهيئات العامة، من ذلك الحين وصدرت عدة تشريعات وتعديلات وقرارات جمهورية متعلقة بمنظومة التأمين الصحى التى تبنتها الدولة منذ الستينات، منها قرار رئيس الجمهورية رقم 3183 لسنة 1966 بشأن علاج العاملين والمواطنين بالخارج على نفقة الدولة، ونص هذا القرار على أن تتكفل جهة العمل بنفقات علاج العاملين بها، حين يصابون بأمراض أثناء وبسبب الخدمة.
وأصبح الأمر أكثر شمولاً بصدور دستور1971، حيث ربطت المادة 16 منه بين عدة خدمات ألزم بها الدولة، من بينها الصحة، ونصت: «تكفل الدولة الخدمات الثقافية والاجتماعية والصحية، وتعمل بوجه خاص على توفيرها للقرية فى يسر وانتظام رفعاً لمستواها»، وتليها المادة 17: «تكفل الدولة خدمات التأمين الاجتماعى والصحى، ومعاشات العجز عن العمل، والبطالة، والشيخوخة، للمواطنين جميعاً، وذلك وفقاً للقانون»، وتمشياً مع ذلك، فقد صدر بعد عدة سنوات القانون 79 لسنة 1975 وتعديلاته، ثم صدر قرار رئيس الجمهورية رقم 691 لسنة 1975 فى شأن علاج العاملين والمواطنين على نفقة الدولة، وهو القرار المعمول به حتى الآن، مع بعض التعديلات البسيطة التى طرأت عليه بموجب قرار رئيس الجمهورية رقم 359 لسنة 1986.
ويوصى الدكتور أحمد مهران، مدير مركز القاهرة للدراسات القانونية، البرلمان بضرورة الانتهاء من المشروع الذى يدرسه حالياً، واصفاً أنه مشروع جيد ويمثل نقلة فى الرعاية الصحية، خاصة أن العديد من المواد القانونية القديمة باتت تشكل أزمة ولا تتماشى مع المستجدات، خاصة التى شهدتها مصر السنوات الخمس الأخيرة، قائلاً: «أمريكا بجلالة قدرها غيّرت منظومة التأمين الصحى كاملة، وأصدرت ما يعرف بقانون أوباما كير العام الماضى، ونحن الآن فى حاجة إلى تغيير جاد ومشابه فى منظومة الصحة فى مصر، وفى القلب منها التأمين الصحى والعلاج على نفقة الدولة».