د. محيى الدين عفيفى: الأزهر يلعب دوراً دبلوماسياً فى علاقات مصر وإثيوبيا.. و«المصريون فى نعمة» عكس دول بالمنطقة
د. محيى الدين عفيفى
قال د. محيى الدين عفيفى، الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية، إن الأزهر سيلعب دوراً دبلوماسياً فى العلاقات بين مصر وإثيوبيا بشأن سد النهضة، مؤكداً وجود حملة دولية لإضعاف الأزهر ومصر.
وأكد أن قيادات الأزهر لا تدعى القداسة أو العصمة، وأن التجديد يمضى فى الأزهر بقوة، معتبراً أن مناهج الأزهر على مر تاريخه لم تكن سبباً فى الإرهاب، مشيراً فى الوقت نفسه إلى تعديل المناهج الأزهرية واستحداث مقررات جديدة لتصحيح مفاهيم الجهاد والهجرة ودار الإسلام ودار الحرب، وغيرها.
واعترف «عفيفى»، فى حوار مع «الوطن»، بوجود قصور كبير فى واقع الدعوة الإسلامية، لكنه أوضح أن الأزهر لا يدخر جهداً فى تطوير الخطاب الدينى، وأن قوافله و4500 واعظ أزهرى يجوبون الجمهورية لمواجهة الأفكار المتطرفة، معتبراً أن المستوى الاقتصادى للإمام والواعظ جزء من أسباب ضعف الدعوة.
ونفى أمين المجمع وجود خلاف بين الدولة والأزهر، وقال إن الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب على تواصل دائم بالرئيس عبدالفتاح السيسى. وحذر «عفيفى» من وجود «مافيا» تضرب الاقتصاد الوطنى، واعتبر العبث بالاقتصاد والأسعار من أكبر الكبائر، وقال: «نمر بمرحلة مليئة بالتحديات، ويجب أن ينظر المصريون للنعمة التى ننعم بها على عكس دول أخرى، مؤكداً أن ترشيد الاستهلاك واجب وطنى وشرعى.. إلى نص الحوار.
الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية لـ«الوطن»: نؤيد «تقنين الفتوى» لمنع تسييس الفتاوى.. ولا يوجد خلاف بين الدولة والمشيخة
■ كيف ترى المشهد الدعوى فى مصر؟
- واقع الدعوة الإسلامية فى مصر يمتلئ بالكثير من التحديات، فهناك تحديات موضوعية وواقعية وتحديات للقائمين على العمل الدعوى فى مصر، فالتحديات الموضوعية ترتبط بطبيعة الموضوعات المطروحة كإطار لحديث القائمين على الخطاب الدينى، فمن المعلوم أن فقه الواقع مسألة مهمة جداً بالنسبة لكل من يعمل فى مجال الدعوة فلا يتصور أبداً أن تأتى موضوعات الدعوة بعيدة عن الواقع، فلو سألنا أى مواطن عن اهتماماته الشخصية وما القضايا التى تؤرقه وما أوجه القصور فى الجانب المعلوماتى وما يتعلق بالنواحى الدينية وماذا ينتظر من القائمين على الخطاب الدينى ستكون هناك مسائل عديدة، وهناك موضوعات تتعلق بالقيم التى انهارت من المجتمع كالإخلاص والأمانة وإتقان العمل والمسئولية والمواطنة والحقوق والواجبات، بالإضافة إلى كثير من القضايا التى تؤرق الناس فى جانب المعاملات، وماذا يعنى الالتزام بالدين وهل يعنى ارتياد المسجد والانقطاع عن الحياة أم يعنى المسئولية والإحسان إلى الناس وحب الحياة.
■ هل أنت راضٍ عن أداء القائمين على الدعوة الإسلامية؟
- هناك قصور كبير فى واقع الدعوة الإسلامية، هذا القصور منه جزء يتعلق بالمؤسسات ومنه ما يتعلق بالقائمين على الخطاب وآخر يتعلق بمؤسسات ذات صلة بواقع الدعوة، فمن أسباب ضعف الدعوة فى مصر تدنى المستوى الاقتصادى للخطيب والإمام والواعظ، فمعلوم أن الواعظ فرد من أفراد المجتمع له مطالبه الشخصية والأسرية، والدخل الشهرى لا يتناسب مع الاحتياجات فى ظل ارتفاع الأسعار فبالتالى ينصرف لتحصيل لقمة العيش بشكل أو بآخر، وهذا يؤثر سلباً على أدائه الدعوى، وبالنسبة للمؤسسات الدينية؛ لو تحدثنا عن الأزهر الشريف فهو يعمل على قدم وساق لمواجهة التحديات الراهنة، لكن يجب أن نكون واقعيين، فالتحديات أكبر من طاقة أى مؤسسة بالدولة بما فيها الأزهر.
■ كيف تكون التحديات أكبر من الأزهر؟
- أقصد التحديات التى تتعلق بالدعوة، فهناك تحديات يومية تطرح على الساحة لأجل تشتيت القائمين على الخطاب الدينى ومن ضمن جملة تلك التحديات، تلك الشائعات التى تطلق على الأزهر وأن مناهجه سبب فى كثير من الأمور، فمن يردد تلك الشائعات يريد إبقاء الأزهر فى منطقة الدفاع عن نفسه، فمناهج الأزهر على مر تاريخه لم تكن سبباً فى الإرهاب، كما أنه لم يثبت تورط أى من خريجى ومنسوبى الأزهر فى الإرهاب، فالدفاع يستنزف الأزهر ويجعله يغيب عن أداء عمله على الساحة، وهناك حملة دولية على مصر وعلى الأزهر، لأنه القوة الناعمة لمصر واستهدافه يعنى استهداف مصر نظراً للدور العالمى الذى يقوم به، فلا وجود لدولة على الساحة مثل مصر من خلال الأزهر الشريف وخريجيه ومبعوثيه المنتشرين فى أكثر من 70 دولة حول العالم، وكذلك بمناهجه والمعاهد التى يشرف عليها، والمخطط الذى يستهدف مصر كدولة يستهدف الأزهر من جملة استهداف مصر، فالحملة الدولية تهدف لإضعاف الأزهر ومصر فى آن واحد.
«مافيا» تضرب اقتصادنا والعبث بالأسعار من الكبائر.. وترشيد الاستهلاك واجب شرعى.. والهجرة غير الشرعية «محرمة»
■ هل هناك حصانة دينية للأزهر؟
- نحن لا ندعى القداسة ولا يمكن أن نقول بعصمة الأزهر كمؤسسة علمية فالأزهر منهج علوم وهذه العلوم نتاج عقول بشرية يؤخذ منها ويرد عليها، لكننا نجد يومياً من خلال بعض التصريحات واللقاءات محاولات لتشتيت القائمين على الأزهر ليظل ما يبذل لا يتناسب مع حجم التحديات، فعلى سبيل المثال الجماعات الإرهابية كـ«داعش» ومن على شاكلتها حينما تخرج كل يوم بجديد فى محاولة لتصدير مفاهيم خاطئة للنصوص الشرعية لخداع الشباب واستقطابهم ودغدغة مشاعرهم بدعوى دخول الجنة، مستخدمة النصوص الشرعية ورافعة راية الخلافة ودعاوى باطلة لا تمت للواقع بصلة، فنحن بحاجة للرد على تلك المفاهيم باستمرار لأن الناس يحتاجون لحضور الأزهر الفورى، على الجانب الآخر لدينا مناطق يجب تغطيتها وخرائط دعوية؛ فالتحديات كبيرة وتحتاج إلى جهود غير طبيعية ومع ذلك لا يمكن أن أستشعر الرضا فى الأداء لأن التحديات متجددة، ونحن بحاجة للمزيد من الجهود.
■ هل وزير الثقافة جزء من الحملة على الأزهر؟
- لا أريد ذكر أشخاص بل أتحدث فى إطار محدد، فالأزهر يرحب بالرأى والرأى الآخر، والنقد الموضوعى مرحب به، وأنا قمت بالرد على بعض الشخصيات وكانت ردودى علمية وواقعية، ولم أتعرض للأشخاص فأنا أناقش الفكرة والموضوع، وبالنسبة لوزير الثقافة فقد خرج ونفى تلك التصريحات التى خرجت بهجومه على الأزهر ومناهجه، ونحن لا نصادر على آراء أحد، ودعوى مصادرة الآراء تحتاج إلى دليل، بدلاً من شخصنة الأمور.
■ كثير من وزراء الثقافة هاجموا المشيخة.. كيف ترى ذلك؟
- ربما يتعلق بالموروث الثقافى لدى شريحة من المثقفين أنهم يرون أن الثقافة تتنافى مع المنهجية العلمية للأزهر، فهو يريد أن يرفع الضوابط العلمية وأن كل شىء خاضع للنص وهذا له تاريخ ومدارس، وفى تصورى أن ما يحدث هو نوع من إثبات الحرية واستقطاب شرائح غير قليلة من الليبراليين توارثها المفكرون.
حملة دولية لإضعاف الأزهر ومصر.. ومحاولات لتشتيت القائمين على الخطاب الدينى واستنزاف المشيخة فى الدفاع عن نفسها
■ وما قول الشريعة فيمن يحتكر الدولار ويسعى لزيادة الأسعار؟
- هذا حرام شرعاً لأن العبث باقتصاد الأمم ومستقبل الناس ومقدراتهم وأوضاعهم الاقتصادية أمر مرفوض شرعاً، فهناك مشاريع تتوقف وبيوت يتم تخريبها بسبب ضعف الاقتصاد، وهناك مصائب أخرى مترتبة على تخريب الاقتصاد منها مصائب أخلاقية وانخراط البعض فى سلك الإجرام والإرهاب، فمن يعبث بالاقتصاد يكون مسئولاً عن الجرائم التى يرتكبها هؤلاء، كذلك هو مسئول عن الآلام التى تلحق بالشعب، فقد يصاب الإنسان بمرض لا يشفى منه بسبب أزمة اقتصادية تعرض لها، فالمتسبب فى تلك الأزمة هو «المافيا» التى تضرب الاقتصاد الوطنى، فالعبث بمقدرات الشعب واقتصاده من أكبر الكبائر والعياذ بالله، فأنت لا تقتل نفساً واحدةً بل تقتل مئات الآلاف من النفوس، فتخزين الدولار حرام شرعاً لأنه يترتب عليه تدمير لحياة الناس لأن الاقتصاد عصب حياة الناس.
لا ندعى العصمة.. ووزير الثقافة نفى تصريحاته ضدنا.. وبعض المثقفين يعتقدون أن الثقافة تتنافى مع المنهجية العلمية للمشيخة
■ لكن بعض الناس يشعرون بالغضب لعدم القدرة على العيش فى ظل الغلاء؟
- نحتاج لنعمل أكثر، وفى حياة الشعوب والأمم تمر أزمات ومنحنيات خطيرة والحمد لله نحن فى خير فى مصر، بدليل على مستوى الدول العربية هناك دول سقطت تماماً وهناك شعوب دُمرت وهُجرت وكم من مجتمعات تلاشت من على الخريطة، والحمد لله نحن نشعر بالأمن والأمان والاستقرار فى مصر، ولا يمكن بحال من الأحوال أن يقف المواطن موقف المتفرج وأن يجلس وينتظر خدمات (vip)، فنحن بحاجة إلى العمل وترشيد الاستهلاك، فالإنسان حينما تضيق الأمور يستغنى عن بعض الأشياء، فثقافة الاستهلاك دمرت مقومات المجتمع المصرى، فأصبح مجتمعاً مستهلكاً بالدرجة الأولى، فعلى المواطنين أن يعملوا على أمرين؛ الأول: العمل وترشيد الاستهلاك، فنحن نمر بمرحلة مليئة بالتحديات، ويجب أن ننظر للنعمة التى نمر بها على عكس الدول الأخرى، ودور المواطن العمل وتحسين الدخل وترشيد الاستهلاك فهو واجب وطنى، وشرعى؛ فالله قال «ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط فتقعد ملوماً محسوراً»، وسنعبر تلك المرحلة بإذن الله، ثم دعم القيادة السياسية لأن الرئيس عبدالفتاح السيسى يتحمل مسئولية كبيرة لم تحدث فى تاريخ مصر الحديث فالعبء والتحديات الخارجية والداخلية صعبة للغاية، وهناك تحديات دولية تريد إسقاط مصر وتقسيمها وأن تصبح مسرحاً للأحداث كما فى بعض الدول.
التجديد يمضى بقوة.. والمناهج الأزهرية لم تكن سبباً فى الإرهاب.. وصححنا مفاهيم « الجهاد ودار الإسلام ودار الحرب» بمقررات دراسية جديدة
■ وكيف ترى تكرار محاولات الشباب المصرى للهجرة غير الشرعية؟
- من مقاصد الشريعة الحفاظ على النفس البشرية، بدءاً بالحفاظ على النفس البشرية على المستوى الشخصى، فأنا أمين على نفسى ولا يمكن أن أقول إننى حر وألقى بنفسى فى التهلكة مثل ما يحدث من اقتحام المخاطر وركوب المراكب غير المؤهلة لنقل الأعداد الضخمة، ويغلب على ظن الإنسان الهلاك، فالآجال بيد الله سبحانه وتعالى، لكن هذا نوع من قتل النفس ونهى الإسلام عن قتل النفس أو عن تعريض الإنسان نفسه أو نفس الغير للهلاك.
■ الرئيس عبدالفتاح السيسى دعا شيخ الأزهر للتجديد لكننا لا نجد واقعاً ملموساً فى هذا الشأن؟
- ليس صحيحاً.. فالتجديد يمضى فى الأزهر بقوة، ودعوة الرئيس جاءت مع التحديات الكبيرة التى شهدها العالم حيث يتم القتل والتفجير والتفخيخ والحرق واستباحة الأموال والأعراض باسم الدين فكان لا بد من المواجهة الحقيقية الفكرية التى تعتبر من المسئوليات التى تقع على عاتق الأزهر، ومن هنا جاءت مطالب الرئيس للإمام الأكبر، والأزهر يعمل على قدم وساق وذلك من خلال مناهج التعليم والمقررات الجديدة التى تم استحداثها ومن خلال الاهتمام بمناهج التعليم سواء فى المرحلة قبل الجامعية أو الإعدادية أو فى المرحلة الجامعية والكليات الشرعية، فعلى سبيل المثال تم استحداث مقرر فى جميع المراحل الأزهرية من الإعدادية حتى الجامعة، وهو مقرر الثقافة الإسلامية ويتحدث حول القضايا المثارة، منها المواطنة والخلافة والتعايش السلمى والجهاد والهجرة ودار الإسلام ودار الحرب وكل الأخطاء التى يقع فيها الشباب المتطرف، وكل مرحلة حسب فهمها، فكان هناك بعض المقررات تحتاج لمراجعة فى بعض القضايا وهذه القضايا لا وجود لها، ويمكن الاستغناء عنها بقضايا أخرى، فالتجديد مسألة مهمة على مستوى الأشخاص والمؤسسات، كذلك فى مجمع البحوث الإسلامية وهو جزء من أركان الأزهر نعمل من خلال وعاظ الأزهر والقوافل التى تجوب المحافظات الحدودية والمحافظات الساحلية والمناطق النائية من أجل تصحيح الموروثات الثقافية لدى الناس ومن خلال بيان حقيقة الدين وتصحيح الجانب القيمى فى حياة الناس ومن خلال ما يبذل من الطلاب الوافدين ومن خلال مبعوثى الأزهر.
800 مبعوث أزهرى على مستوى العالم و24 معهداً لمواجهة شبهات الجماعات التكفيرية وتأكيد أن «30 يونيو» ثورة شعبية
■ كم عدد مبعوثى الأزهر حول العالم؟
- لدينا 700 مبعوث على مستوى العالم والعام الحالى سيزيد العدد ليصل إلى 800 مبعوث إن شاء الله، ومبعوثونا فى أكثر من 70 دولة حول العالم، فلدينا فى بعض الدول 57 مبعوثاً فى دولة واحدة، ويتم تدريب المبعوثين ليس لتدريس علوم الأزهر بالخارج بل لكيفية مواجهة شبهات ودعوات الجماعات التكفيرية وكيف يحذر الناس وكيف يرد على من يقول إن ما حدث فى مصر بعد «30 يونيو» انقلاب، لأن مصر تُحارب بالخارج وهناك جهات تحاول أن تستقطب مبعوث الأزهر فنحن نحصنهم قبل أن يخرجوا من مصر، من أجل أن يؤكدوا حقيقة أن ما حدث فى مصر إرادة شعبية والشعب هو الذى خرج والقوات المسلحة انحازت للشعب، ولنا أيضاً حضور فى الدول الأفريقية، لتنشيط العلاقات الأفريقية سواء من خلال مبعوث الأزهر أو من خلال من يسافرون فى شهر رمضان ومن خلال المعاهد الخارجية التى يشرف عليها الأزهر ويقدر عددها بـ28 معهداً تعلم التعليم الأزهرى، كذلك لدينا شهادات معادلة مع عشرات المعاهد على مستوى العالم، ويدرس فى الأزهر أكثر من 40 ألف وافد ووافدة من أكثر من 120 دولة حول العالم فالأزهر يقدم منحاً لأكثر من 4800 وافد ووافدة، فالوافد من خارج مصر يتقاضى شهرياً 500 جنيه.
■ هل سنجد للأزهر دوراً فى إنهاء أزمة سد النهضة فى إثيوبيا؟
- جهود الأزهر لا تتوقف على أديس أبابا فقط بل جهوده على مستوى أفريقيا كلها، والأزهر يمثل قوى ناعمة ويوجد تعاون بين الأزهر الشريف والكنيسة المصرية بعموم طوائفها، و«الإمام» استقبل وفداً كنسياً من إثيوبيا منذ عام، وهذا الوفد التقى الرئيس السيسى، والأزهر يعمل على قدم وساق كقوة ناعمة من خلال الدعم العلمى والفكرى لدول القارة الأفريقية، وطبعاً الأزهر يلعب دوراً دبلوماسياً فى العلاقات بين مصر وإثيوبيا.
نمر بمرحلة مليئة بالتحديات.. ولا يمكن أن يقف المواطن متفرجاً وينتظر خدمات «vip».. و«السيسى» يتحمل مسئولية لم تحدث فى تاريخ البلاد
■ وكم عدد وعاظ الأزهر؟
- لدينا 2300 واعظ، وهناك 2200 واعظ سيتم تعيينهم خلال الأيام المقبلة وسيكون العدد 4500 واعظ على مستوى الجمهورية مهمتهم ميدانية؛ فالواعظ لا يستقر فى مسجد، بل ينتشر، فالمسجد جزء من عمله فيؤدى عمله من خلال المساجد ومراكز الشباب وجميع قطاعات وزارة الداخلية والشئون المعنوية بالقوات المسلحة وشركات البترول والمدارس والجامعات ومؤسسات الدولة الأخرى، فلنا تعاون مع وزارة الشباب والرياضة والتربية والتعليم، والتعليم العالى، وهذا هو عمل الواعظ والدائرة الكبرى التى يعمل من خلالها، فلدينا قوافل للوعاظ فى الواحات وأبوسنبل والوادى الجديد وأماكن أخرى، ولنا حضور ونرسل قوافل خدمية للمناطق الحدودية، وشيخ الأزهر لا يبخل علينا فى أى شىء، أيضاً المنبر جزء من عمل الواعظ، وهناك بروتوكول تعاون مشترك بيننا وبين وزارة الأوقاف فالمساجد الخاصة بنا ليست ثابتة بعينها، لكن هناك مساجد للوعاظ الخاصين بالأزهر، وشيخ الأزهر يطالبنا بمزيد من العمل دائماً كما أنه يؤكد أن التحديات تحتاج إلى مزيد من الجهد والعمل، وحينما أقول لك «إن كل شىء تمام» أدرك أنى منافق وغير موضوعى فنحن نحتاج إلى عطاء وإخلاص.
■ بعض الجماعات الوهابية بمصر ترفض التجديد بحجة العبث فى الأصول؟
- التجديد لا يتعرض للأصول، فالتجديد ليس فى الأصول بل التجديد فى فهم الأصول، المتمثلة فى النصوص الشرعية (الكتاب والسنة)، وكيفية تنزيل النصوص الشرعية على واقعنا المعاصر، لا يمكن أن آتى بآراء تم قولها منذ مائة عام أو أكثر وأطبقها حرفياً بدعوى التمسك بهذا أو ذاك، فمن المعروف لدى أهل العلم أن الفتوى تتغير بتغير الزمان والمكان والحال والعرف، ولا يعنى بذلك القطيعة مع الماضى لكن يعنى أن نستأنس بآراء العلماء فيما يتناسب مع واقعنا المعاصر، فلا يمكن بحال من الأحوال أن تحكم حياتنا المعاصرة بآراء لشخصيات قد ماتت ولم ينظروا لواقعنا وربما لو عاشوا تحدياتنا لكان لهم آراء غير التى قالوها، فأى عقل هذا الذى نقول إنه يجب أن نكون جامدين، فلا بد من التجديد بما يتلاءم مع قضايا الناس وحاجاتهم والنوازل التى تنزل.
■ هل يوجد خلاف بين الدولة والمشيخة؟
- لا يوجد أدنى خلاف بين الدولة والأزهر بدليل أن فضيلة الإمام الأكبر على تواصل بالرئيس عبدالفتاح السيسى من خلال عرض ما يقوم به الأزهر والتشاور فى بعض القضايا، لكن كل ما هنالك أن التحديات الكبيرة التى يمر بها الوطن تحتاج لتضافر كل مؤسسات الدولة وعلى رأسها الأزهر، وهناك تعاون مشترك أيضاً بين المؤسسات الدينية مع بعضها أيضاً.
تعاون تام بين الأزهر الشريف والكنائس المصرية بعموم طوائفها.. و4500 واعظ يجوبون الجمهورية لمواجهة الأفكار المتطرفة
■ وماذا عن قانون تجريم الفتوى؟
- نؤيده بقوة لضبط وقطع الطريق على المتربصين ومنع محاولات تسييس الفتوى.