«حيتان الأرز» ينتظرون «مقصلة منع الاحتكار» وخبراء ومسئولون: الدولة سلمت السوق لـ«التجار»
تنقية الأرز من الشوائب فى سوق الغلال بالساحل
«حيتان الأرز» ينتظرون مقصلة جهاز حماية المنافسة، هذه العبارة ومنها عنوان الموضوع الرئيسى نتيجة متوقعة لما صرحت به الدكتورة منى الجرف، رئيس جهاز حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية، التى قالت إن الجهاز يعكف حالياً على دراسة ملف احتكار الأرز، وأنه على رأس أولوياته فى الفترة الراهنة، وأضافت «الجرف» لـ«الوطن»، إن الدراسة هدفها التحقق من وجود ممارسات احتكارية من جانب القائمين على تلك السلعة، لأنه رغم وجود فائض كبير من الإنتاج فى سوق الأرز، فإن الفترة الماضية شهدت أزمة كبيرة أدت إلى ارتفاع الأسعار، ما دفع الجهاز إلى فتح الملف للفصل فيه.
وأوضحت «الجرف» أن الجهاز لديه آلية المبادرة لدراسة سوق من الأسواق عندما تحدث اضطرابات غير منطقية فى الأسعار أو المعروض من السلعة، وأن الأرز من السلع الأساسية للمواطنين، وأن ارتفاع الأسعار بشكل كبير كان دافعاً قوياً لدراسة الملف، خصوصاً أن هناك فائضاً فى الإنتاج يصل لنحو مليون طن سنوياً، فى ظل وجود قرارات وزارية بمنع تصديره.
«الجرف»: لاحظنا زيادات كبيرة فى أسعار السلعة رغم فائض الإنتاج الضخم.. و«التموين» المسئول الأول عن ضبط السعر
وأشارت إلى أن مبادرة الجهاز لدراسة سوق الأرز، لم تأتِ بسبب تلقى شكاوى من شركات أو مواطنين من ارتفاع الأسعار، وإنما نتيجة للتناول الإعلامى للملف، ورصد الجهاز زيادات سعرية غير منطقية فى الأسعار، متابعة: «الدراسات المبدئية حول سوق الأرز، كشفت عن أن أغلب البيانات والأرقام المتداولة فى السوق غير دقيقة، ووجود تهريب بنسب كبيرة جداً للأرز إلى أسواق خارجية، والجهاز ليس دوره ضبط الأسعار، وإنما التحقيق فى ما إذا كانت هناك ممارسات احتكارية تضر بالمنافسة فى الأسواق من عدمه».
وأوضحت «الجرف» أن ضبط الأسعار من اختصاص وزارة التموين، لأن لديها صلاحيات أوسع وأكثر مرونة وسرعة فى اتخاذ الإجراءات من الجهاز، بينما عمل الجهاز المتمثل فى دراسة سلعة بعينها خلال فترة زمنية محددة يتطلب وقتاً أطول لتجميع البيانات وفحصها والتأكد منها، ثم التحقق من وجود اتفاق بين المنتجين أو التجار لمنع سلعة معينة عن الأسواق أو زيادة سعرها.
مستشار وزير التموين الأسبق: «الكسر» يصل لـ50% فى «أرز الوزارة» لفساد لجان الاستلام
من جهة أخرى، قال الدكتور نادر نورالدين، مستشار وزير التموين الأسبق، الأستاذ بزراعة القاهرة، إنه لا يوجد نقص فى سلعة الأرز بمصر، وأزمة ارتفاع أسعارها ترجع لجشع التجار، وانعدام الرقابة من قبل الأجهزة المعنية، حتى إن وزير التموين السابق خالد حنفى، وكان يقف فى صف التجار، اعترف بوجود احتكار فى السلعة وتهريبها.
وأشار «نورالدين» إلى أن هذا العام هناك استغلال من الغرفة التجارية والتجار الكبار، فرئيس الغرفة هو نفسه أحد تجار الأرز الكبار، وهؤلاء استغلوا الوزير «حنفى» لتسعير الأرز رغم أنه كان ضد التسعير فى السلع بشكل عام، وجعلوا «التموين» تُسعره بـ2300 جنيه للطن رفيع الحبة، و2400 للطن عريض الحبة.
وأكد مستشار الوزير الأسبق، أن هذا التسعير غير عادل، ويعتبر تكتيفاً للفلاحين لصالح التجار الكبار فى الغرفة التجارية، فقد اشترى هؤلاء التجار الأرز من الفلاحين بسعر 3 آلاف، و3100 جنيه للطن، وسيطروا على أرز الفلاحين بجنون، وهناك كثير من المزارعين قرروا عدم البيع، ولجأوا إلى تخزين المحصول فى منازلهم انتظاراً لمزيد من الارتفاع فى أسعاره، بعد أن زاد سعره فى أسبوعين 700 جنيه للطن.
وقال «نورالدين» إن وزارتى الزراعة والرى أعلنتا عن أن الكميات المنزرعة بالمحصول وصلت لنحو 2.2 مليون فدان، بمعدل استهلاك 45 كيلو للفرد فى السنة، ما يجعل لدينا فائضاً كبيراً من الأرز يمكن تخصيصه للتصدير أو للتحكم فى الأسعار داخل السوق المحلية، بطرح كميات كبيرة فى المجمعات بـ4 أو 5 جنيهات للكيلو، ما يجبر التجار على تخفيض أسعاره، مضيفاً: «التجار يتآمرون على الفلاحين بتوفير الأرز بسعر 7 جنيهات للكيلو حالياً فى الأسواق، لإيهامهم عندما يشترونه بأن أسعاره منخفضة، وبمجرد الانتهاء من شراء الأرز من الفلاحين والاطمئنان إلى التخلص من المحصول القديم بحوزتهم، سيرفعون سعره إلى 10 جنيهات مرة أخرى خلال الشهرين المقبلين».
وطالب مستشار الوزير الأسبق، الدولة بالانتباه لعمليات جمع التجار للأرز، داعياً «التموين» إلى رفع سعر شراء المحصول من الفلاحين إلى 3100 جنيه للطن، كما يفعل التجار، لأنه فى تلك الحالة سيكون سعر الكيلو 3 جنيهات وبعد التبييض والتقشير والضرب سيصل إلى 3.5 جنيه، ويمكن بيعه فى المجمعات بـ4.5 جنيه، وعندها ستكون وزارة التموين هى الرابحة، لكن من الواضح أن التجار مسيطرون ويحصلون على كامل المحصول من الفلاحين.
وأشار «نورالدين» إلى أن التموين استوردت 40 ألف طن من الأرز الهندى لتوزيعه على البطاقات فى مواجهة ارتفاع أسعار الأرز المحلى، فلم يثبت جدارته، وكرهه المصريون وأطلقوا عليه «الأرز البلاستيك»، لأن طهيه يختلف عن الأرز المصرى، وما يفيض منه غير قابل للتسخين، فعزف عنه المواطنون، مضيفاً: «لدينا نمط استهلاك يفضل الأرز المصرى، ويرفض الهندى، وعلى الدولة أن تقف رأساً برأس مع القطاع الخاص، للحصول على أرز الفلاحين، دون ترك السوق للتجار».
وتساءل «نورالدين»: «كيف للدولة أن تستورد الأرز من الخارج ولدينا فائض كبير فيه؟، أرى أنها استسلمت وسلمت الأسواق للتجار، وعليها أن تستعيد دورها فى إحياء المجمعات التعاونية ومحلات البقالة التموينية الجملة، لأنه من الخطورة بمكان فى ظل ارتفاع الدولار والأسعار وزيادة معدلات التضخم أن تترك سلعة استراتيجية مثل الأرز أو السكر فى أيدى التجار وحدهم بعيداً عن يد الدولة ورقابتها».
وحول زيادة نسبة الكسر فى أرز التموين، أوضح «نورالدين» أن سببه هو أن وزارة التموين عندما تُعلن عن مناقصة أرز تطلبه من الدرجة الثالثة، وتكون نسبة الكسر فيه 12%، لكن الموردين للأسف لا يلتزمون بهذه النسبة، التى تصل فى توريدهم إلى 50%، نتيجة تقاعس فى عمليات الاستلام والمجاملات والإكراميات.
وكشف «نورالدين» عن أن هناك تهريباً للأزر إلى الخارج، رغم صدور قرار بمنع تصديره، حيث يجرى وضع أكياس ملح أو فاصوليا فى «كونتينر» التصدير من الخارج، على أنه شحنات ملح أو فاصوليا، فيما يخبأ الأرز بالداخل، ويُهرب إلى تركيا وليبيا والسودان والأردن.