التهريب من ليبيا: بحراً بمراكب الصيد.. وبراً فى «بحر الرمال»
المهربون يستخدمون سيارات الدفع الرباعى لتهريب السلاح عبر الصحراء
لم يكد رجال حرس الحدود وقوات الشرطة يحكمون قبضتهم على ممرات التهريب بالصحراء الغربية، حتى سارع المهربون لتغيير خريطة تهريب السلاح والذخيرة بين مصر وليبيا، واستبدلوا الدروب الصحراوية القديمة بطرق جديدة وممرات جديدة، مستغلين معرفتهم الجيدة بالصحراء وطول المناطق الحدودية مع ليبيا.
صاحب مركب صيد: نقلة السلاح من ليبيا لأبوقير ورشيد بـ500 ألف جنيه.. ونائب مطروح: التهريب مستمر فى البحر والبر
واتخذ المهربون طريقين جديدين للتهريب؛ الممر الأول، وهو التهريب بواسطة «اللانشات» البحرية والزوارق السريعة ومراكب الصيد الكبيرة، ويتم عبر هذا الطريق تهريب الأسلحة الآلية والخرطوش وطبنجات الصوت، التى تحولت فيما بعد إلى طبنجات 9 ملى، والثانى وهو الطريق البرى عبر بحر الرمال.
يقول صاحب مركب صيد مصرى، طلب عدم نشر اسمه: سواحل ليبيا مفتوحة، ولا يوجد تأمين، والمراكب تدخل لنقل شحنات من عدة مناطق أبرزها البردى ومساعد وقصر الجدى وكمبوت، ويدفع أصحاب البضاعة للصيادين مبالغ متفاوتة حسب نوع الشحنة، فشحنة السلاح يأخذ الصيادون فيها ما لا يقل عن 500 ألف جنيه، ويتم إنزالها فى رشيد أو البرلس وأبوقير بعيداً عن سواحل السلوم وبرانى والنجيلة ومطروح.
مساعد وزير الداخلية: حملات أمنية مستمرة وسلسلة تمركزات لإحكام القبضة.. وشباب القبائل يبلغون عن الغرباء
ويعد «بحر الرمال الأعظم» أهم ممر برى لتهريب السلاح والذخيرة من ليبيا عن طريق واحة جغبوب الليبية والتى تقوم مافيا تهريب السلاح بتجميع شحنات التهريب وتخزينها فى مخازن خاصة بهم بالواحة الليبية التى تقع على بعد 90 كيلومتراً غرب واحة سيوة، حيث يتم تحميل سيارات الدفع الرباعى التويوتا اللاند كروزر 8 سلندر والتى يعتبرونها سفينة الصحراء وتقوم بالتهريب من خلال الالتفاف حول واحة سيوة عبر دروب صحراوية تمتد لأكثر من 300 كيلومتر فى بحر الرمال، حتى يبتعدوا عن أعين الأجهزة المعنية.
وتشدد القوات المسلحة ووزارة الداخلية الرقابة على جميع منابع وممرات التهريب، ما أدى إلى انخفاض معدلات التهريب خلال الفترة الأخيرة، على عكس ما بعد ثورة 25 يناير، الذى كان التهريب فى ذلك الوقت على مدار الـ24 ساعة، وتقوم القوات البحرية وقوات حرس الحدود بالتعاون مع الأجهزة الأمنية برصد المراكب التى تحاول التهريب عن طريق سواحل السلوم قادمة من ليبيا، وهو ما أدى إلى ضبط العديد من المراكب التى تعمل فى التهريب.
وقال النائب مهدى العمدة، فى تصريحات خاصة لـ«الوطن»، إن التهريب لا يمكن أن يتم منعه بصورة كاملة، مضيفاً: الحكومة تكافح للحد منه ولكنه مستمر فى البحر وعلى الحدود فى عدة مناطق بين مصر وليبيا.
وانتقد النائب ما وصفه باستعمال القوة مع المهربين وضربهم بالرصاص أثناء ضبطهم، وقال: هناك استعمال قوة مفرطة مع المهربين وضرب بالرصاص وقتل مخالف للقانون، مضيفاً: على الأجهزة الأمنية أن تقوم بتحويل أى مواطن يتم ضبطه بتهمة التهريب للنيابة والمحكمة لمحاكمته، وألا تقوم برميه بالرصاص وقتله.
وتابع: تحدثت عن ذلك فى مجلس النواب أمام لجنة الدفاع والأمن القومى، وبحضور ممثل وزارة الدفاع وعرضت فيديو يظهر استخدام القوة المفرطة فى التعامل مع المهربين وضربهم بالرصاص، ولا بد من التعامل معهم بالقانون فدم المواطن وحياته خط أحمر، ونحن ضد التهريب ولكن نطالب بالتعامل معه بالقانون الذى لم ينص على قتل المهرب ولكن تقديمه للمحاكمة، وسأتحدث مرة أخرى فى المجلس عن ذلك، حتى يتم تطبيق القانون الذى نحترمه.
وأوضح النائب أن التهريب موجود فى مختلف دول العالم، وهناك واقعه شهيرة فى قضية تهريب فى أمريكا على حدود المكسيك قتل فيها ضابط مهرباً فعوقب بالحبس لأنه لم يطبق القانون وتم الحكم عليه بالمؤبد.
من جهته، أكد اللواء علاء أبوزيد، محافظ مطروح، أنه تم عقد أول مؤتمر فى مصر حول مخاطر التهريب، بحضور ما يقرب من 2000 من شباب محافظة مطروح والعمد والمشايخ والعواقل بقاعة المؤتمرات بقصر ثقافة مطروح للتوعية بمخاطر التهريب والتعريف بمخاطره وعقوبته.
وأضاف: المؤتمر كان له صدى كبير لدى الشباب من أبناء مطروح، ولقى استحسان الحاضرين، الذين تفاعلوا معه، وأدركوا حجم المخاطر الذى يسببها التهريب للدولة، ما يشكل خطورة على الأمن القومى المصرى، وتم توجيه رسائل عديدة لكل من يعمل فى التهريب بأن يتوجه للعمل فى النور، خاصة مع المشروعات الاستثمارية التى تم التعاقد عليها فى محافظة مطروح فى الفترة الأخيرة بإجمالى استثمارات 90 مليار جنيه.
وقال اللواء هشام لطفى، مساعد وزير الداخلية لقطاع غرب الدلتا، إن هناك جهوداً كبيرة تبذل للتصدى لعملية تهريب السلاح غرب مصر، مضيفاً: أسفرت الجهود خلال الأيام الأخيرة عن ضبط كمية كبيرة من السلاح منها ضبط 153 قطعة سلاح فى الظهير الصحراوى للإسكندرية مهربة من ليبيا، وضبطت مديرية أمن مطروح فى الظهير الصحراوى بسيوة كمية كبيرة من السلاح.
وتابع: جارٍ تمشيط الظهير الصحراوى وشن حملات أمنية ومداهمات ممنهجة ومستمرة لفحص المشتبه بهم، وأى عنصر غريب عن المنطقة يتم الاتصال بالعمد ومشايخ القبائل بالمنطقة لضبطه وفحصه أمنياً لمنع التهريب، بجانب أنه تم اتخاذ إجراءات أمنية جديدة للحد من تهريب السلاح فى المنطقة الغربية بدءاً من السلوم ومروراً ببرانى والنجيلة والسلوم والضبعة والعلمين والحمام ووادى النطرون وحتى الإسكندرية، وذلك بعمل ارتكازات أمنية جديدة تكمل بعضها لمتابعة أى مشتبه به، وهو ما أدى إلى إحكام السيطرة الأمنية على تلك المناطق، بالإضافة إلى التنسيق الكامل مع القوات المسلحة فى متابعة عصابات التهريب ورصدهم بالطرق والمناطق الموصلة إلى الحدود.
وأكد العمدة سعيد أبوزريبة، عمدة قبيلة المعابدة بالسلوم، أن تهريب السلاح أصبح قليلاً من ليبيا إلى السلوم فى ظل وجود حروب داخلية فى ليبيا تجعلهم يحتاجون للسلاح، موضحاً أن هناك دوراً كبيراً للعمد والمشايخ فى السلوم فى حالة ظهور أى شخص غريب فى السلوم أو فى أى منطقة سكنية فى العزب والقرى والنجوع، وقال: هناك توجيهات للشباب بإبلاغنا على الفور لإبلاغ الأجهزة الأمنية لاتخاذ اللازم؛ لأن تهريب السلاح خطر على الدولة.