دولة «مرسى».. مخاوف من إعادة إنتاج «الوطنى» فى رداء «إخوانى»
بعد إعلان النتيجة النهائية للمرحلة الأولى من سباق الانتخابات الرئاسية بفوز الدكتور محمد مرسى والفريق أحمد شفيق بمقعدى الإعادة، تزايدت لدى كثير من المصريين المخاوف من إعادة هيمنة فصيل واحد على الحياة السياسية، كما كان الحال أيام الحزب الوطنى المنحل؛ نظراً لحصد جماعة الإخوان المسلمين الأغلبية البرلمانية، ومن ثم إمكانية إسناد مهمة تشكيل الحكومة إليهم، فضلاً عن الحصول على المؤسسة الرئاسية حال نجاح مرشحهم.
الدكتور عمرو الشوبكى، النائب البرلمانى والخبير بمركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية، قال: إن هناك تخوفا على مستقبل الدولة الديمقراطية حال نجاح الدكتور مرسى بمنصب الرئاسة، وأوضح أن هذا التخوف منبعه هو وجود برلمان بكتلة إسلامية تمثل الأغلبية، كذلك رئيس من جماعة الإخوان، سيتبعه مع مرور الوقت إن لم يكن من البداية حكومة إخوانية، وهو ما يعيدنا لتأميم حزب واحد لمصادر الحياة السياسية.
وأوضح الشوبكى أن التخوف من الدولة الدينية حال فوز مرسى غير موجود، لكن التخوف الحقيقى هو على مستقبل الدولة الديمقراطية.
وعن مشروع النهضة الذى تقدمت به جماعة الإخوان عبر مرشحها لمنصب الرئاسة، قال الشوبكى: إن التحدى فى تطبيق الكلام على أرض الواقع، مضيفا أن المصريين سئموا الكلام؛ لذلك فهو يرى أن القيمة الحقيقية للمشروع هى مدى قدرة الجماعة على إقناع المصريين به، وخلق فرص حقيقية تعيد لمصر المشروعات القومية الضخمة، وهو ما نحتاجه حال نجاح أى من المرشحين فى جولة الإعادة.
وأشار الشوبكى إلى أن مرسى لن يلتزم بتشكيل حكومة ائتلافية، مضيفا أنه مع نجاح مرسى ستشعر الجماعة بنفوذها على المشهد السياسى كاملا من خلال وجود برلمانى مؤثر لحزبها، واستحواذها على منصب الرئاسة، مما سيجعلهم يعيدون النظر فى تشكيل حكومة ائتلافية مقابل حكومة حزبية للحرية والعدالة، بصيغة أننا نريد تنفيذ مشروعنا للنهضة بعيدا عن الخلافات التى قد تنشأ حال الوجود فى حكومة ائتلافية.
واعتبر الشوبكى أن ملف الجيش فى ظل دولة مرسى سيتوقف على مدى التوافق والصدام حول إدارة شئون الدولة، مشيرا إلى أن المجلس العسكرى سيغادر موقعه الحالى وهو إدارة شئون البلاد إلى حماية الشرعية الدستورية والسياسية، وهو ما يمنح المجلس العسكرى قوته التى لن تُنتزع بمجرد تسليمه سلطاته لرئيس منتخب؛ لذلك سيكون التوافق فى القرارات المصيرية لتجنب الصدام بعيدا عن التصريحات التى تتضمن فى الدعايات الانتخابية لمرشحى الرئاسة.
وختم الشوبكى بأن الدستور هو الهاجس الذى يشغل بال كل المصريين لما سيترتب عليه مستقبل الدولة وإدارة جميع مؤسساتها، وبالتالى سيزداد الضغط الشعبى على الجماعة حال فوز مرسى لضمان دستور يشمل حقوق كل الشعب ولا يخدم تيارا أو جماعة بعينها.
من جانبه، قال الدكتور عمرو هاشم ربيع، الخبير بمركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية: إن دولة مرشح جماعة الإخوان المسلمين محمد مرسى حال فوزه بمنصب الرئاسة تضمن العديد من الإشارات المطمئنة، فى مقدمتها: أنه سيسعى لتشكيل فريق رئاسى معاون له سيضم قبطيا وأحد الشباب من الائتلافات الثورية وأحد الأكاديميين، وآخر قد يكون أحد الخاسرين فى الانتخابات الرئاسية فى الجولة الأولى، ليكون هذا الفريق هو أقرب فى ظاهره للمجلس الرئاسى فى محاولة لكسب تأييد قطاع كبير من الشارع ممن أعلنوا مقاطعتهم للانتخابات لجولة الإعادة وممن سينتخبون شفيق رفضا للإخوان.
وأشار هاشم إلى أن فكرة الفريق الرئاسى ستكون عنوانا دون مضمون حقيقى تشمل صلاحيات واضحة يكون لها قرار مؤثر، موضحا أنها فكرة ستكون أقرب للمجلس الاستشارى، لكن سيُكسر حاجز القلق والرهبة لدى كثيرين فور تنفيذها.
وعن شكل الحكومة، قال هاشم: إن مرسى سيعمل على تشكيل حكومة ائتلافية كما وعد فى تصريحات سابقه له، لكنه يرى أن هذه الحكومة ستكون محكومة بقيود البرلمان الذى سيكون له الغلبة فى توجيه قرارات الحكومة، موضحا أن الحكومة الائتلافية فى ظل مرسى ستكون أقرب للحكومة البرلمانية، لسيطرة الأغلبية البرلمانية على توجيهات الحكومة. وأشار إلى أنه حال عدم التوافق بين الحكومة والبرلمان سنرجع لحكومات الأيدى المرتعشة المتعاقبة خلال الأيام والشهور الأولى من الثورة.
وأوضح هاشم أن صياغة الدستور فى ظل تولى مرسى منصب الرئاسة ستجعل الجماعة تسعى لتعزيز سلطات رئيس الجمهورية من خلال الذراع السياسية له، حزب الحرية والعدالة، ذى الكتلة الأكبر نفوذا داخل البرلمان مع توافق حزب النور السلفى معها، مشيراً إلى أن الجمعية التأسيسية للدستور ما زالت تمثل عقبة، وربما تتجدد مرة أخرى حال تولى مرسى الرئاسة.
وختم بأن رئاسة مرسى ستكون تجربة مهمة لتقييم جماعة الإخوان ووضعهم أمام اختبار حقيقى.