رئيس شبكة الدفاع عن الأطفال: منظومة الطب الشرعى تضيّع حقوق «المغتصبين» بسبب التأخر فى إصدار التقارير
أحمد مصيلحى، رئيس شبكة الدفاع عن الأطفال
وقائع اغتصاب وهتك عرض كثيرة، كان الضحايا فيها أطفالاً، عاجزين عن الدفاع عن أنفسهم، غير مدركين لفجاعة ما يتعرضون له لأيام طويلة بعد الواقعة، يقبعون فى حالة ذهول تام، الأهالى يتعاملون مع الواقعة بطرق مختلفة، بعضهم يقرر التكتم على الأمر خوفاً من الفضيحة، ويظنون أن الأطفال سينسون ما تعرضوا له، والبعض الآخر يحارب طواحين الهواء، ويمضى فى رحلة طويلة شاقة، بين مصالح الطب الشرعى، وتحارير المحاضر، وانتظار حكم عادل فى ساحات القضاء.
«مصيلحى»: يجب إخضاع المدرسين لبرامج التطوير الحديثة ومراقبة تعاملهم مع الأطفال
يقول أحمد مصيلحى، رئيس شبكة الدفاع عن الأطفال: «أزمة تعرض أطفال لاعتداءات جنسية تتلخص فى عدم وجود مناخ آمن داخل المدارس، وحقوق الطفل المنتهك تضيع فى مصر بسبب ترهل جهاز الطب الشرعى، الذى يأخذ وقتاً طويلاً لإصدار تقريره النهائى، ولا يتبع أى تقنيات حديثة فى الكشف على الأطفال، وتحديد مدى الإصابة التى تعرضوا لها، وهذا ينتج عنه خروج الجانى من الحبس، كما فى واقعة مدرسة فيوتشر، ويصبح طليقاً فى المجتمع، ليتعامل مع أطفال آخرين، ويكونوا عرضة للوقوع فى نفس الخطر».
يواصل صبحى: «الأزمة القانونية الأكبر هى تصنيف اغتصاب الطفل الذكر فى القانون بأنه هتك عرض، وتكون العقوبة القانونية لتلك الجريمة أقل من العقوبة القانونية لاغتصاب أنثى، وفى حالة هتك عرض طفل لا تتجاوز العقوبة 5 سنوات سجن كحد أقصى، أما اغتصاب أنثى فقد تصل العقوبة للمؤبد أو الإعدام، وفقاً لملابسات الجريمة، وكأن القانون لا يهتم سوى بغشاء البكارة، ويعتبر كل ما هو دون ذلك أمراً هيناً، ومن هنا أصبح الجناة يفرون بجريمتهم عند قيامهم بجرائم هتك عرض بالرغم من أن تلك الجريمة تقع على نفسية الأطفال الذكور بشكل كارثى، حيث تقوم بتدميرهم بالكامل، وتنشأ أجيال لديها رغبات انتقامية، وقد يمارسون نفس الجريمة مع أطفال آخرين».
يضيف مصيلحى: «كانت هناك واقعة شهيرة تم فيها هتك عرض طفل فى مدرسة بالمقطم، تابعة لجمعية رسالة، الطفل اليتيم تعرض لجريمة وحشية، وعلى مدار عامين فقد حقه بالكامل، بالرغم من حصولنا على تقرير طب شرعى من مستشفيات جامعة عين شمس، ولكن تقرير الطب الشرعى الجنائى لم يؤكد الواقعة، وكنت فى حالة صدمة من هذا التقرير، ولا يزال الجانى يعمل مدرساً ويتعامل مع أطفال آخرين يومياً، وللأسف فى مصر لا تعترف النيابة سوى بتقرير الطب الشرعى، بالرغم من أن القانون لا يقر بأنه الدليل الفيصل ولكن هذا ما يحدث، وهو ما يساهم فى ضياع حقوق الأطفال».
يتابع مصيلحى: «أكثر ما أخشاه أن يكون هناك توجه لدى مصلحة الطب الشرعى فى مصر من تقليل ثبوت حالات اغتصاب الذكور، وحالات اغتصاب الأقارب للأطفال، وذلك ظناً منهم المحافظة على الأمن المجتمعى داخل البلاد». مضيفاً: «القضايا التى قمت بمتابعتها عن قرب قليل جداً منها صدرت فيها أحكام ضد الجناة الذين قاموا باغتصاب الأطفال، وذلك يحدث بعد عدة سنوات، مما يساهم فى تدمير الحالة النفسية للأسرة بشكل كبير، وحتى تقرير الطب الشرعى الذى يتأخر فى الصدور هو فى حد ذاته ظلم بيّن ضد الأطفال».
أما عن آلية حماية الأطفال قانونياً، فيقول مصيلحى: «يجب الاهتمام بمنظومة الطب الشرعى فى مصر، سواء من حيث الكفاءة أو العدد، معظم التقارير يتم تأجيلها بسبب الضغط على هذا الجهاز، ومن الواجب أيضاً أن يتضافر مجلس الأمومة والطفولة مع وزارة التربية والتعليم، وأن يخلقوا آليات جديدة لحماية الأطفال فى المدارس، ويجب وضع كاميرات مراقبة فى كل مكان داخل المدارس، فقد أصبح أمراً تقوم به كافة المحال التجارية، ما بالكم بالطفل، الذى أصبح من الواجب حمايته».
يضع صبحى حلولاً للتصدى لأزمة الاعتداء الجنسى على الأطفال فى المدارس، فيقول: «يجب إخضاع المدرسين لبرامج التطوير الحديثة، ومراقبة كيفية تعاملهم مع الأطفال، ففى الدول المتقدمة تتم إحالة المدرس إلى التحقيق مباشرة فور ملاحظته بأنه قام بملامسة طفل بأى طريقة كانت، ويتم تدريبهم على منع القيام بأى تواصل جسدى بين صف المعلمين سواء كانوا ذكوراً أو إناثاً، وبين الأطفال فى المدرسة، واتفاقية حقوق الطفل لعام 1989، التى أقرتها مصر، تؤكد أن الطفل هو الشخص الذى لم يتجاوز عمره الـ18 سنة، بالإضافة إلى ضرورة الاهتمام بدور الإخصائية الاجتماعية فى المدرسة، لأن لها دوراً فى بناء شخصية الطفل، وملاحظة أى تغييرات سلبية تطرأ على شخصيته».