نائب رئيس «المصرية لدراسات التمويل»: استمرار نقص موارد العملة الأجنبية ينذر بنفاد «الاحتياطى»
محسن عادل
عزا محسن عادل، نائب رئيس الجمعية المصرية لدراسات التمويل والاستثمار، الارتفاع المبالغ فيه فى أسعار صرف الدولار أمام الجنيه إلى انتشار المضاربات غير المبررة للعملة الأمريكية بالسوق الموازية، اعتماداً على شائعات من أطراف ترغب فى الإضرار بالوطن، داعياً إلى محاسبة من يتفوه بمثل هذه الأخبار الكاذبة للإضرار بالأمن القومى والمواطن والاقتصاد المصرى ككل، علاوةً على إضرارها بالصناعة الوطنية.
محسن عادل لـ«الوطن»: المضاربات وراء الارتفاع المبالَغ فيه للدولار بالسوق السوداء.. وأدعو لمحاسبة مروجى الأخبار الكاذبة
أضاف «عادل»: «انتشار حمى تعويم الجنيه من جانب المتخصصين وغير المتخصصين كهدف وحيد لحل المشكلات الاقتصادية، ساهم بقوه فى تلك المضاربات. لافتاً إلى أن ما يعلنه البنك المركزى من ضخ كميات من الدولار فى عطاءاته لا يكفى لسد حاجة مصر من الاستيراد، كما أن تلك الضغوط فى الطلب على العملة الأمريكية تتزامن مع تأخر التدفقات النقدية المتوقعة نتيجة أسباب داخلية وأخرى خاصة بالأسواق الخارجية، مثل العودة البطيئة لاستثمارات الأجانب فى أدوات الدين الحكومى. وشدد «عادل»، فى الوقت ذاته، على أن البنك المركزى لا يعمل منفرداً بعيداً عن الحكومة التى لم تتدخل فى وضع برنامج لجذب الاستثمارات فى ظل انخفاض قيمه الجنيه، على حد قوله. وحذر من أن استمرار نقص موارد العملة الأجنبية بعد انهيار السياحة وتراجع الصادرات وعدم قدرة الحكومة على طرح برامج استثمارية لجذب مشروعات تدر عملة صعبة مرة أخرى، كفيل بالقضاء على الاحتياطى الدولارى بالبنوك، خاصة أن مصر دولة مستهلكة أكثر من وجود صناعات تغنى عن الاستيراد. ونوه بأن هناك دلائل على قيام شركات وأفراد بتجميع الدولار من المصريين العاملين بالخارج فى دول الخليج مثل السعودية والإمارات والكويت، وتعرض عليهم أسعار السوق السوداء لبيع الدولار مقابل منح ذويهم فى مصر بالجنيه المصرى بضمانات كاملة فى الحصول على حقوقهم، وقال إن هذه الجهات هى الوسيلة المطروحة حالياً لجمع الدولار ومنع دخوله مصر، وهو ما تستفيد منه الشركات الوسيطة بعيداً عن الاقتصاد القومى، لهذا فهناك ضرورة لقيام البنك المركزى بتفعيل قيام فروع البنوك المصرية المنتشرة فى جميع دول العالم، أو أى جهة مصرفية أجنبية أخرى خارج مصر، يراها البنك المركزى، لجذب وتجميع وشراء مدخرات وتحويلات المصريين العاملين بالخارج، حتى لا يتم استقدامها بطرق غير شرعية للمضاربة بها داخل مصر، ولمنع خلق سوق تحويلات موازية من جانب جهات مختلفة قد تستهدف الإضرار بالاقتصاد الوطنى مع إلغاء أى رسوم للتحويلات من المصريين فى الخارج إلى مصر تشجيعاً لهم، مضيفاً: «المحتفظون بالدولارات لن يتخلوا عنها إلا إذا شعروا بأن هناك مكسباً ما أو أن تنخفض قيمتها، وكلا الأمرين غير متوافر فى الوقت الراهن»، داعياً الحكومة إلى الاستمرار فى تقديم محفزات لجذب استثمارات دولارية خارجية مثل طرح أراضى مشروع بيت الوطن أو مزارع مميزة ضمن مشروع استصلاح الـ1٫5 مليون فدان أو الإسراع فى بيع تراخيص الجيل الرابع للاتصالات.
عطاءات «المركزى» من الدولار لا تكفى حاجة السوق المصرية.. والمحتفظون بالدولارات لن يتخلوا عنها إلا إذا شعروا بأن هناك مكسباً
وتابع «عادل»: «من الواضح أن سياسة الحفاظ على قيمة الجنيه عملت على إرساء مبدأ استقرار اسمى للعملة إلا أنها أيضاً لها تأثير على زيادة تآكل القدرة التنافسية لمصر، حيث إن قوة الدولار الأمريكى وارتفاع معدلات التضخم المحلى نتج عنهما ارتفاع حاد فى سعر صرف الجنيه الحقيقى بشكل فعال بالمقارنة بمتوسط النسبة منذ عشر سنوات. كما أن استمرار التقلبات المتعددة فى أسعار صرف العملة المحلية فى مقابل العملات الأجنبية يمثل قلقاً مستمراً لدى أصحاب رؤوس الأموال الراغبين فى الاستثمار بمصر، بالإضافة إلى أن هذه التقلبات تغير تقييمات الفرص الاستثمارية المتاحة كل حسب المجال الذى ينتمى له، ومدى ارتباط نشاطه سواء بالتصدير أو الاستيراد»، مؤكداً أن أسعار صرف العملات الأجنبية فى السوق المحلية ما زالت التحدى الأكبر أمام المستثمرين الراغبين فى دخول مصر وهو ما دفع البنك المركزى إلى زيادة مرونة سعر الصرف فى العام الحالى لضمان موازنة أسعار العملات الأجنبية مقابل الجنيه.
وأشار إلى أن أساس الأزمة الحالية سواء على المستوى النقدى أو الاقتصادى هو عدم قدرة الاقتصاد على تنمية موارده بالعملات الأجنبية مع تراجع موارد الدولة من السياحة وعدم نمو الاستثمارات الأجنبية المباشرة بصورة كافية وتراجع إيرادات الصادرات وكذلك ضعف الطاقات المتاحة لإنتاج سلع أساسية أهمها الغذاء مما يضطر الدولة لاستيرادها وأيضاً اعتماد الكثير من الصناعات القائمة على المدخلات المستوردة وضعف المكون المحلى بنسب متفاوتة تصل فى بعض الأحيان إلى مجرد التعبئة. وشدد نائب رئيس الجمعية المصرية لدراسات التمويل والاستثمار، على أن إجراءات البنك المركزى لن تكفى وحدها لمعالجة الأزمة الاقتصادية، ولا بد من وجود سياسة مالية واستثمارية رشيدة ومحفزة لمساعدة المتضررين من محدودى الدخل، بالإضافة إلى ضرورة إصلاح اختلال هيكل ميزان المدفوعات الناجم عن خلل الميزان التجارى، وإعادة النظر فى سياسة التصدير وتنافسية الصادرات المصرية.