«مفرح» فقد نجليه صعقاً فى رحلة صيد بالإسماعيلية
عبدالله وشقيقته
استيقظ كعادته فى ساعة مبكرة، يتأمل وجه نجليه، قبل أن يحثهما على النهوض، ليرافقاه فى رحلة الصيد بالبحيرات المرة، استسلم لاستكانته قليلاً، وهو يتمعن وجه الصبيين، بين بناته الثلاث، وكأن هاتفاً يناديه بأن يتراجع عن اصطحابهما فى رحلته، فقاطعت سكينته وخزة فى الظهر، أيقن على أثرها حاجته لنجليه، ليعاوناه فى الصيد، بعد شكواه المتكررة من آلام الظهر.
الأب المكلوم: «الصاعقة ضربت المركب فتفحم السيد وعبدالله مات محتضناً شقيقته»
«مفرح عباس عبدالتواب»، 40 عاماً، صياد بالبحيرات المرة، فى منطقة فنارة التابعة لمركز فايد بالإسماعيلية، خرج بحثاً عن رزقه وعائلته فى «فلوكة صغيرة» وإلى جواره نجلاه، السيد، 17 عاماً، وعبدالله، 14 عاماً، وطفلته الصغيرة شيماء، 4 سنوات، التى أصرت على اصطحابهم، فاستجاب لها الأب فرحاً ومتفائلاً بها، وفى بداية الرحلة تغيرت الأحوال الجوية فجأة، وكثر البرق والرعد دون أن يمنعهم عن مواصلة الإبحار، ومع تفاقم الأوضاع طلب من نجليه الجلوس إلى جواره والتوقف عن العمل لحين هدوء الطقس، إلا أنهما أصرا على رفع الشراع ومواصلة الإبحار دون خوف، ليفاجئهم القدر بصاعقة تشق المركب فتخرقه ليغرق وسط صرخات الطفلة الصغيرة متشبثة بملابس والدها المبللة. الأب المكلوم روى تفاصيل مأساته قائلاً: «قررت العودة بعد أن تقلبت الأجواء حيث بدأت السماء ترعد وتبرق فطلبت من ولدىّ الاقتراب منى خوفاً عليهما، فجلس «عبدالله» بالقرب من شقيقته شيماء التى بدأت فى البكاء مرتعدة من الجو، ولم تمض سوى لحظات حتى ضربت صاعقة قلب المركب أدت إلى خرقها وغرقها، وبعدها غاب عن الوعى، واستفاق على تدخل رجال الجيش لإنقاذ المركب وطفلتى الصغيرة، إلا أننى وجدت «السيد» جثة هامدة متفحماً داخل المركب، وكذلك تفحم جسد عبدالله وهو يحتضن شقيقته التى نجح رجال الجيش فى إنقاذها»، ويصمت الأب قليلاً، ثم ينهمر فى بكاء مرير مردداً «كان نفسى أفرح بيهم، كانوا سندى، هما كل ما أملك فى الحياة، كانوا رجالتى فى البحر والبر».
وأضاف الأب أن الصاعقة نزلت عليهم من السماء لتأخذ أعز ما يملك، وتترك له الألم والحسرة على نجليه، واحتراق المركب وغرقه، وهو الأمر الذى لم يقاومه الأب المكلوم، ليستسلم لفراش المرض فى المستشفى بعد دفن نجليه، فضلاً عن زوجته التى فقدت النطق عقب الواقعة، ثم انهيار سقف المنزل من شدة المطر، وطالب بمعاش استثنائى ليعينه على تربية بناته بعد فقد نجليه والمركب الذى يمثل مصدراً لرزق أسرته.