قرار المحكمة القاضى ببطلان قرار السيد رئيس الجمهورية بإقالة النائب العام السابق الدكتور عبدالمجيد محمود وتعيين سعادة النائب العام الجديد يفتح الباب إلى تعقيد إضافى وجديد لقائمة الإشكاليات التى تكاد تصيب النظام السياسى فى مصر بالشلل.
وفى يقينى أن أى قرار صادر عن أى محكمة فى أى زمان ومكان حول أى مسألة أو شخصية هو أمر يجب أن يقابل بالاحترام والانصياع الكامل له، وأن القرار القضائى لا تفسير له ولا رد عليه أو محاولة للطعن عليه إلا أمام جهة الاختصاص التى تملك وحدها دون سواها هذا الحق المنفرد.
من هنا كنت أحاول دائماً الإمساك عن التعقيب على أى قرار قضائى، إلا أننى اليوم سوف أتحدث عن الآثار السياسية لقرار المحكمة الأخير.
هذا القرار يأخذنا، كأمر واقع، إلى درجة جديدة من درجات الصراع والصدام بين رؤى واجتهادات السلطة التنفيذية والسلطة القضائية حول مسألة شديدة الدقة والحساسية وهى مسألة أسلوب وطريقة تغيير وتعيين منصب النائب العام.
ودون الدخول فى مسألة «أنت مع» أو «أنت ضد» التى قسمت البلاد رأسياً وأفقياً، فإننى أخشى من استمرار مباراة تنس الطاولة الدائرة الآن بين الحكم والسلطة القضائية ذهاباً وإياباً والفعل ورد الفعل بين كلا الطرفين.
لقد دخلنا فى مرحلة شديدة الصعوبة أصبح فيها الصراع محتدماً بين الحكم والمعارضة، والسلطة التنفيذية والقضائية، وبين وسائل الإعلام المستقلة وجماعات الإسلام السياسى، وبين بعض الأصوات فى الجماعة وأجهزة الأمن فى الداخلية والمخابرات العامة والمجلس الأعلى للقوات المسلحة.
إن هذا التوتر الحاد بين كافة هذه القوى ينذر بخطر عظيم على البلاد والعباد، ويعطينا مؤشرات غير مريحة أبداً لمستقبل استقرار الحكم واستمرار تماسك هيبة الدولة.
إن مصر لن تتحمل انفجارات سياسية جديدة تضيف انشطارات جديدة إلى ما يحدث!
لذلك كله ندعو الجميع إلى الانتباه إلى أن القارب لا يتحمل ثقوباً جديدة!