كلما مررت بالصعيد، مهد حضارتنا وحلقة الوصل بينها وبين القارة الأفريقية، تيقنت من مدى الإهمال المنظم الذى تعاملت به الحكومات المتعاقبة مع مواطنات ومواطنى الصعيد ومحافظاته. عن الأقصر وأسوان أكتب هذه المرة، ومن واقع تساؤلات يطرحها المواطن هناك أراها مشروعة وتستحق أن يهتم بها الحكم وكذلك أحزاب وقوى المعارضة إن هى أرادت أن تعبر عن بديل فعلى فى السياسة وإدارة الشأن العام.
التساؤل الأول: هل يدرك الحكم وتدرك المعارضة حقيقة المعاناة المعيشية فى الصعيد، وهل يدركون حجم الضرر الذى أصاب الأقصر وأسوان من جراء التراجع الحاد فى معدلات السياحة؟
التساؤل الثانى: هل يملك الحكم رؤية واضحة لتحسين أوضاع مواطنات ومواطنى الصعيد بعد عقود من غياب الجهود التنموية مما جعل من الأقصر وأسوان محافظتين أحاديتى الاعتماد على السياحة بمفردها وبلا موارد زراعية وصناعية فعلية؟
التساؤل الثالث: لماذا تواصل الحكومات المصرية منذ ثورة يناير سياسة الإهمال المنظم لأهل الأقصر وأسوان والتجاهل شبه الكامل لمطالبهم المتعلقة بالأمن والتوظيف والتعليم وتسهيلات السياحة وتغيير بعض ممثلى السلطة المركزية فى العاصمة الذين لا يحظون بالرضاء الشعبى إما بسبب الفساد أو محدودية الإنجازات؟
التساؤل الرابع: لماذا تصر الحكومات المصرية، وبعد ثورة منطلقها الحق والكرامة الإنسانية ومنتهاها الحرية والعدالة الاجتماعية، على التعامل باستعلاء مع الصعيد ممثلاً فى الأقصر وأسوان؟ يطالب أهل المحافظتين بتغيير المحافظين فلا يتغيرون، يطالبون بتحسين الخدمات التعليمية والصحية فلا تتحسن، يطالب بعضهم بخفض أو تأجيل إيجارات المحال السياحية نظراً لسوء الأوضاع فلا تخفض أو ترحل إلى ما بعد أعوام الشدة الراهنة.
التساؤل الخامس: لماذا تجاهل واضعو دستور 2012 من الإخوان والسلفيين وحلفائهم قضية اللامركزية التى ضغط من أجلها أهل الصعيد ومناطق أخرى وبهدف الوصول إلى تمثيل أفضل لهم عبر انتخاب المحافظين وعبر تخصيص الموارد فى المحافظات بما يتسق مع احتياجاتهم التنموية والمعيشية وليس وفقاً لرغبات ورؤى السلطة المركزية فى العاصمة التى دوماً ما كانت بعيدة ومتعالية وسلطوية، والآن غير كفؤة.
التساؤل السادس: كيف يستمر تهميش أهل الصعيد فلا يمثلون فى نخب السياسة ويغيب الإعلام إنتاجهم الفكرى والثقافى والفنى، وكأن مصر لا تعرف إلا مدن الشمال وأريافها فى الدلتا؟
التساؤل السابع: أمِن العدل والمساواة استمرار تجاهل الحقوق الطبيعية والتاريخية والثقافية لأهل النوبة؟ فلا إعادة توطين تحدث ولا اعتراف رمزى بخطأ التهجير القسرى ولا تفعيل لاحترام الحضارة والتاريخ والثقافة النوبية بتعليم اللغة والتقاليد كجزء من كل حضارى مصرى متعدد ومتنوع وينبغى أن يؤسس لتناغمه وتكامله بالعدل والمساواة والاحترام المتبادل.