"حرب استنزاف" في سرت الليبية تؤخر حسم المعركة في أمتارها الاخيرة
صورة أرشيفية
بدت القوات الحكومية الليبية عند انطلاق حملة استعادة مدينة سرت، قبل 6 أشهر قادرة على حسم المعركة في إطار زمني ضيق، لكنها ما لبثت أن غرقت في حرب استنزاف مؤلمة في مواجهة إرهابيين.
وتحاصر القوات الحكومية منذ نحو أسبوعين عناصر تنظيم "داعش"، في منطقة سكنية صغيرة، ورغم ذلك، تتقدم ببطء شديد بسبب المقاومة الشرسة والخشية من خسارة مقاتلين ووجود مدنيين عالقين في هذه المنطقة.
يقول رضا عيسى وهو أحد المتحدثين باسم القوات الموالية لحكومة الوفاق الوطني لوكالة "فرانس برس"، إن "تأخير حسم المعركة أسبابه كثيرة، أهمها أنها عبارة عن حرب شوارع شرسة جدا يستميت (داعش) لإطالتها في أمتارها الأخيرة".
ويضيف "الحرب طالت، لكنها في النهاية معركة وليست مباراة كرة قدم حتى نضع لها إطارا زمنيا محددا، الأهم بالنسبة لنا الحفاظ على حياة مقاتلينا وعلى المدنيين الذين يتخذهم داعش دروعا بشرية ولو تطلب ذلك التقدم ببطء".
وقتل في الحملة التي اطلق عليها اسم عملية "البنيان المرصوص"، أكثر من 650 مقاتلا حكوميا، وأصيب أكثر من 3 آلاف بجروح، فيما بلغ عدد قتلى الإرهابيين في المدينة بين 1800 وألفي قتيل، حسب عيسى.
ويقول المتحدث "المنطقة المتبقية صغيرة جدا، لا تتجاوز الكيلومتر المربع الواحد، لكننا لا نريد فقدان مزيد من المقاتلين حتى، ولو أن ذلك يعني إطالة أمد المعركة".
ويتابع "موضوع المدنيين أيضا خطير جدا، فمقاتلينا يسمعون صراخهم من المنازل كلما كان هناك قصف، لا نعرف أعدادهم، لكن داعش يمنعهم من الخروج، ولذا فانه يجب التعامل مع هذه المنطقة المتبقية بحذر كبير".
ويتبع عناصر تنظيم "داعش"، في سرت، مسقط رأس معمر القذافي، مبدأ القتال حتى الموت إذ يعمدون إلى تفجير أنفسهم قبل القبض عليهم، ونادرا ما يقعون أحياء في قبضة القوات الحكومية.
وفي موازاة عشرات الهجمات الانتحارية والسيارات المفخخة ومئات الألغام التي زرعت على الطرقات وفي المنازل، تواجه القوات الحكومية خطرا إضافيا يتمثل في وجود أعداد كبيرة من قناصة التنظيم الإرهابي في سرت التي شكلت على مدى عام قاعدة خلفية رئيسية لهذا التنظيم.
ويرى ماتيا توالدو الباحث في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية والمتخصص في الشؤون الليبية، أن "المعركة طالت لانهم (المقاتلون الحكوميون) واجهوا مقاومة اكبر من المتوقع، وتلقوا خسائر بشرية كبيرة، وبدأوا يشعرون بالإنهاك".
ويتابع "عندما بدأت الضربات الأمريكية، حققت قوات البنيان المرصوص تقدما مهما، لكن تنظيم "داعش"، محاصر حاليا في مساحة صغيرة جدا بحيث يصعب تخيل مدى تاثير هذه الضربات في هذه المساحة".