مخرجون: «الساحر» إحدى أساطير الفن العربى والأكثر تنوعاً بموهبته الفريدة
عبد الخالق وعبد السيد
لم يكن لقب «الساحر»، الذى اشتهر به الفنان محمود عبدالعزيز، مجرد لقب عابر جاء عن طريق الصدفة، بل هو أيقونته الفريدة من نوعها، هو إحدى أساطير الفن فى مصر والعالم العربى، استطاع أن يحفر اسمه عبر عشرات الأفلام والأعمال الناجحة، مثل «الكيت كات»، و«جرى الوحوش»، و«العار»، و«الكيف»، و«إبراهيم الأبيض»، وغيرها، جعلته يخلع عباءة الشاب الوسيم، ليتنوع فى تقديم الشرير وخفيف الظل والجاسوس وضابط المخابرات ليعبر عن موهبته ويبرز إمكانياته التى اختص بها دون غيره. كما قدم فى التليفزيون أعمالاً لا تزال عالقة فى أذهان الجمهور مثل «رأفت الهجان»، و«محمود المصرى»، وأخيراً «رأس الغول».
«عبدالخالق»: قدمت معه 7 أفلام واكتشفت «خفة ظله» فى «الأبالسة».. و«أبوعميرة»: شديد الطيبة.. ويتمتع بحضور طاغ أمام الكاميرا
يشير المخرج على عبدالخالق إلى أنه أكثر شخص قدم أعمالاً مع الساحر محمود عبدالعزيز يصل عددها إلى 7 أفلام كانت نقلة فى حياتهما الفنية، لافتاً إلى أن علاقته به بدأت منذ عام 1978 مع أول تعاون بينهما فى فيلم «الأبالسة» الذى شارك فيه فريد شوقى ونورا، مضيفاً: «كان عبدالعزيز يجسد دور البطل الشرير وأثناء كواليس العمل اكتشفت خفة ظله».
وقال «عبدالخالق» لـ«الوطن»: «حين جاء فيلم العار رأيت أن الدور الذى قدمه هو الأنسب له، وهذا العمل بالتحديد أحدث نقلة نوعية لمحمود، لأنه لأول مرة يطلع كـ«كوميديان» قادر على الإضحاك دون بذل أى جهد أو رسم «كاركتر»، خرج بوسامته ونجح رغم جدية الموضوع، وقدم الشخصية بامتياز لما يتمتع به من روح مرحة». وأضاف: «تلا هذا الفيلم دور مختلف تماماً فى «إعدام ميت»، حيث قدم فيه دورين وهما «الجاسوس»، و«ضابط المخابرات»، شخصيتين متناقضتين، قدمهما ببراعة شديدة وكان سبباً فى نجاح الفيلم الذى لا يزال يُعرض حتى يومنا هذا، وجاء بعده فيلم «الكيف» الذى برزت فيه إمكانياته الكوميدية بالرغم من جدية الموضوع هنا أيضاً».
وتابع: «وقدم الساحر دور الشرير فى «السادة المرتشون»، وتوالت عليه الأدوار المتنوعة، ونشأ بيننا تفاهم كبير وصداقة قوية خلال رحلتنا معاً، وكنت أفهمه من نظرة العين، فكان ممثلاً كوميدياً لديه روح فكاهية يستطيع بخفة ظله دون تصنع أن يطلق روحاً من المرح تشمل الفيلم كله، بالإضافة لكواليس الأفلام التى كنا نقدمها، فكان دائماً مصدر البسمة للعاملين بالفيلم، فضلاً عن إنسانيته وتواصله مع زملائه وحتى الفنيين والعمال نال حبهم، وكانت آخر أفلامنا معاً «النمس»، وقبله «الجنتل»، نجح بشكل كبير خلال فترة عرضه فى التسعينات، فكل شخصية قدمها كانت مختلفة تماماً ومقنعة». وروى المخرج محمد فاضل، عن لقائه الأول بالراحل الفنان محمود عبدالعزيز أثناء دراسته بكلية الزراعة جامعة الإسكندرية، وآنذاك كان «فاضل» خريجاً حديثاً، والساحر فى الفرقة الأولى، بعد أن أنهى دراسته فى مدرسة الورديان الثانوية، والتحق بفريق التمثيل بترشيح من الأول.
وقال «فاضل»: «قدمته لبطولة مسرحية «مشهد من فوق الجسر» لآرثر ميلر، ويُعتبر هذا العمل الفنى الوحيد الذى تقابلنا فيه كهواية قبل الاحتراف، وتخرج من قسم النحل بالكلية وعمل لفترة فى وظيفته بجانب التمثيل، ولكن انشغاله بهوايته جعله يتوقف ليبدأ رحلته من العاصمة، وقدم عدداً كبيراً من الأفلام والمسلسلات، ولكن كان للسينما النصيب الأكبر». وأضاف «فاضل» لـ«الوطن»: «لم يحالفنى الحظ للتعاون معه مرة أخرى رغم رغبتى الشديدة فى العمل معه.
وقال «عبدالسيد» لـ«الوطن»: «كان عليه أن يشتغل ليقدم أكثر مما قدمه، فنلاحظه فى فيلم «الكيت كات»، وبعض الأفلام التى قدمها مع رأفت الميهى، بالإضافة إلى شخصيته وأفلامه الأولية التى كان يخرج فيها شاباً وسيماً، وفيلمه الأخير «إبراهيم الأبيض» نراها جميعاً أشكالاً مختلفة لمحمود، وقد يكون لديه أشياء أخرى لم نكتشفها بعد».
وأضاف: «لديه القدرة على تقديم أشياء مختلفة وبإجادة ومصداقية شديدة، بارع فى الرجل الشرير، وتجسيد خفيف الظل، فهو فنان قماشته واسعة، يقدر يشتغل فى أشياء كثيرة، لديه القدرة على التعبير عن أنماط مختلفة من الشخصيات صعب أننا نجدها فى ممثل واحد».
وتابع: «كان عليه أن يتجه للعمل فى السينما أكثر لأنها الوسيلة التى تعطى له أكثر من أى مكان آخر، ولكن التليفزيون كان له نصيب جاء على حساب السينما بالرغم من أنه قدم فى الفيديو أعمالاً ناجحة مثل «رأفت الهجان» وغيرها، وفى مسلسه الأخير «رأس الغول» لم يكن بقدر أدواره فى السينما التى تضم أدواراً هائلة». بينما عبّر المخرج عادل أديب عن حبه الشديد للساحر، قائلاً: «يكفينى أن تعاونت معه ثلاث مرات كمخرج ومشرف عام على الإنتاج، فهو يُعتبر آخر العظماء بعد أحمد زكى، ونور الشريف، الذين قدمت أعمالاً معهم من حسن حظى».
وقال المخرج مجدى أبوعميرة: شرفت بالعمل مع الفنان الكبير محمود عبدالعزيز فى أول مسلسل يعود به للتليفزيون بعد 16 عاماً من آخر عمل قدمه «رأفت الهجان»، بمسلسل «محمود المصرى»، كان فناناً عظيماً ينتمى لزمن الفن الجميل، لإخلاصه غير العادى فى عمله، فضلاً عن تواضعه الشديد مع الجميع، من أكبر شخص لأصغر عامل كان يجلس للأكل معهم». وأضاف «أبوعميرة»: «سافرت معه للتصوير فى أوروبا وتقربت منه جداً، ووجدته إنساناً شديد الطيبة، وعلى الجانب الفنى له حضور طاغ أمام الكاميرا، ورغم أننا فى زمن التكنولوجيا، وحين يخطئ الممثل فى مشهد يمكن استكماله من مكان ما توقفنا، إنما الراحل كان لديه إصرار على إعادة المشهد من الأول، فكان لديه إحساس متدفق يحب أن يحافظ عليه».