بعد فشل استغلال الفقراء للتلاعب بقضيتهم يوم ١١/١١ ردد بعض الصبيان عبارة: لو فتحوا لنا الميادين لرأيتم الملايين ولحدثت ثورة، والأمر إلى هذا الحد لا يستحق التعليق، لولا أننى رأيت باحثين سياسيين على قنوات إخوانية يرددون صدى هؤلاء الصبيان، وهذا انحراف فى علم السياسة لا يقع فيه المبتدئون فضلاً عن المتخصصين، وهذه خواطر سريعة أكتبها بأسلوب بسيط فى كشف هذا التلاعب وتبرير فشل ١١/١١مع خواطر أخرى:
١- لا يوجد نظام فى العالم يقول للناس: تفضلوا سأفتح لكم الميادين وقوموا بثورة ضدى، ولو أن الأنظمة فتحت الميادين لمن يريد ثورة لوقعت كل يوم ثورة ليس فى مصر فقط بل فى قطر وتركيا والسعودية والمغرب وأمريكا وكل بلاد العالم، وتحول الأمر لفوضى.
٢- الصحيح أن يخرج طوفان من البشر ويتوجه للميادين، فإن وجدها مغلقة يرجع، أما أن تنام فى بيتك وتجلس على الفيس بوك، وتتابع أخبار مباراة مصر وغانا، ثم تقول: الميادين مغلقة، فإن فى ذلك سخرية يرفضها العقل والمنطق، ويرفضها الفقراء الذين تزعم أنك تدافع عنهم.
٣- إذا كان ميدان التحرير مغلقاً فلماذا لم يتوجهوا إلى ميادين مصر المفتوحة، فالثورة هى التى تخلق الميادين، فلو اجتمع الملايين فى الطرقات والشوارع فقد صار مكان تجمعهم ميداناً لثورتهم.
٤- كانت معظم ميادين المحافظات كسوهاج وقنا والمنيا والمحلة مفتوحة، ومع ذلك لم يخرج أحد.
٥- كان دعاة التخريب يعلمون أن الميادين مغلقة مسبقاً، فلماذا إذن الدعوة لثورة؟
٦- مبارك لم يفتح الميادين، واستخدم السلاح، ومع ذلك حدثت الثورة، لأن الملايين لو خرجت فعلاً فلن تستطيع أى قوة فى العالم الوقوف ضدها.
٧- من التلاعب بالكلام القول إن الميادين كانت مفتوحة فى ٣٠ يونيو، صحيح لم تكن مغلقة، كل ما فى الأمر أن الإخوان عجزوا عن غلقها، ولو كانوا يملكون غلقها وإبادة من فيها حفاظاً على التنظيم لفعلوا، وكان من توفيق الله تأييد الشعب والأزهر والكنيسة والجيش والقضاة للثورة.
٨- لفظ «ثورة الغلابة» لفظ مستحقر فيه ذل وإهانة، وكان ينبغى تسميتها «ثورة الفقراء»، وهو اللفظ الذى استخدمه القرآن الكريم، وفيه معنى العزة والكرامة، وأن الفقير وإن كان يعانى من ظروف صعبة فإنه ممتلئ بالعزة والكرامة والإباء والافتقار إلى الخالق وليس المخلوق، وإن جاز إطلاق كلمة «غلابة» فى اللغة الدارجة فإنه لا يجوز إطلاقها عنواناً للثورة!
٩-لم يكن الخطاب الدينى فى مستوى الحدث، بل كان بعيداً نمطياً عن واقع الناس ومشاكلهم، فالأزهر الرسمى يتحدث عن حرمة التخريب، وخطبة الأوقاف تتناول فضل مصر، وكان الأجدر بهم أن يكون الكلام عن (مشكلة الفقر وكيف عالجها الإسلام) يشرحون فيه كيف أن القرآن الكريم عالج مشكلة الفقر بعشرات الإجراءات التى يرجع بعضها للحكومة وبعضها للمجتمع والأسرة والفرد، وأن مشكلة الفقر مثل مشكلة تطوير التعليم لا تتم بثورات، إنما تتم بإجراءات نجدها ناصعة فى هدى سيدنا محمد عليه أفضل الصلاة والسلام.
١٠- شكا واحد من ألم شديد جداً فى أسنانه، فقالوا له: اذهب إلى طبيب الأطفال، فرفض، لا لأنه لا يريد الشفاء، وإنما أيقن أن علاجه ليس عند طبيب الأطفال، هذا ما حدث، لم يرفض المصريون الخروج لأنهم راضون بالغلاء، بل لأنهم تأكدوا أن العلاج ليس عند الخونة والمخربين من الإخوان، وعلى الحكومة أن تعى أن عدم الخروج ليس رضا أو عجزاً بل صبر جميل.
١١- لو أن الجهود التى بذلت فى «أسبوع الغلابة» بذلت فى أسبوع نخصصه للتبرع بالدم للفقراء، ماذا ستكون النتيجة؟!
١٢- الحريصون على الفقراء فعلاً هم الذين تجاوزوا إجراءات الحكومة، ونعيق الإخوان، ووقفوا بجانب الفقراء من خلال عمل فردى أو جمعيات خيرية تعالج المرضى، وتكفل الأيتام، وتبنى الأسقف المنهارة، وتزوج من لا تستطيع الزواج، وإن كان هذا وحده لا يغنى عن دور الحكومة.