«مواكب زفة» فى المحافظات.. والأهالى يشكرون الرئيس
والدة أحد المفرج عنهم تستقبله بالزغاريد
عمّت حالة من الفرحة أرجاء المحافظات، بمسقط رأس الشباب المفرج عنهم بموجب قرار العفو الرئاسى الذى شمل الإفراج عن 82 شاباً، استجابة للنداءات العديدة بشأن مراجعة موقف الشباب المحبوسين بموجب أحكام قضائية بتهم مختلفة، واستقبل الأهالى الشباب بالزغاريد ومواكب الفرح وسط عبارات الشكر للرئيس ودعاء أمهات المفرج عنهم.
فى البحيرة، أعرب أهالى الشباب المُفرج عنهم عن شكرهم للرئيس عبدالفتاح السيسى، لإصداره قراراً بالعفو عن الشباب، والذى شمل 14 شاباً من أبناء المحافظة، وقدّمت أسر المُفرج عنهم، الشكر لكل من ساهم فى صدور القرار، حتى يرى هؤلاء الشباب النور مرة أخرى، ويعودوا لأحضان أسرهم، وتجمع بعضهم أمام مديرية الزراعة بمدينة دمنهور، منذ الساعات الأولى من صباح أمس، انتظاراً لعودة أبنائهم وأشقائهم، بعد أن أرسلوا «أوتوبيس» ليقل الشباب بعد انتهاء إجراءات الإفراج عنهم من سجن برج العرب إلى محافظة البحيرة، وبعد ساعات من الترقب والانتظار، وصل الشباب إلى أرض البحيرة، وعلت الأصوات بالتهليل والزغاريد، وامتزجت الضحكات بدموع الفرح والشوق، فيما قام زملاء الشباب المفرج عنهم بإقامة «زفة بحراوية»، وأنشدوا الأغانى واصفين إياهم بالأبطال.
والد «عادل رمضان» ببورسعيد: أصابنى المرض وعانينا من تكلفة الزيارة كل أسبوعين.. و«أحمد السمخراطى»: حُكم على شقيقى بالسجن 15 عاماً وقرار «العفو» أنهى الخصومة بين الدولة والشباب
وأثناء ذلك تجمع سكان منطقة مديرية الزراعة على أصوات الزغاريد، وقدموا التهنئة لأسر المفرج عنهم، وألقوا الحلوى على المارة بالشوارع من الشرفات ابتهاجاً بالإفراج عن المحبوسين، وقال أنس السمخراطى، شقيق أحمد محمد مرسى السمخراطى، 24 عاماً، مهندس، أحد الشباب المفرج عنهم بمدينة دمنهور، إن شقيقه حُكم عليه بالسجن لمدة 15 عاماً، فى القضية المعروفة شعبياً بـ«السحور»، رغم عدم انتمائه لأى تيار سياسى أو دينى، أو حتى توجهات حزبية، مضيفاً: «فوجئنا بخبر القبض عليه مع أصدقائه الـ10 أثناء تناولهم السحور فى ثالث أيام شهر رمضان 2014، داخل شقة أحدهم، ووجهت لهم السلطات تهم الانضمام لجماعة محظورة وقطع طريق وحرق شركة سياحة، وصدر الحكم ضدهم بالسجن 15 عاماً، ولكن فى النهاية تحقق العدل والحمد لله على كل شىء، وأشكر الرئيس عبدالفتاح السيسى، على تلك اللفتة الطيبة، التى تؤكد عدم وجود خصومة بين الدولة والشباب، وأناشده العفو عن باقى المحكوم عليهم وهم 7 شباب من أبناء مدينة دمنهور، حتى ينعموا بالحرية».
وأكد مصطفى مكاوى، شقيق معتز محمد أحمد مكاوى، 23 عاماً، محام، وأحد الشباب الذين أُلقى القبض عليهم فى قضية «السحور»، بمدينة دمنهور، أن شقيقه تم القبض عليه يوم 3 يوليو 2014، وكان يستعد لتقديم أوراق التحاقه بالقوات المسلحة، لأداء الخدمة الوطنية فى 20 من نفس الشهر، مشيراً إلى أن النيابة العامة ظلت تجدد حبس شقيقه مع أصدقائه لمدة عام، حتى حُكم عليهم بالسجن 15 عاماً فى 20 أبريل من العام الماضى، لافتاً إلى أن الأسرة عاشت أياماً قاسية، خاصة والديه، بسبب سجن شقيقه ظلماً، بعد توجيه تهم باطلة له ولأصدقائه، على حد قوله.
«زغاريد بحراوية» فى دمنهور.. والأهالى يلقون بالحلوى من شرفات المنازل.. وشقيق سجين كفر الشيخ: كنا نثق فى براءته رغم سجنه ثلاث سنوات
وتابع قائلاً: «أخى ليس له أية انتماءات سياسية، وكانت الفترة الماضية من أصعب الفترات التى مرّت علينا بسبب سجنه وغيابه عنا وتقييد حريته، وكان لدينا أمل كبير فى أن الله سيقف بجانبه، وأشكر الرئيس عبدالفتاح السيسى على تلك الخطوة المهمة والتى ستكون خطوة على طريق المصالحة بين الدولة والشباب».
سيد خلاف، والد إسلام سيد محمد خلاف، 21 عاماً، طالب، أكد أن نجله سُجن ظلماً بعد أن تم توجيه اتهامات باطلة له ولأصدقائه، ما تسبب فى الحكم عليهم بالسجن 15 عاماً، مشدداً على أن نجله لم تكن له انتماءات سياسية، وليس له علاقة بتنظيم الإخوان، ولم يشارك مطلقاً فى أية تظاهرات بمدينة دمنهور، وتابع: «عشت أياماً صعبة للغاية وقاسية على قلبى ونفسى، وعلى جميع أفراد الأسرة، بسبب سجن إسلام، ويكفى أنى كنت مقاطعاً كل المحيطين بى، حتى لا أرى نظرات الشفقة والعطف فى عيونهم بسبب سجن ابنى، وفرحتى لن تكتمل إلا بعد العفو عن باقى زملاء وأصدقاء إسلام، وأناشد الرئيس عبدالفتاح السيسى، العفو عن الـ7 الباقين لأنهم بالفعل سُجنوا ظلماً».
أما حياة راشد، والدة شادى سعيد شعبان، 22 عاماً، صيدلى، فعبرت عن فرحتها بـ«زغرودة» وعيون باكية، لم تتوقف عن التطلع إلى وجه نجلها واحتضانه من آن لآخر، لتعويض أيام حرمانها منه خلال فترة سجنه، يتخلل كلماتها وهن.. «ابنى ملتزم ووطنى وبيحب بلده، وإحنا نزلنا فى 30 يونيو عشان ننهى حكم الإخوان، ولأننا مش بنحبهم ومش عاوزينهم يحكمونا، يبقى إزاى ابنى كان منضم ليهم، وإزاى كان بيشتغل ضد الدولة، ومع ذلك كنت واثقة من عدالة ربنا وأن شادى هيطلع فى يوم من الأيام عشان مظلوم، وكل الشكر للرئيس عبدالفتاح السيسى».
«بكاء وفرحة»، مشاعر متقلبة سيطرت على والدى الشاب عادل رمضان الذى شمله قرار العفو الرئاسى ضمن 82 آخرين من الشباب المحبوسين، وسط جمع من الأهالى والأقارب فى منزل الأسرة بمنطقة «القابوطى» ببورسعيد، يتخلل زغاريد النساء، فرحاً بالخبر، دعاء الأم للرئيس السيسى مرددة «ربنا يبارك فيه وينصره لأنه أب ورحيم بأبنائه الشباب».
لم يستطع الأب رمضان صالح عبدالهادى، 66 عاماً، أن يتمالك نفسه وهَمّ باكياً، بكاء الفرح، بعد أن أبلغته زوجة نجله بخبر إطلاق سراح نجله عادل، بقرار عفو من الرئيس السيسى شخصياً.. «كانت الساعات والدقائق تمر علينا وكأنها دهر، فى انتظار خروج ابنى الوحيد على أربع بنات، لم أبك حينما توفى والدى كما بكيت من فرط الفرحة بخبر الإفراج عن نجلى الوحيد، وما كان يحزننى دائما هو سؤال ابنتيه حنين وفاطمة، يا جدو هو بابا هيرجع البيت أمتى؟»، وصف الأب مشاعره بتلك الكلمات القليلة فى حديثه لـ«الوطن»، مؤكداً أنهم زاروا نجله فى محبسه منذ ما يقارب الأسبوع، لتتجدد أحزانهم عقب كل زيارة يتركونه خلف القضبان ماضين لحياتهم الرحبة الواسعة، مضيفاً «ابنى عادل عمره 35 سنة ويعمل محاسباً فى أحد مصانع منطقة الاستثمار الحرة بالمحافظة، ودائماً كان فى حاله ولا يشغله سوى أسرته، ويمشى بما يرضى الله وليس له صلة بالسياسة ولا يشارك فى المظاهرات، ولكن قبض عليه ظلماً، بتهمة المشاركة فى أعمال شغب وتم الحكم عليه بالسجن، وأوضح الأب أنه يعمل بمهنة الصيد ويسافر محافظة السويس، مقر عمله، لشهور طويلة، إلا أنه بعد سجن نجله، أصابه المرض، ولم تعد قدرته على العمل كما كانت، وأضاف: «بعد حبس نجلى منذ 3 سنوات ونصف امتنعت عن الذهاب للعمل وأصابنى المرض وأمه حزناً على فراق ابننا وعشنا فترة صعبة مادياً خاصة أنه كان عائلنا الوحيد، كما كنا نعانى من مشقة السفر والتكلفة المادية لزيارته فى سجن طرة كل أسبوعين، وكل مرة أذهب وأتمنى أن يرجع معنا وفى العودة يخيب رجائى».
ووسط الوجوه الفرحة، ارتكنت الأم إلى الحائط، لتخفف الحمل عن ظهرها الذى أصابه الوهن وهى تردد «الحمد لله والشكر لله وربنا كبير، كنت أتوضأ لأصلى المغرب وشعرت بحنين قاتل لأرى نجلى، وأحلم برجوعه يعيش وسطنا وصليت وسجدت ودعوت الله من قلبى أن أراه قبل أن أموت وبعد انتهائى من الصلاة، سمعت الخبر بخروج عادل، فلم أتمالك نفسى وانهمرت الدموع من عينى ثم سجدت لله شكراً وحمداً، ونشكر الرئيس السيسى على قرار العفو، فهو فعلاً أب رحيم ويعلم غلاوة الأبناء».
وفى كفر الشيخ، قال إبراهيم عبدالحليم عابدين سليمان، شقيق الطالب سيف الدين، المفرج عنه بعفو رئاسى، والمقيم بقرية «شنو»، التابعة لمركز كفر الشيخ، إن أسرته استقبلت قرار العفو الرئاسى عن شقيقه، بفرحة عارمة، لافتاً إلى أن أهالى القرية توافدوا على منزل الأسرة لتقديم التهنئة، وسط دعوات نساء القرية للرئيس السيسى.
وأضاف أن شقيقه لم يعد لمنزله حتى مساء أمس الأول، نظراً لوجود إجراءات قانونية يجب إتمامها قبل الإفراج عنه، موضحاً أن أسرته وأصدقاءه لم يتوقعوا أن يشمله قرار العفو الرئاسى، ولفت إلى أن سيف الدين ألقى القبض عليه يوم 28 ديسمبر عام 2013، أثناء توجهه لأداء امتحانات نصف العام الدراسى بالسنة الثانية فى كلية الدعوة الإسلامية بجامعة الأزهر، ووجهت له الأجهزة الأمنية عدة تهم من بينها حرق كلية التجارة بذات الجامعة، والتظاهر بدون تصريح، وإثارة الفوضى، وغيرها من الاتهامات فى القضية التى حملت رقم ٦٩١٧ لسنة ٢٠١٣ جنايات قسم أول مدينة نصر، وحكم عليه بالسجن ٧ سنوات، قضى منها ٣ سنوات، وكان نزيلاً بسجن «أبو زعبل» أثناء التحقيقات، وعقب صدور الحكم عليه، نقل إلى سجن «طرة».
وأشار شقيق المفرج عنه، إلى أن والده يعمل موظفاً بإدارة أوقاف كفر الشيخ، ووالدته كانت تنتظر خروجه بفارغ الصبر، ولم تكن تتوقع أن تراه مرة أخرى، مضيفاً «بعد تأكدنا من شموله بقرار العفو الرئاسى عمت الفرحة والسعادة منزلنا، ومنازل الأهل والأقارب، وتأكدنا أن العدالة ما زالت موجودة، فشقيقى مثال للخلق الطيب، ولم يشترك يوماً ما فى أعمال شغب أو عنف، ورغم ذلك ينتابنى الحزن بعد أن ضاعت على شقيقى سنتان فى الكلية حيث لم يتمكن من استكمال دراسته بعد الحكم عليه».
«كنا نرى العذاب والمهانة، فى الدخول والزيارة، وأحياناً لم نتمكن من زيارته»، هكذا وصف إبراهيم معاناة الأسرة فى كل زيارة لشقيقه بسجن طرة وناشد الرئيس إعادة النظر فى لوائح السجون بشأن تنظيم الزيارة، لتخفيف معاناة ذوى المسجونين، مؤكداً أنهم كانون يعانون الأمرين خلال زيارة شقيقه فى السجن.