حاول «مبارك» إخفاء فرحه وشماتته، وهو يتابع ملامح الخوف تعلو وجه «مرسى».. كان «المفزوع» مفزوعاً للغاية وهو يتخيل نفسه فى السجن.. دارت بخلده أفكار متصادمة.. وقال لنفسه: هوّ أنا عملت حاجة..؟ أيوه فيه ناس ماتت فى المظاهرات.. الدم أصبح حقيقة.. بس أنا هاقول للمحكمة إن المرشد والشاطر كانوا بيخططوا لكل حاجة.. هاحلف للقاضى إنى ماكنتش رئيس بحق وحقيقى.. أكيد هوّ عارف زى مصر كلها..!
قبل أن يتمادى فى أفكاره المرعبة.. بادره مبارك وكأنه يعرف ما يعتمل بداخله: اسمع يا مرسى.. إحنا لازم نتحرك بخطة واضحة.. إنت طلبت مساعدتى.. وأنا مش هاتخلى عنك.. بس المهم ماترجعش فى كلامك.. يعنى تسمع الكلام..!
قاطعه مرسى غاضباً: يعنى إيه أسمع الكلام..؟! خلى بالك أنا رئيس مصر.. أنا جامد..!
ضحك مبارك مجلجلاً: نعم ياخويا.. إنت هتعمل ريّس علىّ أنا..؟! خلاص روح شوف حالك بعيد عنى.. أنا مش محتاج منك حاجة.. أنا طالع براءة براءة براءة.. يا راجل ده مفيش واحد فى البلد ماطلعش براءة.. انت عارف إنكم «حمادة آخر حاجة».. ده المجلس العسكرى اللى أنا باعتبرهم ولادى بهدلونا.. ولما جيت للحكم انت واخواتك افتكرت ان أيامنا هتبقى أسود من قرن الخروب.. طلعت أزهى أيام البراءة.. يا راجل ده أنا بافكّر أعمللكم إنت والشاطر بتاعك ده ومرشدكم حفل كوكتيل احتفالاً ببراءة كل رجالتى، وآخرهم شفشق حبيبى..!
صرخ «مرسى» مستنكراً: كوكتيل..! كوكتيل إيه ده..؟! إحنا ناس بتعرف ربنا.. مش بتوع المسخرة دى..!
مبارك ساخراً: يا عم يا بتاع ربنا.. كوكتيل خروب وعرقسوس وحلبة حصى..
صمت مبارك لحظات.. واستطرد: بمناسبة ربنا يا عم المؤمن، إيه أخبار الولاد اللى اتقتلوا فى المظاهرات ضدك.. جيكا ومحمد الجندى.. والحسينى أبوضيف.. وشهداء بورسعيد، وكمان إيه أخبار قطر معاكم..؟ أما أنا كركعت لما كنت هافطس من الضحك وأنا باتفرج على الواد «باسم يوسف» وهوّ عامل أوبريت «قطرى حبيبى».. الواد خلاصة.. فرّج عليكم العالم كله.. بصراحة «باسم» ده دكر.. أكيد بيطلعلك بالليل وانت نايم.. صارحنى يا ابوالأمراس، انت فعلاً، زى ما سمعت، بيجيلك باسم فى كوابيس مفزعة، وبتصحى تصرخ: «شيلوه من فوقى.. باسم وحش.. باسم كخة»..؟ صحيح يا ابوالأمراس إنك مش بتنام تانى إلا إذا غنوا حواليك «يا باسم قول لمرسى إنت رئيس.. ماتزعلش من واد سيس»؟!
تتدحرج دمعة هاربة من عين «مرسى».. يصمت «مبارك» متفحصاً وجه «المفزوع».. يجهش «مرسى» بالبكاء.. ويقول بصوت متهدج: لو سمحت بلاش السيرة دى.. الواد باسم ده أنا باكرهه.. باكرهه.. باكرهه.. تصدق يا «مبارك» ياخويا.. أنا أدعو عليه فى كل صلاة.. وأنا ماشى.. وأنا نايم.. باقول «يا رب يقعد له فى عياله.. وفى عافيته.. يا رب اخرسه علشان ما يعرفش يتكلم تانى.. أو يطلعله دمل كبير.. كبير قوى وما يعرفش يقعد يتريق علىّ»..!
يضحك «المخلوع» مرة أخرى ويقول: بس بصراحة يا مرسى، الواد باسم مش غلطان.. انت اللى بتديله الفرصة.. فيه رئيس يا راجل يتكلم بالطريقة دى..؟! مش عارف إنجليزى اتكلم عربى.. وكمان إيه حكاية الحارة المزنوقة.. و43675.. والقرد والقرداتى.. والحاوى والتعبان.. يا راجل ده انت رئيس مصر.. عارف يعنى إيه مصر.. إزاى تقبل إن أمير قطر مايستقبلش رئيس مصر فى الطيارة.. قطر يا راجل.. قطر يا ابوالأمراس..؟! الكبيرة عليك يا مرسى.. العيبة عليك يا مرسى.. دى قطر يا راجل كانت بتبوس الأيادى علشان بس نتعامل معاها باعتبارها دولة.. تقوم انت تركّبها على مصر كلها..؟! هوّ ده أول درس فى «الكورس» اللى هتاخده منى.. يللا يا ابوالأمراس.. خلينا نبدأ..!
يعتدل «مرسى» فى جلسته أمام «مبارك».. ويفتح «كشكول 60 صفحة سطر وسطر»، ويمسك بقلم رصاص سن تخين، ويضبط نضارته، ويقول: «أنا جاهز.. يللا يا باشا»..!
يرفع «مبارك» يده وهو يشرح: شوف يا ابنى.. بص كويس.. ده أول درس.. لما رئيس الدولة يتكلم يرفع إيده.. مش صباعه يا مرسى.. ورئيس الدولة ماينفعش يهدد ويحذر ويتوعد إلا إذا كان يقدر فعلاً.. يعنى مش أى كلام يتقال.. وماينفعش الريس كمان يلقّح على الناس إلا إذا كان عنده معلومات أكيدة ووثائق ومستندات.. التلقيح ده يبقى على القهاوى.. ممكن واحد زى العريان يلقّح على تويتر.. أو عيل إخوانى يلسّن على الفيس بوك.. لكن الريس لما يرفع يرفع إيده مش صباعه.. ولما يتكلم يبقى كلامه موزون.. لأن اللى بيقول مابيعملش.. واللى بيعمل مابيقولش».
يهمّ مرسى برفع أصبعه.. فينهره «مبارك»: تانى بترفع صباعك..؟! ثم يسحب عصا غليظة من تحت «الملاءة البيضاء»، ويصرخ: «افتح إيدك يا مرسى»..!
يضع «مرسى» يديه داخل جاكت البدلة.. ويقول مسترحماً:
لا والله.. أنا ماغلطتش.. أنا بارفع صباعى أستأذن من حضرتك فى سؤال..!
يعيد «مبارك» العصا إلى جانبه.. ويقول: خلاص مصدقك.. اسأل يا عم..!
- يعنى لما أحب أبقى جامد.. وأخوف الناس.. وأعمل فيها «ريس بحق وحقيقى».. أعمل إيه..؟!
مبارك: حلو السؤال ده.. إنت كده تلموذ نجيب.. شطورة يا ابوالأمراس.. بص يا سيدى.. انت لازم حد فاهم يكتب لك خطبك.. ماينفعش ترتجل وتقول أى كلام.. بص، أنا عندى واحد جامد قوى وممكن أقنعه يساعدك..!
مرسى: مين يا ريس.. هه مين.. مين..؟!
مبارك: محمد كمال بتاع الحزب الوطنى.. ده واد ما جابتوش ولادة.. وماتخافش ماحدش هيعرف إنه بيكتب لك الخطب..!
مرسى صارخاً: نعم ياخويا.. محمد كمال.. انت عايزنى أروح فى داهية؟!.. لأ.. لأ.. ما ينفعش.. شكلك عايزنى أحصّلك فى طرة.. شوف لىّ حد تانى.. ما الحزب الوطنى بتاعك ده هوّ اللى خرب مصر.. وهوّ اللى خلى الثورة تخلعك.. فاضل تقوللى هات أحمد عز مستشارك الاقتصادى..!
يرد «مبارك» بحدة: اسمع.. لازم تكلمنى بطريقة محترمة.. مش هاسمح بأى تجاوز.. يا إما هاطردك من الفصل..!
مرسى: آسف يا مستر.. بس بلاش العصايا..!
مبارك: طيب.. عقابك مش بالعصايا.. انت بقى تعزمنا على الغدا.. ابعت هات لنا وجبتين «هابى ميل» من ماكدونالدز.. ولتر ونص بيبسى.. وسلطة «كول سلو» حجم كبير.. و2 كيلو موز مستوى.. وقرطاس لب.. علشان عندى مفاجأة لك آخر حاجة..!
تتسع حدقنا عينى مرسى ويسأله: إيه هىّ المفاجأة يا مستر..؟!
مبارك: اطلب الدليفرى الأول.. وتعالى جنبى وطلّع نمرة الشاطرة على موبايلك..!
لمتابعة الحلقات السابقة:فانتازيا افتراضية: المخلوع والمفزوع «3»فانتازيا افتراضية: المخلوع والمفزوع «2»فانتازيا افتراضية: المخلوع والمفزوع «1»