من سائقى النقل الثقيل إلى المواطنين: «مش إحنا اللى بنسرقكم»
فى الظلام، وقفت سيارة هائلة الحجم تحمل أرقاماً غير حكومية، تعلوها صناديق ممتلئة عن آخرها بـ«زيت التموين المدعم»، ينقله بضعة شباب إلى سيارة أخرى تقف إلى جوارها، يتجمع عدد من المواطنين حولهم هاتفين: «إنتم بتسرقوا زيت الناس الغلابة»، فيكون الرد: «لأ، إحنا اللى بنوصله ليكم».
قبل عدة أيام، قضى سائق المقطورة «حسن سلطان» ليلتين فى العراء ليملأ «تنك» السولار ويوصل حمولته إلى «الناس الغلابة» حسب تعبيره، فدونه ورفاقه لا يستطيع المواطن العادى «شرب الشاى»، ورغم ذلك فـ«وزارة التموين اللى بنخدمها مش راضية تخدمنا وتوفر لنا السولار».
حسن، يبلغ من العمر 40 عاماً، يعمل سائقاً منذ وعى الحياة، بصورة يومية، ينقل «سلطان» المواد التموينية المدعمة عبر المحافظات «بجيب الزيت من الشرقية للقاهرة وساعات بروح محافظات الصعيد»، مما يعرضه لمحاولات السرقة باستمرار «البلطجية بياخدوا الحمولة وممكن يضربوا السواق بالنار، ما هى تساوى أكتر من نص مليون جنيه فى السوق السوداء»، ضعف الحالة الأمنية يجعلهم فى مرمى الخطر باستمرار لكنه «مخليها على الله»، يؤكد الرجل الذى يعول ابنتين أن وزارة التموين يجب عليها تأمين حمولاتها عن طريق قوات الأمن، فمنذ استوقف اللصوص أحد السائقين قرب الطريق الدائرى واستولوا على الحمولة بالكامل وسرقوا السيارة، الأمر الذى دفع وزارة التموين لإبلاغ النيابة العامة «مش عشان خاطرنا، عشان تحبس السواق ويبقى موت وخراب ديار».
السولار، كلمة السر التى تحكم سوق النقل، يضطر السائقون أحياناً لشرائه من السوق السوداء، رغم مسئولية وزارة التموين عن توفيره وعلمها الكامل بمعاناة السائقين للحصول عليه -حسب محمود علام أحد السائقين- فإنها لم ترفع أجر «النقلة» منذ أكثر من 10 أعوام «بشترى اللتر بـ2 جنيه، وباخد 750 من وزارة التموين عشان أنقل الحمولة»، فى العديد من الأحيان، يتم التلاعب فى الشحنات المنقولة عبر سيارات المقاولين المسئولين عن نقل السلع التموينية «فيه سواقين بيسرقوا سلع، المفروض الوزارة هى اللى تشرف بشكل مباشر على النقل».
حسن يؤكد أنه «ممكن أنقل سلع تانية بأضعاف السعر، لكن لو السواقين خدوا القرار ده، اللى شبهنا هما اللى هيضروا»، كل أمله فى الحياة أن ينظر له المواطنون بعين الرحمة ويتحروا الدقة فى اتهامهم له مع قرنائه «إحنا عايشين فى زمن الشك، بس مش إحنا اللى حرامية».