علماء دين واجتماع: بُعد الخطاب الدينى عن الواقع يحول الشباب إلى متطرفين أو ملحدين
أزمة الخطاب الدينى تبحث عن صيغة مناسبة
أكد علماء الدين والاجتماع أن جمود الخطاب الدينى، المقدم من جميع الأديان وابتعاده عن الواقع، يُنتج شباباً إما متشددين أو منحلين أو ملحدين، وأن دعوة الرئيس عبدالفتاح السيسى رجال الدين والمختصين للتجديد، أمر حيوى وضرورى فى المرحلة الراهنة، حتى يواكب الخطاب الزمان والمكان والتطور الفكرى، لأن التقيد والجمود كان سبباً فى انتشار التطرف والإلحاد بين الشباب، مشددين على ضرورة أن ينضم لعلماء الدين خبراء علم الاجتماع والنفس، لدراسة الأحوال الاجتماعية المتغيرة وآثارها على الشباب وأفكارهم وعقائدهم. وقالت الدكتورة آمنة نصير، أستاذ الفلسفة والعقيدة وعضو مجلس النواب، إن انتشار مرض الإلحاد بين الشباب سببه ضعف الخطاب الدينى المقدم من جميع الأديان ليس الإسلام فقط، وهو ما أشار إليه الرئيس السيسى فى كلمته، لافتة إلى ضرورة أن يكون الخطاب الدينى قابلاً للتطبيق وبشكل عملى حتى يجذب الشباب إلى الدين، وأضافت نصير: «الأديان بخطابها الضعيف لن تنجح فى لمِّ الشباب حولها، لأنها لا تراعى المناهج التى تقرب كل إنسان إلى دينه، وغلب عليها الرتابة والتكرار فى العرض دون تجديد يواكب معطيات العصر، وبلغة سهلة تصل إلى جميع الأعمار كباراً وصغاراً، كى يجد الشباب قدوته على أرض الواقع»، وأشارت إلى أن طلب الرئيس مشاركة علماء الاجتماع والنفس فى تجديد الخطاب الدينى، هدفه أن يستوعب الخطاب البيئة المجتمعية التى يعيش فيها الناس ومقتضيات العصر، ويتناسب معها، خصوصاً أن الإنسان جزء من الوسط الذى يعيش فيه ويتأثر بما فيه من أفكار ومعتقدات دينية، لذا لا بد أن يكون للعلوم الإنسانية دور فى تصويب الخطاب الدينى، وتقديمه بلغة العصر.
«آمنة»: «الخطاب» لا يراعى المناهج التى تقرب الإنسان لعقيدته.. و«عوض»: يجب ربطه بالواقع
وقال الدكتور بكر عوض، عميد كلية أصول الدين السابق، إن تجديد الخطاب الدينى لا بد أن يرتبط بالواقع، فالدين يتكون من عقيدة وشريعة وأخلاق، والتجديد يكون فى حسن العرض، وإدراك الأدلة، مضيفاً: «الإلحاد مرض أو عرض وليس جوهراً، وينتج فى فترة زمنية معينة عندما يساء استغلاله من قبل القائمين عليه، وعندما يفشل الشاب فى إيجاد حل لمشكلة نفسية عند المختصين بدراسة الدين، وعندما يُوظف الدين بشكل شخصى، فهناك من يدعون من رجال الدين، مسلمين ومسيحيين، إلى الفضيلة فى الظاهر، فيما كانوا يأتون الرذيلة فى الباطن، كما أن من قالوا إن الإسلام هو الحل تستروا بهذا الشعار من أجل مصالح شخصية، ومن هنا أصبح البعض ينظرون لفكرة (الدين هو الحل) على أنها خرافة».
ومن جانبه، قال الدكتور محمود مهنا، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر، إن حديث الرئيس عن انتشار الإلحاد بسبب فشل الخطاب الدينى فى جميع الأديان موفق، كما أن دعوته للاستعانة بعلماء الاجتماع فى هذا الأمر لا خلاف عليها طالما أنهم ملمون بعلوم الاجتهاد، على أن يكون الأزهر مشرفاً عليهم. وقالت الدكتورة عزيزة الصيفى، أستاذ النقد والبلاغة وعضو لجنة تجديد الخطاب الدينى بالأزهر، إن ضعف الخطاب الدينى سبب من أسباب انتشار الإلحاد، خصوصاً فى ظل التخلف الذى يصدر عن بعض من يدعون أنهم علماء، بإظهار الأمور الشاذة فى التراث، مضيفة: «كل تلك الأمور أدت إلى خروج الشباب من الدين، وتحولهم من اليمين إلى اليسار، هذا بخلاف وسائل الإعلام الموجهة، والجهات التى تروج للفكر الماركسى، أو تشوه صورة الدين وعلمائه».