«الوطن» فى رحلة بحث عن «المحاليل الطبية» بالإسكندرية: «الطريق مسدود»
ضبط مخزن للمحاليل الطبية بـ«دكرنس»
«الطريق مسدود»، هذه الجملة هى خلاصة أى رحلة للبحث عن محاليل طبية فى صيدليات الإسكندرية، فبعد 6 ساعات «صعبة» قضتها «الوطن» فى البحث عن المحاليل، من الصيدليات إلى المراكز الطبية الخاصة إلى المستشفيات الحكومية، كانت النتيجة الوحيدة والحتمية هى الوصول إلى تجار السوق السوداء، وهناك يصبح على أهل المريض أن يدفعوا 150 جنيهاً فى العبوة الواحدة، رغم أن التسعيرة الرسمية لها هى 9 جنيهات.
بدأت «الوطن» رحلتها من مستشفى الأميرى الجامعى، فى الثامنة صباحاً، بتقديم مستندات أحد المرضى إلى الإدارة لإجراء عملية قلب مفتوح عاجلة، فكان الرد هو أن المريض سيحتجز فى المستشفى بعد الكشف عليه، إلا أنه سيكون ملزماً بتوفير المحاليل الطبية اللازمة من الصيدليات الخارجية، وتكرر نفس الرد فى مستشفى جمال عبدالناصر، الذى أكد أحد مسئوليه وجود نقص فى المحاليل و«ما باليد حيلة».
6 ساعات بحث تنتهى عند تجار «السوق السوداء».. وسعر العبوة يقفز من 9 إلى 150 جنيهاً.. وصيدلى رداً على طلب عبوة: «مفيش وما تحاولش»
ومن المستشفيين الحكوميين توجهت «الوطن» إلى عدد من المستشفيات الخاصة والاستثمارية الكبرى، فتنوعت الردود بين عدم وجود محاليل طبية، وبين إمكانية توفيرها بأسعار مرتفعة، ثم بدأت رحلة البحث فى الصيدليات الحكومية، ومنها صيدلية «الإسعاف» المركزية، وفيها كان رفض المسئولين تحديد موعد لتوافر المحاليل، وكانت النصيحة بالبحث فى الصيدليات الخاصة.
فى واحدة من أكبر سلاسل الصيدليات بمنطقة سبورتنج، شرق الإسكندرية، رد أحد الصيادلة على مطالبتنا له بعبوة محلول ملحى قائلاً «المحاليل لا تصل إلى الصيدليات منذ شهرين تقريباً، والصيادلة أنفسهم لا يستطيعون توفيرها للحالات التى تخصهم»، بينما قال صيدلى آخر فى إحدى الصيدليات الصغيرة بشارع سيف فى منطقة سيدى بشر، «المحاليل الطبية غير متوفرة فى جميع الصيدليات»، وعند الإلحاح عليه قال «نبحث عنها منذ 3 شهور تقريباً، وحتى المستشفيات تعانى من نقص حاد فيها»، وقال أشرف عوض، ابن أحد مرضى الكبد فى مستشفى خاص بمنطقة سموحة، إن علاج والده متوقف على 8 عبوات محاليل طبية، حيث تطالبهم الإدارة بتوفيرها من الخارج، موضحاً «عدم توافر المحاليل سواء فى المستشفيات أو الصيدليات منذ أكثر من شهرين، يضع علامات استفهام كثيرة حول التصريحات المتتالية من مسئولى الصحة عن انتهاء الأزمة، رغم أن الناس تموت فى المستشفيات يومياً، بسبب نقص المحاليل».
وأشار سائق التاكسى محمد الزغبى، إلى أنه يلف المحافظة من شرقها إلى غربها يومياً بحثاً عن عبوة محلول واحدة، بينما رد صيدلى فى ميدان الساعة بدائرة المنتزه على سؤال «الوطن» عن توافر المحاليل الطبية بكلمتين فقط «مفيش وماتحاولش»، وفى إحدى صيدليات الهانوفيل بالعجمى، قال الصيدلى «انت الشخص رقم 20 الذى يسألنى عن المحاليل منذ الصباح، لكن للأسف شركة التوزيع توقفت عن توريدها لنا»، ولم يختلف الوضع فى البيطاش عنه فى الهانوفيل، فكانت إجابة صيدلانية على «الوطن»، «لو وجدتم صيدلية واحدة تبيعها أبلغونا، لكن للأسف لن تجدوا صيدلية واحدة لديها محاليل»، فيما قال الحاج محمد السيد، أحد سكان العجمى، «أبحث عن عبوة واحدة منذ أسبوع دون جدوى، ويجب أن تتدخل الدولة لتوفير المحاليل، لأنها ليست سلعة ترفيهية ولا استفزازية، فعدم توافرها فى الصيدليات هو الاستفزاز بعينه، لأنها ضرورية للكثير من الحالات، ونقصها أخطر ألف مرة من أزمات نقص السلع التموينية».
وبالعودة إلى مستشفى الأميرى مرة أخرى، تطوع أحد العاملين فى المستشفى ليدلنا على أحد تجار السوق السوداء، حيث اتصل به تليفونياً، وحدد موعدنا لمقابلته بجوار أسوار مستشفى جمال عبدالناصر فى منطقة الحضرة، وهناك بادر التاجر قبل السلام بقوله «150 جنيه»، وعندما أكدنا له أن سعر العبوة الأصلى لا يزيد على 9 جنيهات، وعرضنا شراءها بـ50 جنيهاً، رد بحسم «السعر 150 جنيه، ولو مش عاجبك اتكل على الله». وأكد أحمد صادق، المسئول عن الصيدليات الأهلية فى نقابة الصيادلة بالإسكندرية، أن المحلول الملحى يأتى على قمة جدول الأدوية الناقصة، موضحاً أن «المستشفيات الأهلية هى أحد المحركات الرئيسية للسوق السوداء، التى ارتفع فيها سعر العبوة ليتجاوز الـ100 جنيه»، فيما قالت ياسمين شاهين، مسئول مخزن المنتزه الدوائية الطبية، إن «المحاليل الطبية ما زالت تعانى نقصاً حاداً على أرض الواقع، رغم التصريحات والوعود الرسمية بتوفيرها، فالمحاليل الموجودة فى مستشفيات الصحة تكفى أسبوعاً واحداً».