رئيس لجنة إعداد «زراعة الأعضاء»: القانون مُفعَّل بشكل محدود للغاية.. ونقل أعضاء المتوفين حديثاً يحد من الاتجار
الدكتور عبدالحميد أباظة
اعتبر الدكتور عبدالحميد أباظة، رئيس لجنة إعداد قانون زرع الأعضاء ومساعد وزير الصحة الأسبق، أن عدم تفعيل بند نقل الأعضاء من المتوفين حديثاً فى قانون زراعة الأعضاء، هو السبب الرئيسى لانتشار تجارة الأعضاء، مشيراً إلى أنه فى حالة تفعيل القانون سيتم السيطرة على عصابات الاتجار فى الأعضاء البشرية بشكل شبه كامل.
وأوضح «أباظة»، خلال حواره لـ«الوطن»، أنه لا يوجد اهتمام سياسى بقانون زرع الأعضاء، وأن القانون مفعل حالياً بشكل محدود للغاية، ما أدى إلى انتشار الاتجار فى الأعضاء البشرية بدليل عدم معرفة العديد من المنتمين للنخبة السياسية وأعضاء الحكومة ومجلس النواب بأن هناك قانوناً، وأنهم يدعون لدراسة إعداد قانون لزرع الأعضاء.
وأشار «أباظة» إلى أن إعداد القانون استغرق 14 عاماً وكان يتم رفضه لأن الجماعات المتشددة والتيارات الإسلامية كانت لا تعترف بموت جذع المخ، وتقول إنه لا يجوز شرعاً نقل عضو من المتوفى، ولكننا حصلنا على موافقة الأزهر والكنيسة ومجمع البحوث الإسلامية بالإجماع نهاية 2010.. إلى نص الحوار:
«أباظة»: لا يوجد اهتمام سياسى بقانون زرع الأعضاء.. والتيارات الإسلامية أخَّرت إعداده 14 سنة بسبب الخلاف على موت جذع المخ
■ هل قانون زراعة الأعضاء مُفعَّل أم لا؟
- القانون حالياً مفعل ولكن بشكل محدود للغاية.
■ وماذا كانت أهداف القانون منذ بداية إعداده؟
- القانون كان له هدفان، عاجل وهدف آجل، وقد كنا نستهدف بشكل عاجل ضبط الشارع المصرى فى مجال زراعة الأعضاء، والقانون صلح وضع مصر عالمياً، وكان الهدف ضبط الإيقاع الموجود، ووضعنا 15 شرطاً لمراكز الزرع، وبدأت اللجنة العليا والأمانة الفنية لزرع الأعضاء فى عملها على الرغم من المعوقات التى كانت موجودة فى هذا الوقت فى 2011 و2012 من عدم الاستقرار الأمنى والانفلات الإدارى إلى آخر الظروف إبان ثورة يناير ثم حكم الإخوان المسلمين الذين كانوا ضد القانون ويحاولون تعطيله، ورغم كل ذلك استطعنا كلجنة وأمانة فنية تنفيذ الهدف العاجل للقانون. أما الهدف الآجل فكان زرع الأعضاء من المتوفين حديثاً، وهذا ما كنا نسعى له لبدء تنفيذه فى 2016.
■ ماذا فعلتم بالضبط؟
- أعطينا تراخيص لـ32 مركزاً فقط لزراعة الأعضاء، وأغلقنا مراكز «بير السلم»، وكان هناك مرور دورى على المراكز ولجان تعمل، وكان هناك نشاط كبير للجنة العليا، وهذا النشاط بدأ يخبو ويختفى مع نهاية 2013 و2014.
■ وما الأسباب؟
- حدث تغيير فى أعضاء اللجنة العليا، والأمانة الفنية لم يكن لها أعضاء، واللجنة توقفت عن العمل، وكان ذلك فكر سياسى فى وقت من الأوقات، لم يكن أحد يعرف ما سببه بالضبط، والنتيجة ما حدث، وبدأت الرقابة تضعف وبدأت الأمور تنفلت لحين وصلت للوضع القائم، واكتشاف أكبر شبكة دولية لتجارة الأعضاء البشرية.
■ قبل إعداد القانون فى 2010 ماذا كان الوضع؟
- كان الوضع مثلما هو قائم حالياً، وكانت عمليات الاتجار والعمليات غير المشروعة فى تجارة الأعضاء منتشرة.
■ ألم تُجرَ عمليات زرع أعضاء قبل 2010؟
- كانت تحدث عمليات زرع أعضاء ولكن بلا قانون يحكمها، بالبيع والشراء، ولم تكن توجد موافقات، ولم تكن هناك أى إجراءات منظمة لعمليات زراعة الأعضاء، والمستشفيات كانت بتشتغل لوحدها.
■ هل كان يتم إجراء العمليات فى مستشفيات حكومية؟
- لا.. الإمكانيات لم تكن متوفرة بالمستشفيات الحكومية، وكانت مكلفة، وكله كان فى القطاع الخاص وبمبالغ مالية مرتفعة عن طريق البيع والشراء وكانت العملية أسوأ بكثير وفوضى.
نجحنا فى الحد من الاتجار بنسبة تتعدى الـ75% بعد إصدار القانون والوضع قبلها كان فوضى.. ونحتاج لرقابة أكثر على المنشآت الخاصة لكثرة الجرائم بها
■ وما الذى كان يحدث قبل إصدار القانون؟
- كنا نضبط كل يوم تشكيلاً من واقع ملفات النيابة العامة، ولكن العقوبة كانت مالية وإدارية، مثل مجلس تأديب أو شطب أو فصل، والسمسار أو البائع أو المشترى لم يكن له عقوبة، وكانت كلها أشياء هزيلة، والمسألة كانت فوضى ووضعنا كان سيئاً، وكنا مصنفين من الثلاث دول الأوائل، وكانت معنا فيتنام ودول لا تليق بمصر، ينتشر بها الاتجار فى الأعضاء البشرية.
■ وهل الوضع تغير بعد إصدار القانون؟
- القانون رقم 5 لسنة 2010 المنظم لعمليات زراعة الأعضاء أصلح وضع مصر عالمياً بدليل أن عصابات الاتجار لم تكن بهذا الانتشار، ولم تكن هناك عمليات بيع للأجانب لأن القانون يجرمها، وقد آتى القانون ثماره.
■ وما الدليل على أن القانون آتى ثماره؟
- العديد من الدول كإيطاليا وإسبانيا وإنجلترا والسعودية والأردن وفرنسا عرضوا مساعدتهم، وأرسلنا وفوداً للتدريب والتعليم وكان هناك نشاط رائع من 2010 لـ2014.
■ ما المدة التى استغرقها إعداد القانون؟
- القانون استغرق إعداده ما يقرب من 14 سنة، وكان يتم رفضه لأن الجماعات المتشددة والتيارات الإسلامية لا تعترف بموت جذع المخ، وتقول إنه لا يمكن أن نأخذ عضواً من شخص ميت، وحصلنا على موافقة الأزهر والبابا شنودة وقتها ومجمع البحوث الإسلامية بالإجماع، فى القاهرة مرة، والكويت مرة نهاية 2010، رغم وجود كتلة الإخوان المسلمين الـ88 عضواً، وتمت الموافقة على القانون بموافقة بعض أعضاء مجلس النواب من الإخوان.
■ وهل وضعتم قواعد لموت جذع المخ؟
- تم وضع قواعد لموت جذع المخ، وكيف يتم تشخيصه، وعملنا دورات تدريبية للأطباء.
■ وبعد إصدار القانون هل تم تفعيل العمل به والحد من عمليات الاتجار فى الأعضاء؟
- تم الحد من الاتجار بنسبة تتعدى الـ75% من عمليات الاتجار فى الأعضاء البشرية، وكان هناك 146 مركزاً تزرع أعضاء، وتم ترخيص 34، والباقى كله تم إغلاقه من جانب وزارة الصحة.
■ وعلى أى أساس يتم اعتماد المراكز الخاصة بعمليات زرع الأعضاء؟
- المعامل لها مواصفات معينة والأَسرَّة والأشعة المقطعية والعناية المركزة وطاقم العمل والتعقيم والتخلص من النفايات.
■ هل قيام الثورة فى 2011 كان له تأثير على مخالفة القانون؟
- قيام الثورة لم يؤثر على شىء إلا أن المرور ومراقبة أماكن زرع الأعضاء كان فيه صعوبة بسبب البلطجة ومع ذلك استمررنا.
■ هل إدارة التراخيص الطبية لها سلطة الضبطية القضائية؟
- لها وما زالت، وكنا نمر على كل المراكز، والمراكز المرخصة كنا نمر عليها ومنها الخاصة والتابعة للشرطة والقوات المسلحة ومستشفى الساحل التعليمى ومعهد الكبد، وهذه كلها تابعة لوزارة الصحة، وحالياً معهد ناصر ومستشفى الشيخ زايد بخلاف المراكز فى الجامعات كجامعة عين شمس والقاهرة والمنصورة والإسكندرية، ونجحنا فى تنفيذ الجزء العاجل وهو السيطرة إلى حد ما على سوق الاتجار فى الأعضاء البشرية، وبقى الجزء الآجل وهو زرع الأعضاء من المتوفين حديثاً.
■ وهل الأساس فى عمليات زراعة الأعضاء طبقاً للقانون «النقل من حى لحى» أم من «متوفى لحى»؟
- الأساس فى عمليات زراعة الأعضاء من متوفى لحى، وقد وضعنا النقل من حى لحى، لأن النقل من متوفى لحى يتطلب إجراءات ووقتاً كشبكة اتصالات ومواصلات، وقد وضعنا ضوابط لكلتا الحالتين لأن النقل من المتوفى لحى لن يكفى، وستكون هناك قوائم انتظار، وزرع الأعضاء من متوفى لحى سيوقف العصابات لأنه سيحد من الاتجار فى الأعضاء البشرية.
■ ولكن كيف وهناك نقل من حى لحى؟
- النقل من حى لحى سيقل جداً، أما النقل من متوفى لحى فسيكون الأكثر شيوعاً، والنقل من المتوفى يتطلب تنازلاً موثقاً عن أعضائه قبل وفاته.
■ وما معوقات تنفيذ بند نقل الأعضاء من المتوفين حديثاً للحى؟
- لا يوجد اهتمام سياسى بهذا الأمر.
■ كيف؟
- دعونا وزارة الصحة والحكومة لتبنى هذه القضية، وأن تكون هناك شبكة معلومات، ولكى يتم النقل نحتاج فريقاً مدرباً بطائرة للذهاب لمكان الحادث وشبكة اتصالات، واللجنة الصغيرة «الغلبانة» هتعمل إيه، إحنا بنضع الخطط والحكومة تتبنى.
أغلقنا مراكز «بير السلم».. ونشاط لجنة زرع الأعضاء بدأ يختفى نهاية 2014 بسبب خلافات شخصية فى وزارة الصحة.. وزرعنا ما يقرب من 600 حالة كبد و10 آلاف حالة كلى.. ولا بد من التوعية المجتمعية
■ وهل الإجراءات سهلة ونحن قادرون عليها؟
- بدليل أننا اتفقنا مع القاهرة وعين وشمس والمنصورة على أن يبدأوا عمليات الزرع، وعملنا اتفاقيات، وتوقف ذلك بسبب تغييرات فى اللجنة نتيجة لمشاكل شخصية.
■ وما عقوبة الأطباء؟
- السجن 20 أو 25 سنة والمريض ليس له عقوبة، والسمسار عقوبته 5 سنوات، ومدير المنشأة متضامن وله عقوبة جنائية والمنشأة يتم غلقها نهائياً.
■ وهل هناك حوافز لنقل الأعضاء؟
- درسنا قصة الحافز، وإيران تقدم محفزات مادية لكن الحافز المادى أو المعنوى ليس مجدياً.
■ كيف ستُقنع المواطن أن يكتب وصية؟
- هذا دور الإعلام، ولابد من التوعية المجتمعية.
■ لماذا إدارة التراخيص الطبية ليس لها دور فى اكتشاف تجارة الأعضاء؟
- هناك مشكلة بسبب قلة أعداد العاملين، ولكن إدارة التراخيص كان لها جهد مشكور فى ضبط مثل تلك العمليات قبل ذلك.
■ هل هناك إحصائيات بعمليات زرع الأعضاء؟
- زرعنا ما يقرب من 600 حالة كبد و10 آلاف حالة كلى.
■ هل هناك زراعة أعضاء غير الكبد والكلى؟
- حالياً مفيش.
■ لماذا زراعة الكلى منتشرة؟
- لأنها أسهل وأكثر شيوعاً والطلب عليها أكثر وتكلفتها أقل، وعمرها 20 سنة، فهى قديمة، أما الكبد فعمر عملياته لا يتعدى 6 أو 7 سنين، وزراعة الكبد لا بد أن تكون من الأقارب، وصعب أن يكون المتبرع غريباً، ولذلك فهى محدودة جراحياً وكلها مسائل فنية، ولكن الكلى لا توجد بها هذه الموانع.
■ هل هناك مواصفات للمتوفى حديثاً؟
- لابد من موت جذع المخ، وهناك 15 مواصفة لموت جذع المخ، منها رسم المخ وقياس نسبة الغازات فى الدم ورسم حدقة العين، ويجب أن يحددها أطباء ثقات.
■ وما الحل إذاً؟
- أن تهتم الوزارة باللجنة ويعاد تنشيط اللجنة العليا والأمانة الفنية مع التراخيص الطبية.
■ وهل نحن نحتاج لرقابة أكثر على المنشآت الطبية الخاصة؟
- بالتأكيد نحن نحتاج لرقابة أكثر على المنشآت الخاصة لأنها التى يكثر بها مثل تلك الجرائم.