«محمد والشنطة» رحلة كفاح عمرها 20 سنة
«محمد» أمام شنطته التى تعتبر رأس ماله
رفيقان فى الكفاح لما يزيد على 20 عاماً، يتنقلان من شارع إلى آخر ومن ميدان إلى غيره كل يوم، حقيبة قماشية سوداء تحفظ أوراقه المهمة، وتحوى رزقه، أى نوع كان، بدءاً من شرائط الكاسيت مروراً بالأسطوانات الرقمية والميداليات الفضة والأوشحة الصوفية، شاهدة معه على تغيرات ارتبط بعضها بالتكنولوجيا وأخرى بالأحوال المادية.
من محافظة البحيرة خرج الشاب محمد صباح، لا يملك إلا حقيبته القماشية وبضعة جنيهات، ترك زوجته بالمحافظة أملاً فى الحصول على عمل بالعاصمة بعد أن ضاق ذرعاً بالعمل فى المطاعم، كانت أشرطة الكاسيت فى ذلك التوقيت الأكثر رواجاً ولأنه لم يملك كشكاً، فقد ملأ حقيبته بها وراح يتنقل فى الشوارع عارضاً الأشرطة على الجالسين بالمقهى أو رواد الطرق: «الشريط كان ليه قيمته فى التوقيت ده وبيتباع بـ2 جنيه ونص»، من غرفة ضيقة ببولاق الدكرور ينطلق الرجل صباحاً بحقيبته، يصل إلى المهندسين وفيصل والدقى ويصل أحياناً إلى العتبة ومرات أخرى إلى كرداسة، لا يخطط فى الصباح رحلة معينة تاركاً قدمه تأخذه حيث شاءت.
اختفت شرائط الكاسيت، فودع الرجل سلعته القديمة وراح يبيع الأسطوانات، لا شىء تغير عدا السلعة، فالحقيبة كما هى والطرق التى يسلكها هى ذاتها، أما البضاعة فأصبحت ميداليات فضية وسلاسل وجوارب: «رغم إنى بقيت 46 سنة بس لسه بلف على رجلى، مراتى وولادى قاعدين فى البلد بأرجع لهم كل شهر أقعد معاهم شوية وأرجع هنا تانى»، مع اقتراب الشتاء يغير «محمد» سلعته إلى أوشحة صوفية يصل سعر الواحد إلى 20 جنيهاً، وجوراب بـ7 جنيهات لكنه يشتكى من انخفاض الحالة الشرائية بسبب الأسعار.