معهد كارنيجي: بدأ العد التنازلي لـ"الانقلاب العسكري" في مصر
تساءل مقال نشره معهد كارنيجي للسلام الدولي، على موقعه الإلكتروني اليوم، في عنوانه "هل بدأ العد التنازلي للانقلاب العسكري في مصر؟"، والذي ربط كاتبه بين بعض المواقف التي مرت على الجيش المصري منذ الإطاحة بالرئيس السابق حسني مبارك، وتأثيرها على عقيدة هذا الجيش وطريقة تفكير قياداته، ملقيا الضوء على بعض معالجات القوات المسلحة للأمور السياسية منذ ثورة يوليو 1952.
استهل الكاتب مقاله ببسط تاريخي قائلا: "ذات مرة كانت هناك دولة تدار بحكم متنازع عليه، الأحزاب السياسية فقدت سمعتها، الاقتصاد في محنة عظيمة، والفساد استشرى في جنبات البلاد، وفي هذه الحالة استشعر الجيش الإهانة من النظام الحاكم، فتدخل وأطاح به، تلك كانت مصر في 1952، وهو الأمر الذي يبدو كالمشهد السياسي بمصر في 2013 أيضا".
واستكمل المقال في سرد المشهد الحالي، متحدثا عن شائعات منتشرة أكثر من أي وقت مضى، حول انقلاب عسكري وشيك، وذلك منذ أن رفضت حكومة الرئيس مرسي الوصول لحل وسط، مع حركة الاحتجاجات والمعارضة التي لا تزال نشطة في الشارع، مضيفا "الانقلاب العسكري أصبح موضة قديمة في هذا الجزء من العالم، حيث إن موجة تدخل الجيش في السياسات العربية انتهت منذ السبعينات، بالتالي فإن هذه الشائعات لا تأتي كمفاجأة"، ويردف "الجيش المصري كان متورطا في السياسات المصرية منذ أن عزل الملك فاروق في 1952، ومرسي هو أول رئيس غير عسكري، منذ ستة عقود زمنية".
ويمضي المقال في تحليله للأوضاع، بأن مرسي كان على رأس أولوياته إحكام السيطرة على أهم مؤسسة في البلاد، وهي القوات المسلحة، ويقول كاتب المقال "في غضون شهرين من توليه السلطة، كان قد أطاح بوزير الدفاع والقائد العام للقوات المسلحة حسين طنطاوي، وكذلك رئيس الأركان سامي عنان، ورغم ذلك، فقد عكس المتظاهرون الآن موقفهم، ويطالبون الجيش بالتدخل في المشهد، في حالة وجود الصراع وعدم الاستقرار".[FirstQuote]
ويتطرق الكاتب للانقلابات العسكرية في العالم العربي "الإحصائيات تخبرنا أن الانقلابات العربية تحدث في الغالب في فصل الصيف، شهري يوليو وأغسطس، وتقوم بها الأجيال الأصغر في الجيش لا الجنرالات، وعادة لا تهدف إلى تغيير النظام السياسي، بل في إزالة القيادة التي تعتبر وقتها فاسدة وغير ذات كفاءة، والأهم من ذلك أن الانقلابات تأتي عندما يجتمع الدافع إليها مع الجدوى منها".
ويكمل المقال طريقه مشيرا إلى أن "الدافع للقيام بانقلاب لدى الجيش ينمو، فقد تعرضت مؤسسة الجيش إلى الخطر أثناء نظام مبارك، وهو ما يفسر جزئيا عملها ضده في 2011، وتستمر المخاطر مع الانهيار الاقتصادي الذي تشهده البلاد حاليا، علاوة على ذلك فإن الجيش يرى نفسه ممثلا سياسيا مستقلا، بغض النظر عن محاولات مرسي للحد من نفوذه، وقد أكد الجيش في أكثر من مناسبة مسؤوليته تجاه مصر الدولة، وليست مصر الإدارة"، وتابع "تقول مصادر داخل الجيش المصري إنهم يشعرون بأن الشعب يناديهم للقيام بواجبهم الوطني، وأعلنوا أن هذا النداء الشعبي لابد أن يكون واضحا قبل التحرك، كما أن الانتقادات واسعة النطاق التي لحقت بالجيش، في الأشهر ما بين رحيل مبارك وتولي مرسي السلطة، تركت هذه المؤسسة مصابة ومفككة، وذلك لأنها غير معتادة على المواجهة مع الشعب، وهو ما يجعلها بحاجة لنداء واضح وقوي للتحرك".[SecondQuote]
وأكمل المقال على لسان نفس المصادر داخل الجيش "الانقلاب من شأنه أن يؤدي بالاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة إلى وقف برامج التعاون مع مصر، كما حدث مع موريتانيا في 2008، ومن شأنه أن يعرض الاقتصاد المصري الهش لخطر أكثر من الحالي، وبالتالي خلق مزيد من عدم الاستقرار"، ثم أضاف "وكما تنمو الدوافع والقدرة على القيام بالانقلاب العسكري، فإن الطريقة الوحيدة لمنعه هي تقليل جدواه، وذلك عن طريق إعادة بناء الاقتصاد وتعزيز شرعية الحكومة، إلا أن مرسي الآن يجاهد في الوقت الضائع لتحقيق ذلك".