«وليد».. «البهجة» التى غادرت قلب أسرته
لم يتغير شعورهم، بوجود ابنهم فى المنزل، ينتظرون لحظة دخوله من باب المنزل، ويتذكرونه وهو ينشر روح البهجة فى أركان البيت، حتى بعد أن صار مجرد صورة محاطة ببرواز داخل منزل، فى قرية بساط كريم الدين بمركز شربين الدقهلية، ومكتوب أسفلها المجند الشهيد وليد ممدوح.
فى إجازته الأخيرة أصيب صديق له فى حادث، ولم يكن من وليد إلا أن أعد حقيبة صغيرة له ثم توجه إلى المستشفى ليكون مرافقا لصديقه، هكذا تقول الأم: «كنت بقوله يا ابنى تعالى أقعد معانا شوية، يقولى ما تزعليش منى بس صاحبى تعبان ومحتاجلى ولازم أبقى جنبه هطمن عليه وأجيلكم على طول، ولما اطمن عليه فعلا رجع وقعد معانا ومكانش عاوز يسافر تانى مع إنى دايما كنت بقوله انت عامل زى الرحالة بتحب السفر ومتحبش تقعد فى مكان واحد أكتر من ساعتين، لكن المرة دى أكيد كان قلبه حاسس وكان عاوز يقعد معانا أطول فترة ممكنة».
يتذكر طارق الأخ الكبير لوليد قائلاً: «كنت مبحسش إنه أصغر منى أبدا، بالعكس ده كان صاحبى وكنت أستشيره فى كل كبيرة وصغيرة وكان بيعدى عليا أول ما ينزل إجازة من الجيش حتى قبل ما يروح البيت ونقعد نضحك ونهزر لحد ما نروح مع بعض».
تروى أسرته كلمات قالها وليد قبل استشهاده بأيام، لم تفهم معناها إلا بعد مرور الوقت، ويتذكر شقيقه: «وليد كان يردد كلمات اعتبرناها مزاحاً فكان يقول مش عارف ليه حاسس إن ولاد الكلب هيخونونا ويخشوا علينا»، لم يكترث طارق حين سمع تلك الكلمات من أخيه أن يسأله من يقصد، واعتبره مزاحا حينها.[FirstQuote]
تتعلق عينا الأب بسقف الغرفة أثناء الحديث عن الشهيد، وكأنه يناجى ربه سائلا إياه الصبر، وفجأة يهب واقفا ويتجه ناحية غرفة الشهيد وأحضر صورته، وظل ينظر إليها ويحملق فيها وكأنه يريد أن يدفن وجهه بين أحضان ابنه، لكنه يتيقن فى النهاية أنها مجرد صورة.
يقول الأب المكلوم: «عندما كان صغيرا كان لا يحب المذاكرة، لكنه فى الوقت نفسه يحصل على درجات عالية، ما كان يثير اندهاشى، وكان يقول لى ابنك ذكى يا بابا ما تقلقش عليه وفعلا هو الوحيد اللى فى ولادى اللى عمره ما سقط ولا سنة»، ويضيف: «كان مكان تجنيده على ميناء رفح البرى واتنقل للمكان اللى استشهد فيه قبلها بـ3 أيام بس عشان يقابل وجه رب كريم وهو صايم، وقبل ما يسافر قال إنه ناوى يخطب ويسافر يشتغل بره عشان يساعدنا لكن أمر ربنا نفذ».
كلمات لا يزال رنينها يدق كالجرس فى أذنى الأب، تلك التى تفوه بها الابن قبل سفره الأخير، قال لهم وليد ضاحكا: «أنا مصر كلها بكره هتتكلم عنى، ولا يتذكر أى منهم الموقف الذى قيلت بسببه هذه الجملة ولكنهم على الرغم من ذلك تذكروها جيدا بعد استشهاده».
يقول شقيقه: «أين حق الشهداء الذين راحوا من أجل الوطن، ولماذا لم يعلن عن المجرمين القتلة حتى الآن؟ والأغرب من ذلك أن تصريحات المسئولين فى الدولة صغارا كانوا أم كبارا، كلها وعيد بالانتقام من القتلة ووعود لذويهم بأمور لم تتحقق، وعدوا أشقاء الشهداء بوظائف لم يوفروها، ونحن لا ننتظر منهم شيئا إلا القصاص لإخوتنا، لأن ملايين العالم لن تعوضنا عن ضحكة واحدة كانت تخرج من فم وليد ولن تعوضنى عن أخ وصديق وفى، ولن تعوض أمى وأبى عن فلذة كبدهما، فإما يتوقف المسئولون عن إطلاق تصريحات لا معنى لها إلا الشو الإعلامى، أو يأتونا بالقتلة لتهدأ قلوبنا قليلا».
أخبار متعلقة:
263 يوماً.. و«لسه حقهم مارجعش»
الساعات الأخيرة لـ 16 شهيداً.. «حان وقت دخول الجنة»
«حامد».. تمسك بـ«شرف الواجب» حتى الموت
«حمادة».. الابن «البكرى» على 7 بنات
«إبراهيم».. «سند» العائلة الذى انكسر
«بغدادى».. فى انتظار القصاص
«حمدى».. «الموت» سبق «الكوشة»
«محمد».. شهيد 21 رصاصة