«حركات الشارع».. انقسام واستقالات وفشل.. وجبهات تتصارع على «لا شىء»
تظاهرات الحركات الثورية فى 25 يناير «صورة أرشيفية»
بات المشهد السياسى فى 2017، أقرب لكونه «منزوع» الحركات والائتلافات الثورية الشبابية التى شهدت ثورة 25 يناير، أوج قوتها، وتصدرها المشهد، فما لبثت أن خفت صهيلها فى الـ3 أعوام الأخيرة لتشهد النهاية الفعلية للحركات سواء فيما يتعلق بالعمل الميدانى، أو حتى على شاشات التليفزيون، بعد أن دبت فيها «الصراعات والانشقاقات» سواء لخلافات سياسية أو خلافات إدارية.
كانت حركة «6 أبريل»، هى الأشهر صيتاً منذ ثورة يناير 2011، حيث كانت الحركة الأكثر وجوداً فى الفعاليات الميدانية، منذ 25 يناير حتى 30 يونيو، والأكثر سيطرة على الإعلام من حيث ظهور أعضائها، وبالأساس كانت تعانى من الانشقاق منذ يناير، بين جبهتى «أحمد ماهر»، و«الجبهة الديمقراطية»، وكان يظهر بين الحين والآخر بوادر لتقريب وجهات النظر بين الجبهتين، إلا أنها كانت تنتهى بالفشل، بسبب إصرار كل جبهة على تزعم خلية العمل السياسى الشبابى، ما دفع كلاً منهما للسير على نهجها، فالجبهة الديمقراطية لـ6 أبريل أعلنت منذ اليوم الأول لـ30 يونيو موافقتها على خارطة الطريق، فيما عقدت جبهة أحمد ماهر مؤتمرات صحفية، أبدت فيها رفضها تدخل القوات المسلحة فى الحياة السياسية (حسب تعبيرها) وقالت إن خارطة الطريق يجب أن تتم عبر آليات مدنية.
«6 أبريل» من الثورة إلى الإنعاش.. و«تمرد» أسقطت نظاماً وفشلت فى تأسيس حزب.. و«كفاية» لم يبق إلا اسمها.. و«جبهة 30 يونيو» انصهرت فى الأحزاب
نقطة التحول المصيرية داخل 6 أبريل، كانت بالقبض على الثنائى «أحمد ماهر ومحمد عادل» القياديين الرئيسيين فى الحركة، بتهمة الشغب أمام محكمة عابدين فى نوفمبر 2013، وحُكم عليهما بالسجن، حيث قضى «ماهر» 3 سنوات فى سجن طرة، بتهمة إثارة الشغب والاعتداء على رجال الشرطة، ولم يخرج إلا منذ أسبوعين، وما زال «عادل» حتى الآن يقضى مدة سجنه التى بلغت 5 سنوات، وأعقب ذلك القبض على عمرو على، أحد مؤسسى الحركة ومنسقها العام، بتهمة إثارة الرأى العام، قبل أن تأتى الكلمة الفصل فى مارس 2015، بقرار محكمة القاهرة للأمور المستعجلة بحظر حركة شباب «6 أبريل»، والتحفظ على أموالها ومقراتها، ما دفع الحركة إلى «بيات شتوى» والاختفاء، مع ظهور خافت فى مسيرات ومظاهرات «تيران وصنافير» الأخيرة على سلالم نقابة الصحفيين.
محمود عفيفى، وهو أيضاً أحد أبرز وجوه الحركة الإعلامية، قرر فى سبتمبر 2013، الاستقالة من عمله كمتحدث إعلامى للحركة لفترة طويلة، ورفض الإفصاح عن أسباب استقالته حفاظاً على ما سماه كيان «6 أبريل» مفضلاً الاحتفاظ بها لنفسه.
فى المقابل تحولت «الجبهة الديمقراطية» على الورق إلى حزب شباب 6 أبريل، تحت التأسيس، الذى لم يُشهر حتى الآن، رغم البدء فى إجراءاته حسب أعضاء الحركة منذ منتصف 2014، ليظهر بعدها الوجه الأبرز فى الجبهة «طارق الخولى» مرشحاً على قوائم «فى حب مصر» للانتخابات البرلمانية، ويحصد المقعد لاحقاً، فى ظل خبرات سابقة له، كونه أحد أعضاء شباب حملة الرئيس الانتخابية فى 2014، وحالياً يشغل منصب عضو لجنة بحث أوضاع المسجونين للعفو الرئاسى.
كانت حركة «تمرد» الشُعلة المفجرة لتحضيرات ثورة 30 يونيو 2013، التى جمعت نحو 22 مليون توقيع على استمارات إسقاط محمد مرسى الرئيس المعزول وإخوانه، وهى الآن تنتظر شهادة الوفاة الرسمية لكيانها، بعد انقسامها إلى 3 جبهات فى العامين الأخيرين، جبهة يتزعمها محمود بدر، النائب البرلمانى الذى انقطعت علاقته بالحركة منذ دخوله مجلس النواب، فى ظل محاولات منه على استحياء لتأسيس حزب يحمل اسم الحركة الشعبية العربية، إلا أنها لم تفلح حتى الآن.
يتزعم الجبهة الثانية لـ«تمرد» الثنائى محمد عبدالعزيز، وحسن شاهين، التى نشطت فعاليتها فى أثناء التحضيرات للانتخابات الرئاسية 2014، بدعمها المرشح الرئاسى السابق حمدين صباحى، قبل أن تعود إلى مقاعد المتفرجين، خصوصاً أن «عبدالعزيز» بات منشغلاً فى العامين الأخيرين بعضويته فى المجلس القومى لحقوق الإنسان، فضلاً عن انشغاله مؤخراً بعضويته الجديدة فى لجنة بحث ومتابعة أوضاع المسجونين من الشباب للعفو الرئاسى عنهم.
وتشكلت الجبهة الثالثة لـ«تمرد» تحت عنوان «تمرد جنوب القاهرة»، وهى كيان نشاطه الوحيد المستمر حتى الآن، نشاط البيانات الصحفية، تارة لإدانة حادث إرهابى، وأخرى لتأييد قرارات الرئيس، حيث تتذيل البيانات الواردة إلى البريد الإلكترونى للصحفيين، بتوقيع مؤسس تلك الجبهة المنشقة «محمد حسين»، الذى قال إن تأسيسه للحركة جاء بعد أن رأى هو وأعضاء -لم يحدد عددهم- أن محمود بدر انحرف عن الطريق الصحيح.
وشهدت الحركة، على مدار الفترة الماضية، عدداً من الاستقالات، حيث أعلن نحو 42 عضواً من أعضاء حزب تمرد استقالتهم، كان أبرزهم العضو المؤسس مصطفى السويسى، للخلاف على بعض الأمور داخل سياسات الحزب الذى لم يؤسس حتى الآن.
كان هدف تدشين كل من «تنسيقية وجبهة 30 يونيو» فى فترة مظاهرات المصريين ضد الإخوان هو استمرار كيانين سياسيين يعملان على تحقيق أهداف ثورة 30 يونيو، إلا أن أعضاءهما لم يستمروا فى العمل السياسى، وسرعان ما انضموا إلى أحزاب وتكتلات أخرى باحثين عن الدخول فى قوائم تلك الأحزاب لخوض انتخابات البرلمان، ما أدى لفراغ الحركتين تماماً لينضما إلى الحركات المنتهية التى لم يبق منها سوى الاسم فقط.
ظهرت حركات أخرى، اختفت مع الوقت بسبب قلة أعداد المنتمين إليها، منها «كفاية»، تلك الحركة التى كانت «أم» كل الحركات الثورية فى مصر منذ تدشينها فى 2005، وانبثق عنها كل النشطاء السياسيين، إلا أنها أصبحت الآن تعانى قلة شديدة فى عدد أعضائها بسبب الاستقالات التى قدموها فى عهد الإخوان، وبعد عزلهم عن الحكم، وبسبب انقسام قياداتها حول دعم الرئيس عبدالفتاح السيسى، وحمدين صباحى، فى انتخابات الرئاسة الأخيرة، حتى إن منسقها العام الدكتور عبدالحليم قنديل، أعلن دعمه للسيسى فى الانتخابات، وكذلك الدكتورة كريمة الحفناوى وغيرهما، ما أثار غضب العديد من شباب الحركة، وجعلهم يحاولون بناءها من جديد وتدعيم قواعدها فى المحافظات، إلا أن محاولاتهم باءت بالفشل، حتى باتت الحركة منتهية سياسياً، وموجودة اسماً فقط.
ظهرت فى أعقاب ثورة 30 يونيو، ما يسمى بحملة «امنع معونة»، وكان هدفها جمع توقيعات المواطنين للمطالبة بمنع المعونة الأمريكية عن مصر على خلفية نجاح حملة تمرد فى جمع توقيعات المواطنين لإسقاط «مرسى»، وتكونت الحملة من أعضاء أغلبهم يدعم حمدين صباحى، سواء على المستوى السياسى فى المعارضة أو فى انتخابات الرئاسة التى خاضها، ورغم نجاح الحملة فى جمع عدد من التوقيعات بعد 30 يونيو، إلا أنها توقفت بعد ذلك بسبب حالة الإحباط التى أصابت أعضاءها لعدم التفات الدولة والسلطة الحاكمة وقتها لتلك الحملة، بالإضافة إلى عدم حصولها على نفس الحظ الإعلامى الذى حصلت عليه حملة تمرد، ما جعل الحملة نفسها توقف نشاطها.
مرحلة الانتخابات البرلمانية فى 2014، كانت حجر الفصل فى علاقة الحركات الثورية بالسياسية، بعد أن انقسم عدد من شباب الحركات الثورية بين الإعلان مبكراً عن خوضهم الانتخابات البرلمانية مستقلين أو ضمن قوائم، أو مقاطعة الانتخابات من الأساس، حركة 6 أبريل «جبهة أحمد ماهر» أكدت وقتها أن الحركة لن تعتزم ترشيح أحد من أعضائها للانتخابات البرلمانية، وفقاً لبيان التأسيس، الذى ينص على أن عمل الحركة يتمثل فى الضغط السياسى فقط، لا من أجل الوصول إلى السلطة، فى حين حاولت باقى التكتلات الشبابية البحث عن قائمة انتخابية، ولكنها لم تفلح.
فى منتصف 2015 ظهرت أصوات من الحركات الشبابية تتحدث عن ضرورة استخدام الأدوات الإصلاحية وممارسة السياسة عن طريق توفيق الأوضاع الذى يمكن أن يكون مساراً ملائماً لطبيعة المرحلة الحالية بشرط توظيفه لصالح تحقيق مطالب الثورة، بشكل لا يخل بطبيعتها كجماعات ضغط ورقابة، وظهرت أصوات أخرى تعتبر أن الاحتجاج والنزول للشارع كان فى المرحلة الأولى من الثورة التى تضمنت هدم نظام قديم فاسد، وأن الآن مرحلة بناء الدولة، وعلى الشباب أن ينخرطوا فى مرحلة البناء وسد الفراغ السياسى بشكل قانونى عبر الأحزاب السياسية.
الظهور الأخير للحركات الثورية، كان فى أبريل 2016، بعد أن دعت مجموعة من الحركات الثورية للنزول يوم 25 أبريل، فيما عرف بتظاهرات «تيران وصنافير»، فقد تم تدشين حملة باسم «مصر مش للبيع»، تتحدث عن أن التفريط فى الجزيرتين، سيضاف للسياسات التى تضر باستقرار وسلامة الوطن، وتمس سلبياً احتياجات المواطنين المعيشية والحياتية والصحية والتعليمية، وفى كافة المجالات الأخرى.