عقب إعلان تفاصيل قرض الصندوق الدولى.. تحذيرات من «البرود» الحكومى فى التعامل مع أزمات مصر الاقتصادية
«لاجارد» خلال مشاركتها فى اليوم التانى للمنتدى الاقتصادى العالمى «أ . ف. ب»
أكد خبراء اقتصاد، عقب كشف صندوق النقد الدولى عن تفاصيل اتفاقه مع مصر لمنحها قرضاً بقيمة 12 مليار دولار على 3 سنوات، أن الحكومة المصرية لم تستفد من قرار تحرير سعر صرف الجنيه أمام العملات الأجنبية والعربية «التعويم»، مؤكدين أيضاً أن البنك المركزى لن يتدخل مجدداً فى سعر الصرف، خاصة مع إعلان صندوق النقد أن توقعاته الاقتصادية لمصر بعد تحرير سعر الصرف جاءت مغايرة تماماً.
«الفقى»: الجميع صار يعرف و«الفَتْى» انتهى.. «رضا»: الحكومة أصبحت ملتزمة بتنفيذ الإصلاح الاقتصادى تحت إشراف دولى
وقال الدكتور فخرى الفقى، المستشار السابق بصندوق النقد الدولى، إن إعلان الصندوق عن تفاصيل اتفاقه مع مصر لمنحها القرض جعل الجميع يعرف ما يدور بخصوص هذا الموضوع، وأوقف تدخل الكثيرين فى أمور يجب ألا يفتى فيها إلا المتخصصون، موضحاً أنه لا يوجد ما يمنع الصندوق من نشر وثائق قرضه لمصر طالما حصل على موافقتها، إلا لو أن هناك اتفاقاً يخالف ذلك، مع العلم بأن «الصندوق» سيكون ملزماً بنشر تقرير الخبراء الذى يتم التوصل إليه مع مصر قبل منحها القرض، وكذلك تقارير المراجعة الدورية والشروط التى قرأها الجميع فى بنود الاتفاق، والمتمثلة فى تدخل الحكومة لترشيد دعم الطاقة، وتوحيد سعر الصرف، مشيراً إلى أن تدخل الحكومة لفعل ذلك كان يجب أن يسبق الاتفاق مع الصندوق، وحذر «الفقى» مما سماه «البرود» الحكومى فى التعامل مع الأزمات الاقتصادية المتلاحقة فى مصر، خاصة بعد إعلان تفاصيل القرض، مؤكداً أنه من خلال اتباع تلك النصائح التى تضمنتها البنود تستطيع مصر تجاوز أزمتها الاقتصادية. وقال محمد رضا، الرئيس التنفيذى لشركة «سوليد كابيتال»، إن «قرض صندوق النقد الدولى هو السبيل الوحيد لإنقاذ الاقتصاد المصرى بعد وصوله إلى مستويات متدنية وسيئة، إلا أن القرض تسبب فى حدوث تأثيرات سلبية واجتماعية على المواطنين، ولكن لا بد من الوقوف بجانب الإدارة السياسية والمجموعة الاقتصادية حتى نتجاوز تلك التأثيرات، خاصة بعد وصول الفجوة التمويلية لبرنامج الحكومة إلى أكثر من 30 مليار دولار خلال السنوات الثلاث المقبلة، والتزامها بتنفيذ خطة للإصلاح الاقتصادى تضمن تحقيق التوازن المالى عقب التدهور المتوالى للأوضاع الاقتصادية، ونزيف الاحتياطى النقدى الذى بدا متماسكاً قليلاً بعد قرار التعويم»، وأضاف «رضا» أن أكثر شىء إيجابى من اتفاق مصر مع صندوق النقد الدولى للحصول على القرض، هو التزام الحكومة الإجبارى بتنفيذ برنامج إصلاح للاقتصاد المصرى تحت إشراف ومتابعة فريق من الصندوق، مما يضمن إنقاذه من الانهيار التام، وعدم تراجع الحكومة عن الاستمرار فى إصلاحه لأى أسباب، وهذا ما تضمنه فعلياً الاتفاق المعلن أمس الأول.
«إبراهيم»: لم ينتج عن «التعويم» إلا الغلاء.. و«فؤاد»: الحكومة تتعامل مع موافقات البرلمان كأنها «تحصيل حاصل»
من جهتها، قالت ريهام الدسوقى، كبير المحللين ببنك الاستثمار «أرقام كابيتال»، إن إعلان تفاصيل اتفاق القرض بين مصر وصندوق النقد الدولى أغلق الباب أمام أى اتهامات حول سير الحكومة فى طريق معاكس للتنمية الاقتصادية التى تستهدفها جميع بلدان العالم، لكن يجب على الحكومة ألا تتعجل فى اتخاذ قرارات رفع الدعم عن الطاقة، وتحرير سعر الجنيه، إلا عقب إتمام الاتفاق على القرض مع الصندوق، حيث أدى خفض الجنيه أمام الدولار إلى حدوث ارتفاعات شديدة فى جميع أسعار السلع، وفى نفس الوقت لم تتلق مصر تدفقات كبيرة من الاستثمار الأجنبى المباشر خلال العام الماضى، من خلال الطروحات فى البورصة وعلى رأسها بنك القاهرة، وهذه الضغوط المالية ستدفع الحكومة فى النهاية إلى رفع أسعار الطاقة مجدداً؛ لإنقاذ العجز فى الموازنة العامة. وأشار الدكتور هشام إبراهيم، الخبير المصرفى، إلى تصريحات صندوق النقد الدولى بأنه لم يكن يتوقع انخفاض قيمة الجنيه المصرى إثر تحرير سعره إلى المستويات الحالية، لافتاً إلى أن توقعات إدارة الصندوق لسعر الجنيه كانت أكبر من قيمته الحالية، وأضاف أنه رغم الانخفاض العنيف الذى حدث لسعر الجنيه وحدوث ارتفاع جنونى للأسعار أضرت جميع المواطنين، خاصة الفقراء، إلا أنه من المفترض أن يدعم ذلك التراجع نمو الاستثمارات الأجنبية والمحلية والسياحة والإنتاج والتصدير وتنافسية المنتج المحلى أمام الواردات بما يسهم فى ترشيد الاستيراد، وأكد «إبراهيم» أن «المركزى» لن يتراجع عن سياسة تحرير سعر الصرف، وأنه ترك الحرية للبنوك فى تحديد سعر الدولار بحسب آلية العرض والطلب ولن يتدخل فيها إلا فى حال وجود تحركات سعرية عنيفة انخفاضاً أو ارتفاعاً، وتابع الخبير المصرفى: السؤال هنا: «هل استطاعت الحكومة تحقيق نتائج إيجابية واستفادة من عملية التعويم بما يعزز قدرتها على التنمية وضبط إيقاع الاقتصاد خلال الفترة المقبلة؟»، الإجابة ستكون بالقطع «لا»؛ لأن الحكومة لم تنجح حتى الآن فى تحقيق نتائج إيجابية من «التعويم». وحول التفاصيل التى تطرق إليها صندوق النقد، أنهى «إبراهيم» كلامه قائلاً إنها لا تحمل جديداً؛ لأنها توضح فقط خطة الحكومة الاقتصادية، وهى معروفة للجميع ووافق عليها مجلس الشعب، وفيما يتعلق بموضوع دعم الوقود، فعملية ترشيد الدعم تلك ظلت مطلباً رئيسياً لخبراء الاقتصاد فى مصر على مدار سنوات طويلة مضت؛ بهدف إصلاح وهيكلة الموازنة العامة للدولة، بما ينعكس بشكل إيجابى فيما بعد على الاقتصاد ككل. وأخيراً، قال الدكتور محمد فؤاد، الخبير الاقتصادى وعضو مجلس النواب: «الحكومة وضعت فى برنامجها للإصلاح الاقتصادى بعض الإجراءات الخاصة التى تستلزم تعديلات تشريعية يقرها مجلس النواب، لكن الحكومة أدارت برنامج التفاوض مع الصندوق دون التنسيق مع البرلمان»، وأضاف: «كأنهم ضمنوا إقرارها من البرلمان.. أو كأن موافقة البرلمان تحصيل حاصل».