أسرة أبوشيتة لـ «الوطن»:لا دخل لنا بحادث اختطاف الجنود للمساومة على الإفراج عن أخينا
تميل الأم دائماً للبداية من منتصف الحكاية، وقتما دخلت على ابنها السجين أحمد عبدالله أبوشيتة، فلم يقف استقبالاً لها فى وقت الزيارة، ظل جالساً فى مكانه سانداً كفيه على ركبتيه بثيابه الزرقاء، بينما تتنقل عيناه بين أرجاء غرفة الزيارة، حتى انتبه إلى صوت أمه ثم يخبرها أنه أصيب بالعمى جراء التعذيب.. تقول الأم: «التفتُّ بعدها لمأمور السجن الذى كان واقفاً وقلت له: إيه ده يا باشا؟ فأجابنى فى هدوء: امسحيها فىّ.. أنا كنت فى إجازة»؛ بعد أيام وقع حادث اختطاف الجنود السبعة على طريق العريش رفح كى تُتهم أسرة أبوشيتة بالضلوع فى الحادث لعقد صفقة تبادل الجنود بأحمد السجين الذى أصيب بالعمى.[ThirdImage]
البداية يرويها السادات عبدالله أبوشيتة، شقيق أحمد المصاب بالعمى، عندما وقع حادث تفجير قسم ثان العريش فى يوم 29 يونيو 2011، الحادث الذى دخل أحمد السجن على خلفيته متهماً بالمشاركة فى تفجيره، يقول السادات «يوم ضرب وتفجير قسم ثانى العريش، كنا بالكامل مجتمعين فى بيت لنا فى العريش كان يوم 29 يونيو 2011؛ وكانت هناك مشكلة بين شخصين يسعى «حمادة» للإصلاح بينهما بحضور كل إخوته، وسمعنا كأى شخص آخر بما حدث لقسم الشرطة، وبشهادة الشهود فأحمد لم يخرج من شقته التى كنا معه فيها وقت الحادث، لكنه اتُهم لاحقاً بالمشاركة فى تفجير القسم وتم القبض عيه وإيداعه السجن ومحاكمته بـ25 سنة سجناً، كما اتُهم معه أخوه إبراهيم 21 سنة الطالب بجامعة الأزهر كلية الشريعة والقانون لكننا هرّبناه كى لا يكون مصيره كمصير أخيه».
بعد فترة قررت الشرطة القبض على أحمد أبوشيتة، الذى نسبته إلى إحدى الجماعات التكفيرية، وكانت طريقة إلقاء القبض عليه -كما يقول شقيقه السادات- غير لائقة «فقد اقتحم الضباط منزل أخى، وقاموا باقتياده بشكل مهين رغم أنه لم يقاومهم ورغم أننا أنا وشقيقى أحمد قمنا بتأمين عدد من الضباط فى منازلنا وقت الثورة، وقت الهجوم على أقسام الشرطة، ورغم أننا قمنا بتأمين مأمور القسم نفسه الذى اتُهم أخى بتفجيره وكذلك معاون المباحث فى القسم».
اقتيد أحمد أبوشيتة إلى خارج منزله، ومنه إلى سيارة مدرعة انطلقت به وسط حراسة مشددة بحسب ما يصرح به شقيقه إلى مديرية الأمن، «الغريب والمهين فى وقت واحد أن أحد الضباط قام بتفريغ ذخيرة سلاح الرشاش فى سيارة أخى بعدما قبضوا عليه، لم نعلم إلى الآن لماذا أقدم على هذا الفعل الغريب».
أم أحمد تذكر أن «أسرة أبوشيتة مضطهدة من الحكومة منذ سنوات، حتى إن ثمانية أشقاء بينهم أحمد أبوشيتة كانوا قد اعتُقلوا عام 2004 على خلفية حادث التفجير الذى وقع فى مدينة طابا، ووقتها تضرر أحد إخوته (السادات) بأن أصيب بعجز فى قدمه بسبب التعذيب لكنه عولج منه لاحقاً».
تنقل أحمد أبوشيتة بعدما تم إلقاء القبض عليه فى منزله بمدينة الشيخ زويد بين عدد من السجون، حيث يقول شقيقه السادات «وقتما قُبض على أحمد تم نقله بطائرة من مديرية الأمن إلى القاهرة، بقى فترة فى سجن العقرب، وبعض الوقت انتقل إلى سجن أبوزعبل، وانتهى به المطاف فى ليمان طرة، وهناك لقى ألواناً من التعذيب مختلفة».
وعن أشكال التعذيب التى يدعى أن أخاه تعرض لها يقول السادات «ذات مرة لما وصلت لأحمد لم أتعرف عليه بسبب آثار التعذيب، لا يجلس بثيابه الكاملة وسط كمية الرطوبة والبرد التى يجلس فيها، وعندما دخل استقبال سجن طرة تعرض للتعذيب جلداً وصعقاً بالكهرباء وبآلات تعذيب مختلفة الأسماء منها المسطرة والفلنكة».
«على غير العادة لا يُسمح لنا دائماً بالزيارة، وزيارتنا تكون وسط حراسة، وتشديد أمنى، والضباط القائمون بتأمين أحمد وقت الزيارة يقومون بإهانته أمامنا وأمام أمه وزوجته باستمرار وعندما نترك طعاماً لأحمد لا يصله وإن وصله فإن ذلك هو الأمر النادر، حتى إن أحمد دخل فى إضراب عن الطعام اعتراضاً على ما يلقاه من العذاب» يقول شقيق أبوشيتة.
بعد ثمانية شهور من بقاء أحمد أبوشيتة فى السجن تقول أمه «زرناه وكل مرة يحدث أن يُهان أمامى وأمام زوجته، وعندما نعترض على أسلوب معاملته أمامنا وإهانته هكذا كان الضابط يقول لأحمد: ينفع كدة المدام تكلمنا كده؟ فكان يقول له يا باشا دى أمى ويطلب منه عدم مخاطبتى بتلك اللهجة، ومرة قال له الضابط: أنا هخليك تشرب معايا بانجو، فرد عليه أحمد أمامنا: دينى يا باشا يمنعنى من الحاجات دى، فباغته الضابط بالقول: لكن أنا هخليه يسمح لك.. لحد ما تقول لى فين السلاح مخبيه».
تذكر أم أحمد أن ابنها «ترك وراءه زوجة وأربعة أبناء بينهم ابن معاق، وحالتهم الآن صعبة لأن وجود الأب والزوج مختلف عن أن يعول الأطفال أعمامهم، الأب له وضعه الخاص ودوره الذى لا يمكن لأحد تعويضه».
اكتشفت الأسرة فى الزيارة الأخيرة أن أحمد أصيب بالعمى جراء التعذيب مثلما يذكر «فايز» الشقيق الأكبر لأحمد، «يرضى مين إننا نُضطهد بهذا الشكل المبالغ فيه من قبل الحكومة؟ يرضى مين أن نلقى هذا الشكل من التعذيب لدرجة أن يُعاق أحد أشقائنا وأن يُصاب آخر بالعمى».
عندما اكتشفت الأم إصابة ولدها بالعمى ثارت فى وجه مدير السجن، وتذكر أنه رد عليها قائلاً «خلاص امسحيها فىّ أنا، وأنا أصلاً مكنتش موجود فى السجن وقت ما اتعمى، وإن شاء الله هنعالجه وهيبقى تمام» أثارت كلمات مأمور السجن الأم التى وجدت «صماداً أسود» نزل على إحدى عينى ابنها، واحمراراً شديداً فى العين الثانية».[SecondImage]
ينفى إسماعيل أبوشيتة، الشقيق الأصغر لأحمد أبوشيتة، كل ما يُروى عن تورط أسرة أبوشيتة فى اختطاف الجنود السبعة للمساومة على إطلاق سراح أخيهم أحمد «كل ما يُروى بهذا الشأن لا صلة له بالواقع، والحقيقة أننا لو كنا تابعين لإحدى الجماعات التكفيرية لما اندمجنا وسط الناس فى حى الصفا بالعريش، ولكان مستوى معيشتنا أفضل مما هو عليه الآن، لكننا نواجه الظلم ذاته منذ عهد النظام السابق وحتى الآن، وكل الإخوة الملتزمين دينياً يلقون نفس الشكل من الاضطهاد».
يُحمل فايز أبوشيتة، شقيق أحمد الأكبر، الرئيس محمد مرسى والحكومة ما حدث ويحدث لشقيقه أحمد فى السجن، وما لحق به من عمى، كما ينفى فايز عن نفسه أى تهمة «لم يحدث أننا قمنا باختطاف أحد فلو كانت لدينا الرغبة فى ذلك فلماذا لم نختطفهم لتخليص أخينا من أيدى الشرطة منذ فترة؟ قبل أن يصاب بالعمى مثلاً».
أم أحمد تردد دائماً ما يلقاه أحمد ابنها أمامها من معاملة تصفها بالمهينة «لا يصح أن يُهان ابنى أمامى وأمام زوجته، ولا يصح أن يجلس بيننا وسط حراسة لا نستطيع أن نتعامل معه بأريحية، نفس أسلوب المعاملة من أيام حسنى مبارك، حسنى مبارك لسة موجود فى الرئاسة لكن اسمه اتغير، ونفس الاضطهاد ملاحقنا رغم أن أبنائى حموا الكنائس وقت الثورة وحموا الضباط وحموا منشآت الدولة».
أخبار متعلقة
عائلة أحد الجنود المختطفين سافرت من المنوفية إلى سيناء للبحث عن ابنها
a