الأنفاق.. المتهم الأول فى إصابة أطفال «رفح» بالأمراض الصدرية
كيلومترات معدودة لا تتجاوز أصابع اليد الواحدة، هى كل مساحة مدينة رفح المصرية أقصى شرق البلاد، تحولت فى غضون شهور إلى «محجر» كبير، فأصبحت الفراغات داخل وحول البيوت مواقع لتخزين مواد البناء التى يتم غالباً تهريبها عبر الأنفاق التى تربط المدينة بقطاع غزة المحاصر.
خلال توجهنا إلى «رفح» سلكنا طريقاً جانبياً وعراً، وهناك بين منازل السكان تجد كثيراً من المساحات التى امتلأت بأكوام الحصى والزلط وشكارات الأسمنت وجبال من الأسمنت المفرغ عليها، يجرى العمل فى هذه المنطقة دون أية مراعاة لكونها منطقة سكنية.
لم تعُد مشكلات الأنفاق سياسية فقط، على حد قول الدكتور ضياء أبوجزر، طبيب الأمراض الصدرية والحساسية، فالتحولات التى طرأت على المنطقة فى الآونة الأخيرة خلفت مشكلات اجتماعية وصحية كبيرة، خاصة على كبار السن والأطفال.
وكشف «أبوجزر» الذى تستقبل عيادته بالعريش العديد من مرضى الصدر من مدينة رفح، عن أن نسبة الإصابة بهذه الأمراض فى منطقة الأنفاق تتراوح من «المتوسطة» إلى «الصعبة». وقال لـ«الوطن» إن المرضى الذين استقبلهم خلال الشهور القليلة الماضية قرروا الخروج من المنطقة الحدودية للسكن فى بيوت بعيدة نسبياً عن موقع الأنفاق التى حولت بيوتهم إلى محجر كبير.
وأضاف أن بعض الحالات التى يقوم بعلاجها تتطور من أمراض الحساسية الخفيفة إلى الأشد، محذراً: «فى حال استمرار الوضع على ما هو عليه فى الوقت الحالى، فإن كثيراً من الأطفال والراشدين دون العشرين عاماً سيتعرضون لخطر الإصابة بالسدة الرئوية ونوبات ضيق التنفس الحادة، ولذلك فإننى أطالبهم بالابتعاد عن منطقة تخزين مواد البناء الموجودة بالقرب من الأنفاق».
وأكد «أبوجزر» أن عدد حالات الإصابة بالأمراض الصدرية فى «رفح» فى تزايد مستمر مؤخراً بسبب وجود هؤلاء فى منطقة «العفار والأتربة» الناتجة عن تخزين «الحصمة أو الحصى والزلط» بالقرب من مسكنهم، مشيراً إلى أن نسبة الإصابة تعد كبيرة جداً بالمقارنة مع عدد السكان.
وأضاف أنه خلال فترة عمله التى تتجاوز 10 سنوات فى شمال سيناء لم ترِد إليه هذه الأعداد من المصابين بالأمراض الصدرية باختلاف درجاتها فمن المعروف أن أجواء سيناء هى الأنقى من بين محافظات مصر، قائلاً: «خلال عملى فى عيادتى أو مستشفى الصدر بالعريش مؤخراً لاحظت هذه الزيادة فى الإصابات من مدينة رفح، وكذلك فإن مستشفى رفح العام قامت بتحويل مصابى ضيق التنفس والتمدد الشعبى إلى مستشفى الصدر، وعلى الرغم من أن عدد الحالات الخطرة محدود فإنها المرة الأولى التى تظهر فيها هذه الأمراض فى سيناء».
وحول إمكانية تفادى المزيد من الإصابات، أكد «أبوجزر» أنه يطلب من المصابين الابتعاد والسكن خارج مربع عمليات نقل وتخزين الأسمنت والحصى وغيرها، قائلاً: «أطلب ممن يهمه الأمر أن يوقف عمليات تخزين مواد البناء داخل المنطقة السكنية برفح، وأطالب سائقى سيارات النقل بتغطية الحمولة وعدم السير بها فى شوارع رفح الضيقة وتفريغها دون غطاء وفى أماكن مكشوفة». وتابع: «ظهور هذه الأمراض خاصة مع إصابة العديد من الأطفال بالالتهابات الرئوية، على الرغم من أن جو سيناء يعد أنقى جو فى مصر يشير إلى وجود أزمة حقيقية قد تتفاقم فى الأشهر المقبلة».
أخبار متعلقة:
سيناء ما بعد «الثورة».. صاحب البيت غريب فى أرضه
«الوطن» بين «أهالى المعاناة» على القرى الحدودية
القبائل السيناوية تقطع طريق الشاحنات المتجهة إلى غزة احتجاجاً على تجاهلهم فى «مدينة حمد»